مكتبة الأدب العربي و العالمي
تشايلد_رولاند الجزء الثاني
وتوجه الى امه الملكه الطيبه يطلب منها السماح له بالذهاب.
لكنها رفضت في البداية، لأنه
الوحيد الذي تبقى لها من أطفالها، وإذا ضاع منها، فسوف
تخسر كل شيء. لكنه توسل إليها، وأمعن في التوسل، حتى
سمحت له الملكة الطيبة أخيراً بالذهاب، وأعطته سيف والده،
الذي لم يضرب يوماً عبثاً. وإذ علقته حول خصره، قرأت التعويذة
التي ستحقق له النصر.
هكذا،
ودع تشايلد رولاند أمه، الملكة الطيبة، وذهب
إلى كهف الساحر ميرلين. قال للساحر: «مرة أخرى، مرة
أخرى، كيف يمكن للرجل أو ابن أمه، أن ينقذ بيرد إلين،
وأخويها التوأمين».
قال الساحر : «حسناً يا بني، هناك أمران لا ثالث لهما، قد يبدوان
بسيطين، ولكن من الصعب القيام بهما. الأول يجب أن تقوم به،
والثاني يجب ألا تقوم به. والأمر الذي يجب أن تقوم به هو هذا: بعد
أن تدخل أرض الجنيات، كل من يتحدث إليك، قبل أن تلتقي بيرد
إلين، يجب أن تخرج سيف والدك وتقطع رأسه. الأمر الذي يجب
ألا تقوم به هو هذا: لا تأكل لقمة واحدة، أو تشرب قطرة واحدة،
مهما كنت جائعاً أو عطشان، فأن تأكل أو تشرب في أرض الجنيات،
هذا يعني أنك لن ترى الأرض المتوسطة ثانية».
ردد تشايلد رولاند على نفسه هذين الأمرين مراراً، حتى
حفظهما عن ظهر قلب، وشكر الساحر ميرلين، ومضى في
طريقه. سار طويلاً جداً، ، حتى وصل إلى راعي
خيول ملك أرض الجن، وكان يرعى خيوله هناك. وقد عرفها
من عيونها الشريرة، وعلم أيضاً أنه في أرض الجن.
قال تشايلد رولاند للجني الراعي: «هل تستطيع أن تخبرني
أين هو البرج المظلم لملك أرض الجن؟».
كان الجواب: «لا أستطيع أن أخبرك، ولكن تابع سيرك قليلاً،
وسوف تلتقي راعي البقر، وربما استطاع أن يخبرك».
عندئذ، ومن دون كلمة إضافية، جرد تشايلد رولاند سيفه
الذي لم يضرب يوماً عبثاً، وقطع رأس راعي الخيول، ثم تابع
سيره، حتى التقى راعي البقر، وسأله السؤال نفسه.
فكان الجواب: «لا أستطيع أن أخبرك، ولكن تابع سيرك
قليلاً، وسوف تلتقي بالساحرة، مربية الدجاج، ومن المؤكد
أنها تعرف».
سل، عندئذ، تشايلد رولاند سيفه البتار، الذي لم يضرب يوماً
عبثاً، وقطع رأس راعي البقر . ثم تابع سيره إلى الأمام، حتى التقى
عجوزاً ترتدي جلباباً رمادياً، وسألها إن كانت تعرف أين يقع
البرج المظلم لملك الجن.
قالت له الساحرة: «تابع سيرك، قليلاً حتى تصل إلى هضبة
خضراء مستديرة، محاطة بمصاطب دائرية، من أسفلها حتى أعلاها،
و در حولها مرات ثلاثاً، عكس اتجاه الشمس، وفي كل مرة قل:
افتح يا باب! یا باب افتح!
ودعني أدخل.
وفي المرة الثالثة سوف يفتح الباب، ويكون بإمكانك
الدخول، عندئذ».
وإذ مضى تشايلد رولاند في طريقه، تذكر ما ينبغي عليه
فعله، فانتضى سيفه البتار، الذي لم يضرب يوماً عبثاً، وقطع رأس
الساحرة.
بعدئذ، تابع سيره، ومشى ، حتى وصل إلى الهضبة
الخضراء المستديرة، ذات المصاطب الدائرية من أسفلها إلى أعلاها،
ودار حولها مرات ثلاثاً، عكس اتجاه الشمس، مردداً في كل مرة :
افتح يا باب! یا باب افتح!
ودعني أدخل.
وفي المرة الثالثة انفتح الباب، ودخل، ثم انغلق خلفه، محدثاً
صريراً عالياً، ووجد تشايلد رولاند نفسه قابعاً في الظلمة.
لم تكن ظلمة بالضبط، بل نوعاً من الشفق أو الغبش. ولم تكن
هناك نوافذ أو شموع، ولم يستطع أن يتبين من أين يأتي الشفق، إلا
إذا كان من السقف، والجدران. تلك كانت قناطر قاسية، مصنوعة
من صخر شفاف، معشق بالفضة ونثرات الصوان، وغيرها من
الحجارة اللماعة. ولكن، ورغم أنها صخرية، فإن الهواء دافئ
تماماً، كما هو دائماً في أرض الجن. تابع سيره في هذا الممر، حتى
وصل أخيراً إلى بابين متحركين ضخمين، تُركا يحدثان صريراً.
حين فتحهما، رأى منظراً عجيباً مدهشاً لم يعهد له مثيلاً. قاعة
ضخمة واسعة ورحبة جداً حتى إنها بدت طويلة جداً، وعريضة
جداً، مثل الهضبة الخضراء ذاتها. كان السقف ينهض فوق أعمدة
صقيلة، ضخمة فاخرة، حتى إن أعمدة الكاتدرائية ليست شيئاً
بالمقارنة. إنها مصنوعة من الذهب والفضة، ومطلية بالزخارف،
وبين هذه الأعمدة، وحولها، أكاليل ورد، مصنوعة، خمّنوا من
ماذا؟ عجباً! من اللؤلؤ والمرجان وجميع الأحجار الكريمة، أما
يتبع ….. الجزء الثالث
من حكايا العالم الاخر