مقالات

الحرب والسلام..*

ابو طارق الحوَّاس..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
إنَّ الخلافات والنزاعات.. والحرب والسلام..
والصبر والثبات.. والعزيمة والإصرار..
والتعايش والمواطنة.. والتسامح والعفو..
مصطلحات نسمعها ونكررها دون وعي كاملٍ لمقتضياتها..
وعدمُ إلمامٍ منا بجميعِ ما تعنيهِ تلكَ العبارات..!!
ودونَ إدراكٍ لمدخلاتِ ومخرجاتِ ما تحتويهِ هذه الكلمات.. وما تحملهُ من تبعاتٍ وتحليلاتٍ.. قد يُستَنبَطُ من مدلولها الكثير من الأحكام.. بل يجب على الجميع أن يَعِيَ وَيَعمَلَ وِفقَ مُقتَضى تلك الأحكام..
وذلك لأن العقل البشري يقف عاجزاً عن إستيعاب ما يحدث حوله.. وحتى ما يجري ضمن دائرته..!!
كذلك يقصر الفهم عن تفسير آيات الثبات وعظيم التضحيات..التي تراها الأعين وتسمعها الآذان..!!
ويقف الفكر حائراً أمام فهم الصمود الأسطوري والتحدي المنقطع النظير.. لرجالٍ صدقوا ما عاهدوا الله عليه وباعوا أنفسهم لله..
فكثير منا يرىٰ بمفهومهِ الضيق.. أن رحى الحرب الدائرة الآن.. قد أهلكت الحرث والنسل..!! ودمرت الحجر وأفنت البشر.. وما أبقت ولن تذر..!!
حيث أنهم ينظرون إلى الواقع بمنظورٍ ماديٍ بحت.. ـ رغم الإعتراف بمرارة الواقع ـ ..
ولكن لو تحسسوا بعض الجوانب الإيمانية والعقديةُ.. وفهموا معاني المفردات العظيمة.. مثل الصبر والثبات والإستبسال.. والدفاع عن الأعراض والأوطان والمقدسات..
لهان عليهم فَهْمُ الأمر كله.. ولدفعوا من دمائهم وأموالهم أثمان الحرية والأنفة والشموخ..
وذلك أن فاتورة الحرية.. مرتفعة التكاليف وغالية الثمن..
وفي الحرب والسلام.. نجد أن القوي ليس من يكسب الحرب دائماً.. إنما الضعيف هو من يخسر السلام دائما..!!
وليس الضعيف ضعيف الجسم والبدن.. إنما الضعيف ضعيف الحجة والبرهان والقلم..
فمن نَفَدَ صبره.. قلت عزيمته.. ومن قلت عزيمته.. فقد حيلته.. ومن عدم الحيلة.. كان من الضعفاء..
فها نحن نرى كثيراً من الجنرالات تثقل صدورهم الأوسمة والنياشين.. ـ وللعلم ـ.. هي ألقابٌ للحمقى..!!
لٰكن معظمهم يدب الوهن في أركانه عند أول لقاء.. ويعدمون الحيلة والوسيلة.. وترتجف أوصالهم خوفاً.. وتَخِرُّ بهم أقدامهم من ثقل أوزان الأوسمة التي تزين صدورهم..
أما الرجال الرجال.. فلا يحتاجون إلى مثل هذا الزيف المقنع.. والأوسمة البراقة..
يكفيهم شرفاً أن يخلد التاريخ أسماؤهم في سجل الأبطال.. وأن يرضى الله عنهم في زمرة الصالحين..

فهذا خالد إبن الوليد ـ رضي الله عنه ـ لم يثقل صدره يوماً ما بوسامٍ واحد..!! وهو من اعظم قادة التاريخ.. ولربما يكون أعظمهم..!!
وما العجب في ذلك..!! فهو سيف من سيوف الله.. كما بشر به النبي ـ صل الله عليه وسلم ـ
وهذا أعظم وأرفع وأشرف وسام عرفه التاريخ لقائد..!!

وما نرى اليوم من ثبات وبطولات وتضحيات في ميادين الشرف والإباء في غزة وفلسطين.. وقد عَزَّ نظيرها في التاريخ.. لهو مبعثٌ للعز والفخار..!!

فهاهم رجال القسام والجهاد وإخوانهم من الفصائل الأخرى.. يذقون العدو المجرم.. مرارة الهزيمة ويلبسونه ثوب العار والإنكسار..
ليتجرع قادته قبل جنوده.. من كأس العلقم المر الذي أعده رجال المقاومة لهم..
وهاهو العالم الحر ينتفض على حكامه المجرمين.. ويساند أهل غزة وفلسطين..
فهم مصدومون ومندهشون من هول ما يرون ويسمعون من الآم فلسطين..
فطلاب الجامعات المنتفضين في بعض الدول سخطة لفلسطين ونصرةً لغزة.. هم إخواننا في الإنسانية والمواطنة الصالحة..
فهم طليعة المجتمع الحر.. ورأس الحربة في صدور أعداء الإنسانية.. وهم رديف المجاهدين في سبيل الحرية لتحقيق العدالة وإنتصار الحق..

أسأل الله العظيم.. أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين الظالمين ..
ويثبت اقدام إخواننا المجاهدين الأبطال في غزة وفلسطين.. وينصرهم على القوم المجرمين.. من اليهود والصليبيين ومن والاهم اجمعين..
اللهم آمين آمين آمين يارب العالمين..
محبكم في الله.. ابو طارق الحوَّاس..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق