مقالات
يقول كاظم الساهر
عندما قرأت كلمات (أنا وليلى ) بقيت أبحث عن الشاعر خمس سنوات وعندما نشرت نداءً وإعلاناً لمعرفة مؤلف تلك القصيدة وجدت كاتبها رجل فقير مسكين وهو أستاذ لغة عربية يدرس في إحدى المناطق النائية ببغداد فعندما جاءني جلب لي القصيدة كاملة 355 بيت شعر و كان كل من يدعي أن هذه قصيدته يجلب لي بيتان أو أربعة أبيات من القصيدة فلما جاء حسن المرواني إلى الأستوديو وبدأت بتلحين القصيدة بدأ بالبكاء وقال لي أنا لست شاعراً
لأنني كتبتها تعبيراً عن حالة إنسانية مررت بها أيام الدراسة الجامعية لقد أعدت لي الذكريات
القصة:
حسن المرواني
من العراق
من مدينة ميسان
كان شاب من عائله فقيرة جداً
كان يشقى ويدرس ومرت الأيام
و أصبح من الطلاب المجتهدين في جامعه بغداد كليه الآداب كان إنسان بسيط متساهل صاحب لسان وكلمات براقة بسيط اللباس ولكن داخله كنوزاً من ماس
وقعت أنظاره على فتاة تسمى ليلى فأحبها وأحبته و اتفقوا على الزواج بعد التخرج وفي آخر سنة من العام الدراسي
أتت ليلى ومعها خطيبها صُدم حسن المرواني بعدها ترك الدراسه لفترة لكن من حسن حظه أنه لم يُرقن قيده وفي يوم التخرج دخل حسن المرواني يرتدي قاطاً أسوداً ولكن الدمعة مخنوقة بأعجوبة مكابرة يا مرواني سلّم على الأصدقاء وجلس معهم قليلاً من الوقت
كان قبل ذلك بيومين قد قال حسن المرواني لصديقه أشرف الكاظمي أنه كتب قصيدة لكن ليس بوسعه أن يقرأها
فقال له أشرف سنرى عزيزي من الأعز أن تقرأها أم تخسرني وبعد نصف ساعة من جلوس حسن المرواني على الطاولة مع أصدقاءه إذا بصوت ينادي ستسمعون الآن يا إخوان قصيدة من حسن المرواني فوقف حسن مندهشاً و الأنظار تتلفت إليه
أجبرته تلك الأنظار على النهوض فأمسك المايكروفون.
وقال : سألقي عليكم قصيدتي الأخيرة في هذه المسيرة
التفت ونظر إلى محبوبته بنظراتٍ يعلوها الحزن وخطيبها واقف بجانبها
وقال : ماتت بمحرابِ عينيكِ ابتهالاتي و استسلمت لرياح اليأسِ راياتي
جفّت على بابكِ الموصودِ أزمنتي ليلى وما أثمرتْ شيئاً نداءاتي
فقامت ليلى وذهبت وجلست في المقعد الأخير
ودموعها تحرق وجنتيها
عامانِ ما رفّ لي لحنٌ على وترٍ ولا أستفاقت على نورٍ سماواتي
أُعتّقُ الحبَ في قلبي و أعصرهُ فأرشفُ الهمَّ في مغبرِ كاساتي
نزلت أول دمعة من دموع حسن المرواني وبدأت عينه بالاحمرار
وقال: ممزق أنا لا جاه و لا ترف يغريكِ فيّ فخلّيني لآهاتي
لو تعصرين سنين العمرِ أكملها لسال منها نزيفٌ من جراحاتي
فنضر إلى ليلى وهي تقعد بأخر الرواق وقال لو كنتُ ذا ترفٍ ما كنتِ رافضةً حبي ولكن عسرَ الحالِ فقرَ الحالِ ضعف الحالِ مأساتي عانيتُ عانيتُ لا حزني أبوحُ بهِ ولستِ تدرينَ شيئاً عن معاناتي
أمشي و أضحكُ يا ليلى مكابرةً علّي أُخبي عن الناس أحتضاراتي
لا الناسُ تعرفُ ما أمري فتعذرهُ ولا سبيلَ لديهم في مواساتي
يرسو بجفنيَّ حرمانٌ يمص دمي ويستبيحُ إذا شاء ابتساماتي
معذورةٌ ليلى إن أجهضتِ لي أملي لا الذنب ذنبكِ بل كانت حماقاتي
أضعتُ في عربِ الصحرٍاءِ قافلتي وجئتُ أبحثُ في عينيكِ عن ذاتي
وجئتُ أحضانكِ الخضراء ممتشياً كالطفلِ أحملُ أحلامي البريئاتي
غرستِ كفكِ تجتثين أوردتي و تسحقين بلا رفقٍ بلا رفقٍ مسراتي
فقآل واا غربتااه مضاعٌ هاجرت سفني عني وما أبحرت منها شراعاتي
وصرخ
نُفيت و استوطن الأغرابُ في بلدي ودمرو كلَ أشيائي الحبيباتي
تأثر الجميع حد البكاء رغم انهم لا يعلمون انه يحب ليلى
فالتفت إليها وقال خانتكِ عيناكِ في زيفٍ وفي كذبٍ
أم غركِ البُهرج الخدّاع مولاتي
فراشةٌ جئتُ أُلقي كحلَ أجنحتي لديكِ فاحترقت ظلماً جناحاتي
أُصيحُ والسيفُ مزروعٌ بخاصرتي والغدرُ حطّم آمالي العريضاتي
و أنتِ أيضاً ألا تبتْ يداكِ إذا آثرتِ قتلي واستعذبتِ أنّاتي
من لي بحذف اسمكِ الشفافِ من لغتي إذن ستُمسي بلا ليلى
ليلى
حكاياتي
ترك المايكرفون واحتضنه أشرف
وقبّله وقال له ياويلي قد أدمع عين الناظرين إليه واختلط الأنين بالبكاء وخرج و بعد خمس دقآئق أغمى على ليلى ونقلوها للمشفى ورجعت بحالة جيدة.
ولكن كان لها أباً قاسياً جداً وخطبها لابن العم .
فذهب ابن عمها لحسن المرواني
وهو يبكي وقال
أنا آسف ماكنتُ أعرف بهذا والله
قد جرت أحداث هذه القصة في سنة 1979
ورحل حسن المرواني وسافر الى الإمارات بسببها وبقى هناك أكثر من سته عشر عاماً أما القصيدة فقد خُطّت على جدار جامعة بغداد وهي موجودة إلى الآن تخليداً لذلك الحب الرائع المحزن.
ولا عزاء لمن فقد حبيبه فقد صار العذاب والشعر طبيبه
الصورة للشاعر حسن المرواني وبجانبه ليلى الفتاة التي أحبها .