
آسام – الهند:
في إطار ما وصفته حكومة ولاية آسام بـ”حملات استعادة الأراضي”، تم هدم أكثر من 10,000 منزل تعود ملكيتها لأسر مسلمة، أغلبها من أصول بنغالية، مما أثار موجةً من الانتقادات الواسعة داخل الهند وخارجها، وُصفت بأنها عمليات تهجير قسري ممنهج.
استعادة أراضٍ أم تهجير قسري؟
أعلن رئيس وزراء الولاية، هيمانتا بيسوا سارما، عن استعادة ما يقرب من 25,000 فدان من “الأراضي الحكومية المتعدى عليها” خلال السنوات الأربع الماضية. إلا أن تقارير محلية وحقوقية أكدت أن الغالبية الساحقة من المتضررين هم من المسلمين البنغاليين، الذين يُنظر إليهم غالبًا كأهداف سياسية وديموغرافية في الولاية.
أرقام صادمة: أكثر من 10,000 أسرة مسلمة
تشرّدت
شهدت مناطق متعددة في الولاية، لا سيما دوبري (Dhubri) وغولبارا (Goalpara)، عمليات هدم جماعية أدت إلى تشريد عشرات الآلاف. ففي يوليو الجاري، تعرّضت قرية تشابار في دوبري لهدم نحو 1,400 منزل، ما تسبب في تهجير قرابة 10,000 شخص. وقد أشارت تقارير صحفية إلى أن الأراضي المصادرة – المقدّرة بـ 3,500 بيغا (نحو 450 هكتارًا) – ستُستخدم لإنشاء محطة طاقة حرارية ضخمة بقدرة 3,200 ميغاواط.
وفي منتصف يونيو الماضي، شهدت منطقة غولبارا هدم أكثر من 1,080 منزلًا، معظمها تعود لمسلمين بنغاليي الأصل، وذلك في عمليات تمت ليلًا ودون سابق إنذار.
المسلمون في آسام: أقلية مستهدفة؟
يشكّل المسلمون 35% من سكان ولاية آسام، وفقًا لتعداد عام 2011، وتتركز غالبيتهم في 11 مقاطعة تشهد توترًا متزايدًا على خلفيات عرقية ودينية، بالتزامن مع تصاعد الخطاب القومي الهندوسي. وتؤكد منظمات حقوقية أن هذه الحملات تستهدف المسلمين البنغاليين تحديدًا، الذين يُوصمون في الخطاب السياسي بـ”المتسللين” و”مغتصبي الأراضي”، رغم أن معظمهم مواطنون هنود منذ أجيال.
ردود فعل غاضبة:
لاقَت هذه الحملات تنديدًا واسعًا من قبل قوى المعارضة، أبرزها حزب الاتحاد الديمقراطي المتحد لعموم الهند (AIUDF)، متهمين الحكومة بانتهاج سياسات طائفية ممنهجة. كما خرجت مظاهرات طلابية حاشدة نظّمتها اتحادات مثل اتحاد طلاب بودو، مطالبةً بوقف “التهجير القسري” وتأمين بدائل سكنية إنسانية للمتضررين، خصوصًا مع دخول موسم الأمطار.
منظمات حقوقية: “تطهير عرقي بغطاء قانوني”
وصفت منظمات حقوقية محلية ودولية هذه العمليات بأنها “تطهير عرقي بصيغة قانونية”، حيث يُستخدم القانون كأداة لإقصاء فئة مجتمعية على أساس الدين والأصل العرقي.
ورغم تبريرات الحكومة بأن الهدف هو استعادة أراضٍ حكومية، فإن غياب الشفافية، والتعويضات، والتنفيذ المفاجئ، وترك العائلات في العراء، كلها عوامل تثير قلقًا بالغًا بشأن الجوانب الإنسانية والقانونية لتلك السياسات.
يأتي هذا التصعيد في سياق توتر سياسي وديني آخذ في التصاعد في الهند، وسط مخاوف متزايدة من تهميش الأقليات الدينية والعرقية، وتحوّل الآليات القانونية إلى أدوات ضغط وإقصاء ممنهجة.

