مقالات

قراءة في كتاب: القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (45)

بقلم: د. محمد طلال بدران - مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى. وبعد:
بعد أن توقفنا عن هذه السلسلة لمدة يومين حيث تناولنا في مقالتين منفصلتين مناقب يوم عرفة ثم نفحات يوم الأضحى، ها نحن نعود من جديد لنواصل حديثنا حول قراءتنا لكتاب الدكتور الباحث الناقد موريس بوكاي: (القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة) وتوقفنا حينها عند خلق المسيح -عليه السلام- وبالتحديد تحت العنوان العريض لهذا الفصل والذي عنونه الباحث بعنوان: (الأناجيل والعلم الحديث) وأما موضوع هذه المقالة فهو: (شجرتا نسب المسيح)؛ -كما جاء في الصفحة: (101) من الكتاب- يقول الباحث الناقد بوكاي: ” تطرحُ شجرتا النّسب اللّتان يحتوي عليهما إنجيلا متّى ولوقا مشاكل تتعلّق بالمعقولية وبالاتفاق مع المعطيات الحديثة، ومن هنا فهي مشاكل تتعلق بالصّحةِ والدٍّقة، وهي مشاكل تُحرج جدًا المعلقين المسيحيين، فهم يرفضون أن يرَوا فيها ما هو بجلاء نتاجًا للخيال الإنساني، ولقد ألهم الخيال الإنساني كُتّاب سفر التكوين الكهنوتيين في القرن السادس قبل الميلاد في موضوع أنسال البشر الأول (آدم)، وهو أيضًا الذي ألهم متّى ولوقا بالنسبة إلى ما يستلهمه هذان الكاتبان من العهد القديم.
-وبادئ ذي بِدء يجب ملاحظة أن هذين النّسبَين من جهة الرجال معدوم المعنى فيما يتعلق بالمسيح، ولو كان من الضروري إعطاء المسيح نسَبًا وهو وحيد أمه مريم، وليس له أب بيلوجي، فيجب أن يكون ذلك النسب من جهة مريم فقط؛ -وقد أورد الباحث الناقد بوكاي هنا شجرة نسب المسيح التي جاءت في الإنجيلين المذكورَين إنجيل متّى ولوقا ابتداءً من آدم وحتى المسيح، ووصل عدد سلسلة نسب المسيح في إنجيل متى من آدم إلى عيسى(41) فردًا من نسله، وفي إنجيل لوقا وصل عدد الابناء في السلسلة ابتداءً من آدم إلى عيسى (77) من نسله.
* من الفروق حسب المخطوطات وبالنسبة إلى العهد القديم.
يقول الباحث الناقد بوكاي: إذا وضعنا جانبًا الاختلافات الإملائية فيجب أن نذكر:
أ- إنجيل متّى:
لقد زال نسب المسيح من النص المعروف بإسم: (كودكس بيزاك غانتابرغِنسز) مزدوجة اللغة (يونانية ولاتينية) ونرى هنا اختفاء النص اليوناني تمامًا، واختفت غالبية النص اللاتيني، وفيما يخص الجزء الضائع ربما الذي حدث هو مجرّد ضياع الأوراق فقط، ولا بد من الإشارة الى الحُريّة الكبيرة جدًا التي اتخذها متّى إزاء العهد القديم، فقد حذف الأنساب منه لاحتياجات تختص ببرهنة حسابية غريبة، وفي النهاية لا يعطي متّى هذا البرهان كما يتوضح في قادم الكلام؛ -بمعنى أن متّى تصرّف بسلسلة الأنيال من آدم إلى عيسى كما يرى هو وليس كما هي الحقيقة، فعيسى لا يوجد له أب بيولوجي، فكيف يضع هذا النسب لعيسى يا تُرى؟؟؟؟ وللحديث بقية تابعوها في مقالة الغد بحول الله ومشيئته.
– مقالة رقم: (1637)
11. ذو الحجة. 1445 هـ
صباحكم طيب، ونهاركم سعيد، وأضحى مبارك
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق