مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية زوار من وراء الضّباب من قصص التّشويق والخيال مهمّة صعبة وسط القاهرة ( الحلقة 9)

وفي الصّباح خرجوا من شقّ صغير تخفيه النباتات الكثيفة ، ونثروا المسحوق في الهواء ، ثمّ رجعوا إلى النّفق، وساروا مع بعضهم حتى وجدوا أنفسهم في دار وسط قرية صغيرة ،قال لهما الكاهن هذه دارنا منذ أقدم العصور وهي متصلة بالمعبد ،ولقد حرسته عائلتي وهي تنتهي في نسبها إلى الكاهن الأكبر الذي بناه وأخفاه على الأنظارولم يعلم بأمره لا اليونانيون ولا الرومان ولا العرب ولقد بقي المعبد على حالته كما كان في العصور القديمة ،و هلك الكثير من لصوص الآثار الذين حاولوا الدخول لتلك المغارة الأثرية ،ثم غير ذلك الرجل ثيابه واسمه مرقص القبطي ،وجاءت إمرأته بطعام وشراب فأكل فؤاد وسامح بنهم فهما لم يأكلا شيئا منذ أمس، ثم إستراحا بعد الليلة الطويلة التي أمضياها في المغارة.
ابتهج مرقص لما علم أن سامح مختص في الآثار الفرعونية وأنه شارك في عدة بعثات في الخارج لكن رغم علمه فلم يشارك في أي بعثة للتنقيب وعينته الوزارة أستاذا للتاريخ والجغرافيا ،وهنا تعرف على فؤاد وهو شخص لطيف .بسرعة أصبح الرجال الثلاثة أصدقاء وتعاهدوا معا على الحفاظ على سر المعبد ،فهو من الأماكن القليلة التي حافظت على طابعها الأصلي كما كان زمن الفراعنة وربما أيضا بعض المقابر التي لم تكتشف لحد الآن ،قال مرقص سأتنكر في زي ماسح أحذية وأتبع الرجال حول شقة فؤاد يجب أن أعرف هم يعملون لمصلحة من في الماضي حارب الكاهن الأكبر جميع المارقين على الدين والثائرين على فرعون ،ومثلما قضى أجدادي على كثير من الفتن وحموا شعبنا، فسأقوم بهذه المهمة وليحفظنا آمون رع وكلّ الآلهة ،ثم قام بصلاة قصيرة تكلم فيها بالمصرية القديمة ،
وكان سامح يسمع ويحاول أن يفهم كلامه وعرف أن طريقة نطق بعض الكلمات بعيدة عمّا تعلمه في الجامعة ،وعرف أنه سيستفيد كثيرا من مرقص فهو كنز ثمين من المعلومات ،خرج الرجل وعليه جبة وحذاء قديم ،وليكمل التنكر المتقن ووضع قبعة من القماش على رأسه، وسار في الشارع ولما إقترب من شقة  فؤاد رأى رجلين واقفين بعيد عن بعضهما فجلس قبالتهما وبدأ الناس يأتون لمسح أحذيتهم بينما عينيه لا تفارقان الرصيف الذي أمامه ،وفي النهاية جاءت سيارة أركبت الرجلين وأنزلت إثنين آخرين .أما مرقص فأشار إلى سيارة أجرة وطلب نن السائق أن يتبع السيارة التي أمامه وقال له أنه من البوليس وعليه أن لا يفتقد أثرها ،ثم بدأت المطاردة ،
كانت فكرة التاكسي ذكية جدا فكلها لها لون أبيض وأسود وماركة نصر ،لذلك لم يحسّ ركاب المرسديس السّوداء أن هناك من يتبعهم ،فلقد كانت الطرق مزدحمة بالتاكسيات لكن السيارة كانت مسرعة ،و بعد قليل إختفت فتوقف السائق محتارا لكن مرقص قال له على اليسار يا أسطى ،دار السائق وقال إن فقدنا أثرهم فستكون غلطتك لكن لم تمر بضعة دقائق حتى شاهدا المرسيدس واقفة أمام بناية فخمة ولما قرأ الإسم تعجب فلقد كانت شركة مروان نصّار للمقاولات العامة وهذا الرجل يملك سلسلة فنادق في الغردقة ،ومراكز تجارية بملايين الجنيهات ،ولا يوجد في مصر أو حتى خارجها لم يسمع عنه فأكبر محلات الجواهر في لندن ملكه
إستغرب مرقص كثيرا وطلب من السائق الرجوع به .لكن الرجل لاحظ حيرته ،وقال له أنا كل يوم في الطرقات وأسمع الكثير من الأخبار ،فمروان نصار له أنشطة غير مشروعة ،ويقال أنه يقيم طقوسا شيطانية ويحضر فها بعض الأغنياء والمشاهير من عالم الفن والسينما والسياسة ،وطبعا كل ذلك إشاعات هنا وهناك لكن لم يثبت عليه شيئ ،فأنت تعرف أن الأغنياء يدفعون بسخاء وإن لزم الأمر يتخلصون من أعدائهم …

يتبع الحلقة العاشرة والأخيرة

مع تحيات الكاتبة أليس مرولني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق