مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية الصّياد والملك وبنت منصور وراء السّبعة بحور وعد السّلطان (حلقة 3 )

فرحت الأميرة بنجاتها فرحا شديدا ،وعانقت نسيم بلهفة، وشكرت له شجاعته. ثم ذهبت تجري لإخبار أبيها السّلطان بموت الثعبان. أما الولد فقد أزاح صخرة عن العين التي تنبع قرب المغارة ،فتدفق الماء في السّواقي الجافّة ،ثم ملأ قربة وعاد إلى بيت العجوز ، ولما رأت الماء معه تعجّبت ،وسألته من أين جاء به فردّ عليها من العين ،وقد قتلت الثعبان، وحررت البنت التي قدموها له !!! هذا ما كان ان من أمره، أمّا السلطان والحاشية فلما رأوا الأميرة أمامهم، سألوها بدهشة عن كيفية نجاتها ،فأجابت :لقد جاء فارس أقرع ،وأنقذني !!! فلم يصدّقوها ،فليس هناك من يقدر على الثعبان ذي السّبعة رؤوس لا الإنس ،ولا حتى الجان، فقالت لهم إذن أنظروا من النوافذ ،ولما أطلوا شاهدوا الناس تجري وتملأ الماء وقد علت تكبيراتهم. بعد أن سمع فرسان المملكة بما حصل، تسّلل كلّ واحد منهم إلى المغارة ،وأخذ رأسا من رؤوس الثعّبان وادّعى أمام النّاس أنّه من قتله ،لكنّ الأميرة سخرت منهم ،وقالت لأبيها : أين كان هؤلاء لمّا كنت أرتجف وحيدة في الظلام ؟
قرّر السّلطان الذّهاب مع الحاشية لرؤية الثعبان، ولمّا دخل المغارة ،أحسّ بالرّهبة، لكنّه إطمئنّ حين رآه ملقى على الأرض، فقال :سأجازي الفارس الذي خلّصنا منه بتزويجه من الأميرة !!! فتنافس فرسان المملكة فيما بينهم ،لكنّ السّلطان قال لقد مات الثّعبان بضربة سيف واحدة قسّمته نصفين ،ليجرّب كل واحد أن يقطعه، لكنّهم عجزوا جميعا ،فاحتار السّلطان، فبماذا سيخبر الرّعية التي تنتظر لترى من قتل الدّابة ،وأرجع لهم الماء !!! وبينما هو كذلك دخل ولد أقرع يلبس ثياب الصّيادين ،ثم قال :هؤلاء لم يفعلوا شيئا يا مولاي ،ثمّ سحب سيفه ،وأهوي به على الثعّبان فقطع رأسه السّابع ،وألقاه بين الفرسان الذين صرخوا من شدةّ الخوف ،ضحكت الأميرة ،وقالت يا لكم من جبناء ،التفت السّلطان إلى نسيم ،وقال له: ابنتي حلال عليك ،وهي دين في رقبتك، فاحرص عليها، فليس لي غيرها !!!
أجاب نسيم : ستكون وردة قلبي، وحبها سينبض في عروقي ،قال السّلطان بارك الله فيك ،سأقيم لك زواجا لم يسمع أحد بمثله وستجيئ للعيش معي في القصر ،أجابه عذرا يا مولاي: أنا صيّاد ويكفيني بيت صغير فيه كلب وبقرة ،لا أريد أكثر من هذا ،قال السلطان لا يمكن أن تقبل دلال ذلك وهي التي تعوّدت على الخدم والحشم ،لكن البنت قالت لأبيها : أنا موافقة يا أبي ،ولا يهمّ أين أعيش كل ما يعنيني أن يكون نسيم معي ،ووجوده قربي يشعرني بالأمان ،حك السلطان ذقنه ،وقال :إذا كان الأمر كذلك فلا مانع عندي، أرسلوا المنادي في الأسواق ليخبر الناس أن زواج الأميرة الشهر المقبل ،وليعلم الغائب الحاضر، لمّا رجعت دلال، قالت لها صديقاتها : ويحك كيف تقبلين بهذا الصّياد زوجا، وكل أولاد الأمراء يشتهون نظرة منك؟ ،ردّت علهنّ : آه لو رأيتن يا بنات كيف يخاف عليّ ذلك الولد، وعراكه مع الثعبان لأجلي ،لعرفتنّ لماذا أعشقه ،وأبي أيضا له نفس الرأي ،فهو لم يزوّجني إلا لمّا عرف مكانته و قدره .
بعد شهر تم العرس ،دامت الولائم والأفراح سبعة أيام بلياليها . وبعد الزّواج ، سكن نسيم والأميرة في بيت صغير خارج المدينة ،وصار يصطاد الحيوانات ،ويبيع فراءها للتّجار في السّوق ،أمّا دلال فتطبخ طعامها بنفسها ،وأحس الولد بالسعادة فكانت زوجته جميلة ،وتحبّه ،وهو لا يأكل إلا من يديها ،ولم يكن يعكّر عليه صفو حياته سوى غياب أخيه الذي يفتقده كثيرا …

يتبع الحلقة 4

مع تحيات طارق السامرائي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق