مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية السّلطان وغصن الرمان الرجل القزم (حلقة 10)

نادت نسيمة رجلا ضئيل الجسم كان يخدم في القصر، وأعطته قصبة ،وأسهم غمستها في في سائل أ‌ييض ،ثم قالت له :سهم واحد يجعل فيلا ينام ملئ جفونه ،فإياك أن تخطئ قائدهم فرحان ،فما حصل لنا اليوم من خسارة هى بسببه !!! أجابها بدهشة : ألم تقولوا أنّه قد مات ؟ قالت له :ومنذ متى تعنيك هذه الأمور أيّها القزم ؟ ثمّ هزّت صرّة دراهم في يدها ،وقالت له : لو نجحت ،فهذا المال من نصيبك، وبإمكانك الزوّاج من جارية جميلة .سارالرجل بخفة ،ولشدة ضعفه كان لا يظهر بين الأشجار والنباتات ،ثم إختار شقا وسط صخرة وكمن فيه ،بعد قليل رأى فرحان على جواده ،مع الشّيخ جابر وابنته وقد خرجوا للصيد ،فقال في نفسه : السّلطان حيّ ،وتلك السّاحرة قالت الحقيقة ،وتردّد لحظة ،ففرحان كان كريما معه ،وأهل القصر يحبّونه ،لكن الطّمع أعماه ،والمكافئة كبيرة ،فانتظر حتى إبتعد السّلطان ،ثمّ تسلّل وراءه بصمت ،حتى صار وراءه ثم أطلق سهما ،فأصابه في رقبته ،وأحسّ الفتى أن الدّنيا تدور به ثم سقط على الأرض .
لكن في هذه اللحظة ظهرت غصن الرّمان ،والتفتت يمينا وشمالا ،فرأت الجواد واقفا ،وليس عليه أحد ،فنادت فرحان ،وأصاخت السمع ،ولم يكن حولها أيّ صوت أو حركة، فشعرت بانقباض في قلبها ،ولمّا مشت قليلا رأته مكوّما على نفسه وعيناه مفتوحتان وفي رقبته سهم، فأخرجت سيفها ،لكن سهما آخر أصابها في ذراعها ،فسقطت بجوار فرحان ،ثم جاء االرجل الضّئيل ،ولما رآها ظهر على وجهه السرور ،وقال لقد إصطدته مع إبنة شيخ العشيرة ،وسأطلب من تلك السّاحرة أن تزوّجني بفتاة مثلها ،فتلك الصرّة لا تكفي ثمنا لهما الإثنان!!! بعد قليل جاء رجال صفية وحملوهما في عربة، أمّا القزم فقبضوا عليه ووضعوه داخل كيس ،فلام نفسه عن خيانة سيده ،ثم قال: من حسن حظّي أنهم لم يبحثوا في حيوبي، ثم أخرج أداة حديديّة للحجامة ،وشقّ بها الكيس ، هرب ،وتمتم: سأصلح خطئي ،وأنقذ السّلطان ،وتلك الفتاة التي معه !!! لمّا إكتشفت السّاحرة فرار ذلك الرّجل ،أمرت بالبحث عنه في كل مكان ،لكنها لم تعلم أنّه لصغر حجمه تعلق بأسفل العربة .
هذا ما كان من أمر فرحان أمّا الوزير محمّد ،فظلّ يفكّر بحيلة للخروج من ضيعته المحبوس داخلها ،فصار يتودّد للحرّاس، ويعطيهم أفخر الطعام والشّراب، ثم أتاهم أحد الليالي ،وأخبرهم أنّ السّلطان لا يزال على قيد الحياة ،وأنّ هناك ساحرة تدبّر المكائد للحصول على كتلب سحر مخفي منذ أقدم الأزمان ولو وقع في يديها لحلّت عليهم اللعنة ،كان الجنود يستمعون، وقد علت وجوههم الدّهشة ،ثمّ سألوه : وما الدّليل على صحّة كلامك ؟ أجابهم: لقد تركت بضاعة عند التّاجر الفلاني، وفيها جهاز لعرس غصن الرّمان وسيّدي السّلطان، ولم أدفع بعد ثمنها ،بإمكانكم أن تتأكدوا من ذلك !!! بعد ساعة رجعوا، وقالوا له :ما ذكرته صحيح ،وكان هنا خاتمين منقوش عليهما إسميهما ،لكن ما العمل الآن يا وزير محمد ؟ أجابهم : أنشروا هذا الخبر في الأسواق ،ثم سنهجم على القصر، ونحرّر أعوان السّلطان المحتجزين في القبو، بعد ذلك نسير للبحث عن السّاحرة ،وقتلها !!! ولم يحن مساء الغد حتى سمعت كل المدينة بالخبر ،وانقسم الناس فريقين ،وكان الشيخ محمّد يدور ،ويحرّض العامّة على صفيّة فالتفوا حوله لما عرفوه عنه من الصدق ،ثمّ إتجهوا إلى القصر ،وهم يهتفون بحياة السّلطان …

يتبع الحلقة 11

قصص حكايا العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق