مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية وجدان التي عاشت مع الغزلان من الفولكلور البربري في المغرب تازروالت زواج الحبيبين الحلقة الثالثة والرابعة والأخيرة

الكاتبة : مارلي إيهاب

مرت الأيام ولهفة إبن السلطان تشتد حتى أتاه اليهودي بطبق من السمك والأرز لا يزال البخار يتصاعد منه وقال له اذهب وكل مع جاريتك لا شك أنها جائعة فلما رأته قادما إرتبكت فأول مرة ستجلس مع فتى طأطأت رأسها وعلت محياها حمرة الخجل وخيل لها أن الغزلان تضحك منها لكن الأمير إبتسم لها بحب وقال تعالي لنأكل ولقد أمرت بجزر وخس وبرسيم لغزلانك وما هي لحظة حتى جاء العبيد بالقفاف فجاءت لتأكل بعدما نظرت بعيونها الواسعة السوداء للأمير كأنها تشكره على معروفه وبسرعة زال الخجل عن وجدان ومدت يديها وبدأت تأكل وتثني على لذة السمك .
كان محمد ينظر إليها وقد علت وجهه البهجة وقالت له إملأ معدتك ولا تقلق فلن أهرب !!! فأكل شيئا يسيرا ثم أخذت قدحا ملأته بحليب غزالة وقالت إشرب وهات الباقي لكنه أجابها أنت الأول وفي هذه اللحظة علمت أن الأمير يحبها بصدق وربما ستتغير حياتها ولم يخب ظنها ففي الغد جاءها وأخبرها أنه ينوي الزواج منها قالت له على شرط تجعل هذه الأرض ملكا للغزلان ولا يدخلها أحد سوى أنا وأنت !!! قال لها ليكن الأمر كذلك  جاءت وجدان للقصر وأدخلوها للحمام ومشطت الجواري شعرها الطويل ولبست ثوبا من الحرير الأزرق ووضعن الأساور والخواتم في يديها والعطر على وجهها ثم جاءوا بها لقاعة العرش كان السلطان يتناقش مع ولده محمد وقد بان عليه عدم الرضا وقال كيف تتزوج من فتاة ليست من أبناء الملوك وماذا سيقول الناس عنا أجاب محمد إنها أميرة الغزلان وقد حمتها في رحلتها الطويلة ولم ينقص منها فردا واحدا أليس من يفعل هذا جديرا بالاحترام يا أبي
أجاب السلطان نعم ولكن قبل أن يكمل عبارته دخلت وجدان وقد تضوعت رائحة العطر في القاعة الكبيرة ولما رآها الأب بقي مندهشا من حسنها وهيبتها فقد كانت طويلة تظهر عليها علامات القوة والبأس رغم صغر سنها ولو لم يكن يعرف من هي لظنها من بنات أعظم الملوك فالټفت إلى إبنه وقال له إنس ما قلت لك عليه فإني قد أخطأت في حقها والآن عرفنا على عروسك فوالله لقد إزدان مجلسنا بحسنها ثم سألها السلطان عن قصتها فأخبرته بكل ما حصل لها وكيف ظلمها أبوها وأراد قټلها لكن مشيئة الله أرادت أن تنجو من الصحراء والسباع وتقود شعبها من الغزلان في رحلة طويلة في الصحاري والمفازات حتى وصلت إلى تلك الغابة وقابلت الأمير محمدفأحبا بعضهما من أول نظرة .
كان السلطان يسمع ويتعجب من شجاعة تلك البنت وقوتها ثم قال لها أعدك أن أعاقب المؤذن على لؤمه وإرجاع مكانتك بين أهلك.

أجابته شكرا لمولاي لكني أقسمت أن أتتقم منه بنفسي وأشفي غليلي ضحك وقال ما أشد بأسك يا جارية ومن حقك أن تأخذي بثأرك والآن هيا إلى الطعام والشراب !!! وخرج المنادي في الأسواق يصيح الأسبوع المقبل زواج الأمير محمد من وجدان أميرة الغزلان ففرح الناس وأحبوا أميرتهم لشفقتها على الحيوانات وطيبة قلبها وأقيمت الأفراح سبعة أيام وسبعة ليالي وحضر الملوك لتهنئة العروسين وحملوا الهدايا والتحف وكان من ضمنهم ملك طنجة ولما رآى وجدان أعجبته وهام بها حتى سلبت النوم من جفونه فلم ير مثلها رغم أن له العشرات من القيان والجواري .

وحين رجع إلى قصره بعث لها أحد عبيده يخبرها أن مملكة سيده عظيمة وسيكسوها بالذهب والجواهر لكنها لم تستجب له وطلبت أن يبتعد الملك عن طريقها وإلا ندم فلم يزده ذلك إلا تمسكا بها وبدأ يحيك في الدسائس لإبعادها عن محمد

يتبع الحلقة 4

حكاية وجدان التي عاشت مع الغزلان

من الفولكلور البربري في المغرب تازروالت 

على مائدة السلطان الحلقة 4 

وبعد أشهر ورزقت وجدان مولودا بهي الطلعة لكن ملك مراكش هو الوحيد الذي لم يفرح ودفع مالا لأحد جواري القصر لتدس السم في شراب الأمير لكن وجدان قالت لها هات الطبق سأسلمه له بنفسي !!! ويشاء القدر أن يحس محمد بصداع ويطلب منها إعطاء آنية الشراب للخدم ويسأل الطبيب أن يصف له أعشابا للألم !!! ولما شرب الخدم ماتوا كلهم إلا واحدا لا يحب نبيذ التمر ولما سألوه من أعطاكم الآنية المسمۏمة أجاب إنها الأميرة وجدان وبالطبع لم يصدق الأمير أن زوجته يمكن أن تفعل ذلك وإذا كانت تريد قټله فلماذا تعطي آنية الشراب للخدم من المؤكد أن هناك سر ا لا بد أن يعرفه ولذلك يجب أن يسألها فربما تعرف شيئا !!!

وفي المساء بحث عن وجدان لكنه وجد رسالة على السرير جاء فيها سنلتقي يوما وأثبت براءتي من هذه التهمة ومن التي قبلها مع المؤذن الناس لا تصدق إلا القوي وما بالك إذا كان المتهم امرأة سآخذ حقي بيدي أما أنت فاعتن بالطفل واحرسه جيدا فكلاكما في خطړ !!! إنزعج الأمير وأرسل فرسانه للبحث عنها في كل مكان لكن في ذلك الوقت كانت الفتاة قد إبتعدت في البادية وهي تلبس ثياب الرعاة وفي الطريق وجدت شيخا يرعى قطيعا من الغنم ويركب حمارا فنزعت من إصبها خاتما من الماس وطلبت شراء القطيع والحمار وما عليه من الزاد والماء ففرح الشيخ وباع لها كل ما يملكه واصلت وجدان رحلتها إلى مملكتها ومن بعيد رأت إمرأة من الجن تطبخ طعامها في قدر كبيرة فدنت منها وقالت لها أنا جائعة يا خالة !!! فأخذت الجنية صحفة وملأتها لها بالمرق واللحم .

ولما ذاقت وجدان

من تلك الصحفة أعجبها الطعام فلم تر في حياتها أطيب منه وسألت المرأة أن تعلمها كيف تطبخ وبقيت معها أياما حتى تعلمت منها كل شيئ .وفي الصباح لم تجدها فتعجبت وقالت في نفسها أين ذهبت ومعها تلك القدر الكبيرة ثم واصلت طريقها حتى وصلت لعاصمة المملكة فباعت القطيع والحمار واكترت دكانا وسط السوق وبدأت تطبخ ما تعلمته من تلك المرأة ففاحت الرائحة وكل من كان يمر يتوقف ويذهب ليأكل وبمرور الأيام اشتهرت بطعامها الشهي وكانت تعطف على المحتاجين والفقراء وتطعمهم في دكانها مجانا فدعا الناس لها بالخير وبلغ أمرها سلطان البلاد فإستدعاها لقصره لتكون رئيسة الطباخين مقابل أجرة كبيرة .

وذات يوم قالت له أريدك أن تستدعي على مائدتك مؤذن القرية الفلانية والتاجر حسن وسلاطين مراكش و أغادير و من حولهم !!! سألها باستغراب لماذا وما الذي تنوين فعله أجابته ستعرف في الوقت المناسب يا مولاي !!! وبعد أيام إمتلأت المائدة بالضيوف من مشائخ وأمراء وكانو ا كلهم في إنتظار الأطباق التي سمعت بها كل بلاد السوس ووضعت وجدان في طبق المؤذن وسلطان مراكش عشبة تفقد العقل ولما أكلا منها بدآ يضحكان ويمزحان وكانت وجدان  تخدم الضيوف بنفسها وقد أخفت وجهها بخمار لكي لا يعرفها أحد .

وكان الحضور ينظرون إلى عينها الواسعتين ويتعجبون من جمالها وتجرأ المؤذن الذي أسكرته تلك العشبة وطلب منها الكشف عن وجهها وشعر التاجر حسن وهو أبو وجدان بالحرج من المؤذن الذي كان يعتقد أنه إنسان صالح وتعجب المشائخ من سخفه أمامهم أما سلطان مراكش فكان أكثر وقاحة وطلب منها أن تحضر له خمرا وتسقيه وتغني لهم !!! توقف الضيوف عن الأكل وقد استاءوا من هذا السلوك المشين لكن وجدان إقتربت من المؤذن وقالت له إحك لنا عن أسوإ شيء فعلته !!! فبدأ يحكي عن الفتاة الجميلة التي كڈب على أبيها لييقتلها فأمسك التاجر حسن بعنقه وقال له ويحك أيها الوغد لن تفلت مني اليوم !!! أما سلطان مراكش فضحك وقال له أنا فعلت أكثر من ذلك فلقد أردت إفتكاك امرأة من زوجها ليلة عرسها فتصايح الناس وسبوه ورماه أحدهم بحبة طماطم على وجهه …

يتبع الحلقة 5 والأخيرة

حكاية وجدان التي عاشت مع الغزلان

من الفولكلور البربري في المغرب تازروالت 

انتصار الضعفاء الحلقة 5 

كثر الهرج على مائدة السلطان وفي هذه اللحظة خلعت وجدان خمارها وقالت هل تعلمون من هي الفتاة التي تعرضت لكل هذا الظلم هي أنا يا سادة !!! ولم يصدقني أحد لأني أنثى فتبا لكم. ثم خرجت باكية أما الحضور فبقوا واجمين وهم يتعجبون مما رأوه وسمعوه وفي الأخير قام التاجر حسن وجرى ورائها وضمھا لحضنه وبكى حتى تبللت لحيته وقال لها سامحيني يا إبنتي ما كان لي أن أشك في تربيتك لعڼ الله الشيطان وذلك المؤذن ورفع يديه إلى السماء وصاح إلهي إني أوكلتك عليه فخذ لي حقي منه وأحمدك أنك هديت إبني ولم ينفذ الحماقة التي أوصيته بها !!! أما سلطان أغادير فقال للفتى سلطان مراكش لم أكن أعتقد أنك لئيم ومخادع إلى هذا الحد وأبوك يرحمه الله لم يحسن تأديبك والآن قم واغرب عن وجهي !!! فخرج والناس تسب فيه وټلعن وقد إنفضح أمره وبانت خسته.

أما المؤذن فحاول التسلل والهرب لكنه زلق في قشرة برتقال كانت على الأرض فسقط على ظهره ولم يعد قادرا على الحركة فبدأ يصيح أنقذوني لم أعد أحس برجلي بالله عليكم أحضروا لي طبيبا !!! رمقه شيخ بطرف عينه وقال له متهكما الآن فقط تذكرت ربك ويحك فلقد أعطاك الصحة والعقل فلم تشكر وخنت العهد والأمانة والآن جاءك العقاپ هل كنت تعتقد أنك ستنجو من إثمك فسبحان الله الذي أعطاك على قدر لؤمك !!! ولم يكن سلطان مراكش الشاب  أحسن حالا فقد ثارت عليه الرعية وعينت مكانه عمه بعدما بلغهم عن أفعاله المشينة في حق جيرانه وخرج هائما على وجهه في المدينة وحين نفذ ما معه من دراهن لم يقبل أحد من أصدقائه بمساعدته وآخر مرة رآه الناس كان تحت حائط المسجد وهو يمد يده ويطلب الصدقة .

بعد ذلك اختفى ولم يسمع أحد عنه شيئا وعادت وجدان إلى قصر زوجها معززة مكرمة وسمعت كل المملكة بشجاعتها ودهائها فخرج كل الناس كبارا وصغارا وهم يرفعون أغصان الزيتون ويهتفون باسمها ويصيحون

مرحى ب لالة وجدان

أميرة البادية والغزلان

غلبت الضرغام في العرين

وقطعت بيدها رأس السرحان 

أخذت حقها أمام أعينكم

وأنهت الظلم الذي كان

لما سمعت وجدان الصياح ورأت الفرحة على وجوه الناس نزلت من حصانها والټفت حولها البنات والنساء وهن يزغردن ويصفقن فلقد أصبح لهن من يحمي كرامتهن وفرح الأمير محمد بامرأته ولم يكن يعتقد أن لها كل هذه الشجاعة والحكمة وبعد سنة أنجبت وجدان بنتا مثل القمر وربتها في الغابة ليصح بدنها وقالت لها ستكونين أميرة الغزلان من بعدي وتواصلين العناية بالفقير والضعيف ومن أكثر من المرأة يحس بآلام الغير ومن يعطي من صحته ومن روحه أكثر منها يا ابنتي !!! أجابتها سأفعل ما تطلبينه يا أمي !!! منذ ذلك الوقت لم يعد يجرأ أحد على اتهام الإناث بالباطل ومن يفعل ذلك يعاقب بشدة لقد أغلقت وجدان صفحة قاتمة كانت الإناث يعانين فيها من الذل والهوان ولزمن طويل كانت الجدات يحكين عن الفتاة التي غلبت المؤذن والسلطان وأخذت حقها بفضل ذكائها وشجاعتها …

مع تحيات الكاتبة ريهام

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق