مقالات

ورد سؤال في كلمة (مدد) وجواز طلب المدد من الأولياء والصالحين ؟

أ. د. الطيب علي أبو سن.

أصل كلمة مدد في اللغة هي القوة والمعونة أو ما يُزاد به الشئ ويكثر
قال تعالي ” كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا”
إذا فإن الله خص أناس بالمدد من عنده والعطاء وطلب المعونه من الغير أمر لا خلاف فيه بالأساس فالمؤمنين يشد بعضهم بعضا والناجي يأخد بيد أخيه
(ولكن أي مدد نقصد أو مصدر الخلاف والشك)
إن مصدر قوة الولي المستقيم ليست من عنده بلا شك بل من الله قال تعالي في الحديث القدسي ” عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ اللهَ قال: مَن عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضتُ عليه، وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه: كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يُبصر به، ويدَه التي يبطش بها، ورجلَه التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه، وما تردَّدتُ عن شيء أنا فاعلُه تردُّدي عن نفس المؤمن، يكره الموتَ وأنا أكره مساءتَه»
لذا تخيل أخي الكريم أن الولي هو محل نظر الله و يري ويسمع ويتحرك بالله و ذو دعوة مستجابة وقد أمرنا الله تعالي بمجالسة الصالحين والدخول بينهم لعلنا يصيبنا خيرهم
فعن أَبي موسى الأَشعَرِيِّ : أَن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً متفقٌ عَلَيهِ.
(( تَبْتَاعَ مِنْهُ )) أي تطلب منه بشكل ضمني وواضح وصريح المدد ولكن المتشدقون والمتفيهقون والمتشددون يريدون بالكلمة المعني الذي يخدم فكرهم بتكفير من نطقها و إتهامه بالشرك الأكبر
فمن يطلب المدد من ولي ليس لذات الولي ولكن بسر عطاء الله له من علم وفهم وبصيرة وخبرة بمعرفة السبيل الي الله فهم المرشدون الي ذاته العليه بشهادة من الله ذاته قال تعالي “ومن يضلل فل تجد له وليا مرشدا”.
لذا فالمدد هو طلب للمعونة علي الطريق الي الله الذي هو ليس بالسهل ولما لا وقد قال تعالي ” اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم” إذا فالولي المستقيم مع الله نحن مأمورون بطلب معونتهم علي أنفسنا كي نهتدي لنفس طريقم قال تعالي ” وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا”
أما قصة طلب المدد من ميت أو أن الميت لا ينفع عامتا مردودة أيضا و إلا لأصبحت أنا وأنت وجميع من في الأرض جميعا من مسلمين يصلون من الفرائض خمسون وليس خمسة وذلك بكرامة سيدنا موسي (( وهو في عين الشرع ميت )) عليه وعلي نبينا المعظم صلوات الله وتسليماته
وعن كيفية مدد أولياء الله (الأموات في عين الشرع) فذلك بعلمهم وببركة قربهم الي الله تعالي فلن تجد سالكاً في طريق القوم إلا وقد حظي من أولياء الله المنتقلين علوم وأفهام وأسرار يشيب لها العقل ولا تجد فيها ما يخالف الكتاب و السنة ومن قال بغير ذلك فكلامه مردود ٌ عليه ومن خالف فقد تزندق وتفسق
وأيضا فلكل مؤمن شفاعة فعن أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضِيَ الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال “فيَشفَعُ النَّبيونُ، والمَلائِكةُ، والمُؤمِنونَ، فيَقولُ الجَبَّارُ: بَقِيَت شفاعتي”
فأصل الخلاف أنه لا خلاف ولكن كما ذكرنا انها آفة التشدد في الفهم.
والحمد لله رب العالمين

مقصد القول من المدد هو دلالةٌ على استبانة اجتياز عقبات الطريق، ولعل الخلط أحياناً يقع في عجز التفريق بين مدد الدلالة وبين مدد المعونة، وقد دلَّل عليهما العلماء بمثال من يقصد مكاناً ويجد من يدله على الطريق الذي يقوده إلى ذلك المكان، وبين ذلك الذي يقصد مكاناً ويجد من يحمله بمركبةٍ إلى ذلك المكان ، فالأول دلالة يخلع الله صفتها على من يصطفي من عباده ، والثاني معونة قد اختص بها ذاته العليه.
وبتعمقنا في قول الله تعالى : (وإنك لتهدي إلى صراطٍ مستقيم) وقوله( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) بتعمقنا في هذين القولين نزيل أثر لبس الخلط ، وتتضح رؤانا بعون الله وفضله.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق