مقالات

التماس العذر من القيم الأخلاقية/ بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر

( التمس لأخيك سبعين عذرا٠٠!! ) كل عام وحضراتكم جميعا بخير و سلام ٠٠

عزيزي القاريء الكريم بعد موسم حصاد الخير يبقى أن نتعرف على ( فلسفة فن الاعتذار ) التي هى عنوان الإنسان المتحضر الذي يقدر مشاعر الأخرين عندما تقع منه هنات أو بعض الأشياء التي لا ترجى قبولا شكلا و مضمونا في التعاملات المادية والمعنوية فيُصلح من ذاته و شأنه هكذا ٠٠
بعد إصابة المجتمع في كثير من أخلاقه المادية و المعنوية من خلال الاحتكاك و التعامل و تسيطر عليه الأنا و المصالح في عصر المنفعة ٠٠
و ذلك بسبب فقدان الثقة و الانتماء و الشعور بعدم الأمن و الاستقرار ظل يفسر في خوف وضعف كل ظاهرة و موقف إنما هو شر له و لا يتقبل من صاحبه أي فرصة للاعتذار و يأول كل نظرة أو كلمة خارج مسارها الطبيعي حتى لو خانه التعبير فالشعور بالقهر فلسفة عقيمة و شيء عجيب و من ثم جمعنا بعض الكلمات التي تجعلنا نلتمس العذر لبعض و لا سيما في هذه الأوقات الصعبة بالتأكيد ٠٠
و من ثم يقول صلى الله عليه وسلم:
” إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ” ٠
و يقول سيدنا عمر رضى الله عنه :
” لا تُظنن بِكلمة خَرَجَت مِن أخيك سُوءا تَجِد لها فى الخير مَحْمَلاً، وَضَع أمْر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يَغلبك ” .
وعن محمد بن سيرين أنه قال:
” إذا بلغك عن أخيك شىء فالْتَمِس له عذرا، فإن لم تجد له عذرا، فَقُل: له عذر ” ٠
وعن جعفر بن محمد الصادق أنه قال:
” إذا بلغك عن أخيك الشىء تُنْكِره فالْتَمِس له عُذْرا واحِدًا إلى سبعين عُذْرًا، فإن أصبته وإلاَّ قُل لَعل له عذرا لا أعرفه” ٠
و نختم بموقف تربوي للإمام الشافعي رضي الله عنه :
يوم مرض الإمام الشافعى رضى الله عنه فعاده بعض إخوانه، فقال للشافعى:
قوى الله ضعفك، قال الشافعى:
لو قوّى ضعفى لقتلنى، فقال الرجل مستدركا: والله ما أردت إلا الخير. فقال الشافعى ملتمسا له العذر بأخلاق العلماء: أعلم أنك لو سببتنى ما أردت إلا الخير.

و يقول الإمام الشافعي عن الاعتذار :
اقبَل مَعاذيرَ مَن يَأتيكَ مُعتَذِرًا إِن بَرَّ عِندَكَ فيما قالَ أَو فَجَرا لَقَد أَطاعَكَ مَن يُرضيكَ ظاهِرُهُ وَقَد أَجَلَّكَ مَن يَعصيكَ مُستَتِرا ٠

و يقول الفصيح المؤمل بن أميل :
إذا مرضنا أتيناكم نعودكم * وتخطئون فنأتيكم ونعتذر .

ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي حين قال :
رزقت أكرم ما في الناس من خلق * إذا رزقت التماس العذر في الشيم.
و أخيرا ما أجمل أن نطبق ثقافة و فقه ( الاعتذار ) قولا و عملا في حياتنا فهى من شيم الكبار وزاد الأتقياء الأنقياء ذات النية الطيبة الذين لا يضمرون شرا قط و يشعرون بالنقص و التربص فشعارهم التسامح و التواضع و قبول الآخر بطبيعته نحو تعاملاته المتباينة و المتفاوتة فالعقل يستوعب كل هذا وذاك و هذه نعمة الفراسة في استخدام وسيلة الاعتذار بقلب سليم عن يقين وقناعة من خلال تصحيح موقف ما دون خجل أو أدنى شك و غضاضة دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد إن شاء الله ٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق