مكتبة الأدب العربي و العالمي
الأميرة_الصامتة / الجزء الاول
عاش في الزمن الماضي سلطان ولم يكن له إلا ولد واحد، وكان
للأمير الصغير كرة ذهبية لا يكل ولا يمل من اللعب بها. وفي أحد
الأيام جلس في قصره يلعب كعادته لعبته المفضلة، فأقبلت عجوز
لتغرف الماء من النبع الذي كان يتدفق محدثاً خريراً أمام القصر
فاندفع ولي العهد وقذف بكرته على جرة المرأة فهشمها. ومن دون
أن تقول كلمة واحدة، جلبت وعاء آخر وجاءت إلى النبع. وللمرة
الثانية قذف الأمير كرته على الوعاء فكسره. فاستشاطت العجوز
غضباً، ومع ذلك فقد خشيت من ولي العهد ولم تجرؤ أن تتفوه
بكلمة، بل ذهبت وأحضرت وعاء ثالثاً اقترضته لأنها لم تكن تملك
نقوداً. عادت للمرة الثالثة إلى النبع، وكانت هذه المرة على وشك
أن تغرف الماء حين قذف الأمير بكرته فأصاب جرتها وهشمها
إلى قطع صغيرة. لم تعد قادرة على كتم غيظها، فاستدارت نحو
الأمير، وصاحت: «لن أقول شيئاً سوى هذا، يا أميري: فلتبتلى
بحب الأميرة الصامتة».
نطقت هذه الكلمات ومضت في سبيلها.
سرعان ما وجد الأمير نفسه يمعن في كلمات العجوز ويتعجب
مما يمكن أن تعنيه. وكلما فكر بها، استحوذت على عقله حتى
شرعت صحته تضطرب وتتوعك؛ فنحل وازداد ذبوله، ولم يعد
يجد أي شهية للطعام، ولم تنقض سوى بضعة أيام حتى وقع
مريضاً ولازم فراشه. لم يدر السلطان ماذا حل بابنه ولا ما أصابه،
واستدعي الأطباء والحكماء، لكن أحداً منهم لم يستطع أن يفعل
للأمير شيئاً.
وذات يوم سأل السلطان ابنه إن كان يستطيع أن يتذكر شيئاً
عن مرضه الغريب الذي كان يعاني منه. عندئذ وصف له كيف
أنه حطم جرار العجوز ثلاث مرات متتابعة، وأخبره بما قالته
العجوز له، وأخيراً أفصح عن اعتقاده أن لا الأطباء ولا الحكماء
يستطيعون أن يشفوه. وطلب من أبيه أن له بالذهاب
الطريقة
هي
للبحث عن الأميرة الصامتة لأنه شعر أن تلك
الوحيدة التي يمكن أن تحرره من بلواه. رأى السلطان أن الولد
لا يمكن أن يعيش طويلاً ما لم يشف من مرضه. لذا، وبعد تردد
طويل، سمح له، وكلف مربية بمرافقته في رحلته.
الجزء الثاني يتبع …