حكاية جلجامش ونبتة الخلود من الأدب السّومري أحلام الملك العجيبة (حلقة 2 )

بدأت البغيّ تكلم انكيدو : فقالت انت حكيم ،ومثل اله. فلماذا تسرح في البرّية مع الحيوا ن؟ تعال اخذ بيدك الى اروك, التي يحميها السّور، الى البيت المشرق, مسكن انو وعشتار, حيث يعيش جلجامش المكتمل الحول والقوة, المتسلط على الناس كالثور الوحشي. فرد عليها انكيدو بالقبول ولكنه قال سأتحدّاه ،واغلظ له في القول ،وسأصرخ في قلب اوروك: انا الأقوى،أجل انا الذي سيبدّل المصائر، وانا الذي ولد في البرّية ،و الاشدّ بين كلّ المخلوقات، فردّت عليه البغي :هلم نذهب كي يرى وجهك ،واحذر فجلجامش اشد بأسا منك ،وهو لا يهدأ في الليل ،ولا في النهار ،فأترك عنك غرورك، وتبجحك يا انكيدو ،و قبل ان نذهب من هنا سوف يراك جلجامش في الرّؤى حين ينام، ويعلم بأمرك .
في تلك اللحظة أستيقظ جلجامش ، وأخذ يقصّ على أمّه ننسون رؤياه ،وقال لها: يا أمّي لقد حلمت الليلة الماضية حلماً عجيبا ، ورأيت أني أسير مختالاً فرحاً بين الأبطال، فظهرت كواكب السّماء وقد سقط أحدها الي ،وكأنّه شهاب السّماء آنو ، لقد أردت أن أرفعه ،ولكنه ثقل عليّ، وأردت أن أزحزحه، فلم أستطع ان احرّكه. تجمع حوله أهل اوروك ، وتدافعوا عليه. واجتمع عليه اصحابي يقبّلون قدميه، انحنيت عليه ولم أقدر عليه وبعد جهد ورفعته بين يدي ،وأتيت به عند قدميك فجعلته نظيراً لي.،فأجابته أمه ننسون العارفة بكل شيء لقد رأيت ببصيرة قلبك ، وأما كواكب السماء وقد سقط أحدها عليك وكأنه شهاب،فستلاقي رجلا أقوى من في البراري وعزمه مثل عزم انو, وانما انك انحنيت عليه فمعناه أنه سيلازمك ولن يتخلى عنك, وهذا هو تفسير رؤياك .
ثم رأى جلجامش حلماً ثانياً فقصه على أمه: يا أمي رأيت رؤيا ثانية في اوروك, رأيت فأسا مطروحة وهي ذات شكل عجيب وكان الناس متجمعين حولها ولما ابصرتها احببتها وانحنيت عليها كأنها امرأة ثم جلبتها لك فجعلتها انت نظيراً لي فقالت له امه ننسون: وانما الفأس الذي رأيت فهو معناها رجل سيكون صديقك، وستحبه مثل أخيك. فقال لها جلجامش عسى أن يتحقق هذا الفأل العظيم.. أثناء كلام جلجامش مع أمه, كانت البغيّ تحدّث انكيدو، وهو يستمع اليها وعلّمته اكل طعام البشر وشرب شرابهم حتى بدأ يكتسب أوصاف الانسان. وطلبت منه أن يشرب من النبيذ القوي, فشرب سبعة اقداح فانطلقت روحه وانشرح صدره وطرب قلبه واضاء وجهه ومسح شعره بالزيت وأصبح انكيدو يساعد الناس على إبعاد الحيوانات المفترسة. وفي أحد الأيام رأى رجلا يجري فطلب من البغي أن تأتيه به ،ولما جاء سئله : لماذا هذه العجلة وكأن على رأسك الطير؟
فقال الرجل لقد أرسلني أهل المدينة للبحث عن انكيدو، فهو الوحيد الذي يقدر على إيقاف جلجامش، فلقد لقد اقتحم الملك بيت العرائس (حجرة للحبّ المقدس مع الألهة إيشكارا) وأحل في أروك العار والدنس،وهو لا يتردد في عمل المنكرات وأعمال السخرة ،ولا يستحي أن يدخل على الفتاة ليلة العرس قبل زوجها، ويزعم بأنّ الالهة قدّرت له هذا الأمر منذ ان قطع حبل سرته..وما ان فاه الرجل بهذا القول حتى امتقع وجه انكيدو ، ثم سار من حينه ،ومعه البغيّ حتى وصلا الى اوروك ذات الأسواق الواسعة وعندما رأه الناس تجمعوا حوله وقالوا : انه مثيل لجلجامش, انه أقصر قامة وولكنه أقوى عظماً. انه أقوى من في البلاد البرية وله بأس شديد, لقد رضع لبن بقر الوحش ولما هيء الفراش لـ اشخارا واقترب جلجامش ليجلس معها ولما كان جلجامش يتهيأ للقيام بهذه الشعائر الدينية صادف مجيء انكيدو فتصدى له ومنعه من دخول المعبد. وفي النص ما يشير الى أن أنكيدو أراد أن يقوم بذلك بنفسه) رأى جلجامش انكيدو الهائج الذي ولد في البادية ويجلل رأسه الشعر الطويل فانقضّ عليه ،وهاجمه …
…
يتبع الحلقة 3