مقالات
قراءة في كتاب: القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (57)
بقلم: د. محمد طلال بدران - مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
بعد ستٍ وخمسين مقالة تناولنا فيها قصة العهد القديم والعهد الجديد؛ -التوراة والإنجيل- من خلال الرؤية البحثية العميقة الشارحة المُحللةِ الناقدة، وصلنا إلى الفصل الأخير في الكتاب، وهو الفصل الذي تناول فيه الكاتب الباحث الناقد موريس بوكاي آخر الكُتُب السماوية التي نزلت إلى الأرض على آخر الأنبياء والرسل محمد ﷺ، وقد تجرّد من الهوى والميل والزيغ عن الحق، وتناول هذا الكتاب الكريم تمامً كما تناول التوراة والإنجيل بكل حيادية وشفافية، والأصل أنه لو كان هناك ميل قلبي أو هوى لكان الأوْلى أن يكون نحو التوراة والإنجيل، فموريس بوكاي قد وُلد في بيئة مسيحية يهودية، وترعرع على معتقداتهما في أسرته التي نشأ فيها، وبيئته التي اتخذت من المسيحية منهج حياتها، ولكن كانت لله إرادة أخرى في هذا الرجل وهي أن سخّر حياته وهو يبحث عن الحقيقة التي تريح النفس وتهدي العقل إلى الحق، فوجدناه يتعامل بكل شفافية وحيادية مع جميع هذه النصوص التي يدّعي أصحابها أنها من عند الله سواءً نصوص التوراة أو الإنجيل أو القرآن، فعرضها على العقل والمنطق وركائز العلوم والمعارف الحديثة ليصل بعد رحلةٍ طويلة كباحث ومُحللٍ وناقد إلى النتيجة التي تجلّت لديه الحقيقة من خلالها، فاقتنع بها بكل جوارحه وأزالت من طريقه جميع الشكوك التي راودته، وواجه جميع من انتقده وحاربه وألقى عليه الحرمان وعلى كتابه الذي بين أيدينا، بالوسائل العلمية التي استخدمها في أبحاثه التي استغرقت سنين وسنين، ولكن دعونا نتعامل مع هذا الكتاب كما أراد هذا الرجل العالم الباحث الناقد ونتناول آخر فصوله الذي عنونه بِ “القرآن والعلم الحدث” (في الصفحة رقم: 141 من الكتاب)، وقبل الخوض في تفاصل ما كتب، لا بد أن نتناول مقدمته التي افتتح بها هذا الفصل حيث يقول فيها: “بداهةً يثير الجمع بين بين القرآن والعلم والدهشة، وخاصة أن المقصود في علاقة الجمع هذه هو التواؤم بين الإثنين وليس التنافر” ثم يضع السؤال الذي استهل فيه هذا الفصل وهو: ” ألا يرى الكثيرون في مواجهة كتاب دينيٍ بالمعطيات الوضعية التي ينتمي العلم إليها أمرًا بِدعيًا في عصرنا؟” واما اجاباته على تساؤله الذي قدّم فيه هذا الفصل فأتركها لمقالة الغد بمشيئة الله تعالى فكونوا على موعدنا المتجدد بارك الله فيكم.
– مقالة رقم: (1649)
25. ذو الحجة. 1445 هـ
صباحكم طيب، ونهاركم سعيد
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب).