مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية #السلطان_وغصن_الرمان الجزء السابع الخنفساء الذّهبية (الحلقة 7 )

كان السّلطان واقفا مع الشّيخ جابر يتحادثان ،وعلم منه أنّ تلك الأعرابية التي خطفوه منها هي أمّه،و قد ماتت منذ زمن ،ووعده أن يريه أهله، لكن قبل ذلك عليه أن يتعلم التقاليد والطقوس ،وقال له لقد كان كهنة المعبد يحتفظون بالأشياء النّفيسة في حجرة داخل الدّهليز لا يعرفها أحد ،لكن الرطوبة أحدثت شقوقا في الحائط ،ورآى أحد الصّبيان ما فيها ،وجاء أبوه واسمه ‌أبو سالم ،وكسر الحائط فوجد تماثيل من الحجر ،وكثيرا من الكتب والأوراق التي أصابها التلف ،لكن بينها كتاب بقي سليما ،فنفض عنه الغبار وحمله لراهب كان في خدمته، يعيش داخل صومعة ،ولما رأى الكتاب قال له إنه ملعون ،ثم أمره بإعادته ،وقال له بما أنك أخرجته سيكون مصيرك حراسة المعبد لكي لا يقترب منه أحد .
ثم أرسله لبلاد النّوبة وأوصاه بإحضار الخنفساء الذهبية ،وهي حشرة قبيحة المنظر ، إذا حاول أحدهم قتلها ،أخرجت سمّا من يصيبه يتآكل لحمه ولا يبقى منه إلا الجلد،وبعد بحث طويل وجد واحدة ورماها قرب المعبد ،فباضت وكثر عددها ،من ذلك اليوم فكلّ من يحاول الدّخول للخرائب تفتك به تلك الحشرة ،وهذه الحكاية وقعت منذ زمن طويل ولقد بقي ذلك الرّجل كامل عمره وفيا لذلك الراهب، ونفذ ما أوصاه به ،وجاء أبناءه من بعده، وحرسوا المعبد ،وعشيرتنا هي من نسل الشيخ أبي سالم رحمه الله ،سأله فرحان هذا فهمته ،لكن لماذا تتعلّمون القتال والرّمي بالسّهام ؟ أجابه : من ينجو من الخنفساء الذهية نقتله بأيدينا ،لا يجب أن يخرج الكتاب من مكانه أبدا و،إلا سينفتح الممر مع العالم الآخر ،وتخرج الجنّ والأرواح الشّريرة ،الذين سيرهبون النّاس ،وربما قتلوهم ،هل فهمت لماذا يجب إخفاء الكتاب؟
أجاب السّلطان :وأنا معكم ،وسأقضي على كلّ أتباع السّحر الأسود، فلا يوجد بلاء أكثر منه !!! أمضى فرحان أسبوعا يتعلم العادات والطقوس ،وزار قبر الراهب يوحنا ،وقبر أبي سالم ،وكان دائما يجلس مع غصن الرّمان ،وينظر لها وهي تطرّز ،ولمّا سألها من أين تأخذين تلك الأشكال البديعة ؟ أشارت له إلى الصخور المنقوشة المتناثرة حولهم في البادية ،وفهم أن ما يوجد في خطوط الطريزة هي لغة قديمة مندثرة .ورغم أن السلطان كان سعيدا بحياته الجديدة ،ولم يحس بمرور الوقت إلا أنه بدأ يقلق من تأخر الوزير محمّد ،فلقد مضت الآن أكثر من عشرة أيّام منذ ذهابه ،ثم قرّر أخيرا أن يخرج للبحث عنه غدا مع الفتاة التي تعرف كلّ شبر في تلك البادية.
وغدا صباحا ركبا فرسيهما، وخرجا يسيران في الطريق المؤدي  إلى القرية، ومرّّا بالجدول الذي في الغابة أين إلتقيا أول مرة، وقالت غصن الرّمان: لو تزوّجنا فكيف ستصنع في ملكك ؟ فأنت أقسمت أن تصبح أحد أفرادنا ،ويجب أن تكون معنا !!! أجابها: لا تقلقي، سنجد حلاّ ،والأوّل هو القبض على تلك الجارية صفيّة ،ومعاقبتها على ما إقترفت يداها !!! وبينما هما كذلك إذ سمعا فجأة صوت صهيل خيول ،ولما أطلا من بين الأشجار، رأيا من بعيد مئات الفرسان ،فصاح بخوف: ليس هناك شك لقد وقع الوزير في يدي صفيّة ،وباح بالسرّ ،والآن صارت تعرف مكان المعبد ،هيا بنا ليس لنا وقت نضيعه ،ثم همزا فرسيهما  فإنطلقا  بسرعة ،ولما وصلا كان القوم قد قوّضوا خيامهم ،وأرسلوها للجبال مع الأطفال والنساء والماشية ،أما الرّجال فقد ركبوا خيلهم،ووضعوا أقنعة على وجوهم تشبه رؤوس الذئاب، ولم تعد تظهر منهم إلا العيون فتعجب كيف علموا بأمر الفرسان بسرعة فقال له جابر لنا إشارات نتواصل بها بقي لك الكثير لتتعلمه والآن ضع قناعك أنت وغصن الرمان ،فأجابه ألن تلحق بالنساء في الجبال ؟ رد جابر إنها من أشجع مقاتلينا وأكثرهم مهارة في رمي السهام والحراب، ولما أموت :ستصبح زعيمة الحراس ،هيا فسنكمن لهم قبل أن يصلوا إلينا …

يتبع الحلقة 8

من قصص حكايا العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق