مكتبة الأدب العربي و العالمي
أميرة_قلعة_اليمام / الجزء الثاني
نظرت إليه فقد كان يشبه الفتى الذي رأته عند سور القلعة ،لكنها لم تكن متأكدة ،ولاحظ البائع أنّ أحدهم يراقبه ،ولمّا إلتفت إليه لها ويجد فتاة منقّبة ،ولكن عينيها تلمعان كانهما لؤلؤتان، فإقترب منها ،وسألها إن كانت تريد شراء شيئ !!! لكن ميساء تفاجئت بذلك ،ثم مشت ،لكن الفتى إتبعها ،وقالّ لقد رأيتك في مكان ما لكن لا أذكر أين ؟ فأخذ قلبها يدقّ ،وبدأت في الرّكض حتى خرجت من السّوق ،وإتّجهت إلى القلعة ،كان قربها بعض الأشجار فإستندت على إحداها ،ونظرت وراءها لترى هل مازل ذلك الفتى وراءها ،لكن لم تشاهد أحدا .
دخلت ميساء القلعة فوجدت الحارسين لا يزالان نائمين ،فتنفّست الصّعداء وسارت إلى غرفتها كانت الشمس قد توسّطت السّماء،وأحسّت بسعادة غامرة لقد أصبحت متأكّدة أنّ بائع الزّهور هو نفس الفتى الذي رأته أسفل القلعة ،ويبدو أنّه عرفها رغم االنّقاب الذي على وجهها ،واستلقت على فراشها، في إنتظار يوم غد حتى تكرّر هذه المغامرة ،ثم أخذت الأوراق التي وجدتها على السّور، وأعادت قرائتها بإهتمام ،وأعجبها ما جاء فيها من شعر رقيق ،ولاحظت أنّ أسفل الأوراق هناك رسوم بديعة للزّهور ،وكان بإمكانها أن تميّز الزّنابق المختلفة الألوان،وتذكّرت أنّ هناك نقشا كبيرا لزنبقة ذات ورقتين في الرّواق الدّاخلى للقلعة ،وتسائلت هل ذلك من باب الصّدفة أم أن الفتى سبق له أن دخل إلى هنا !!!
زاد ذلك في حيرتها ،وقالت في نفسها لو رأيته لأسألنّه، فأمره يبدو غريبا ،شكله كأبناء الأعيان ،فمن هو ؟ولماذا يبيع الزّهور في السّوق ؟ وما الذي يفعله هنا في أسفل القلعة ؟ في صبيحة اليوم التالي إرتدت ملابسها وإنتظرت نوم الحارسين لتتسلّل خارج القلعه متّجهة الى السّوق ،ووجدت ذلك الشاب في نفس المكان ،ولمّا رآها قدم نحوها ..وفكّرت ميساء كثيرا وتساءلت: هل علي ان اركض كيوم امس ام اقف؟ فانا لا أعرف قصّة هذا الفتى الذي ما ان نظرت اليه حتى نسيت كل ما حولي ،وأحسست بشيئ غريب يتحرّك في أعماقي ..
لكن قطع عليها تفكيرها ذلك الولد وهو يقف أمامها ،ويحييها ،ثم يهدي إليها زنبقة حمراء جميلة وفواحة،وقال لها :البارحة كنت اريد فقط ان اعطيك هذه الزنبقة ، واسف ان جعلتك تشعرين بالخوف،وبالمناسبة أُدعى بدر الدّين، وأنت ما اسمك ؟ ولماذا أنت سجينة في قلعة اليمام الموحشة ؟ تردّدت البنت قليلا ثم رفعت نقابها عن وجهها ،فصاح الفتى: ألست ميساء إبنة السّلطان ؟ لقد رأيتك مرّة في السّوق ،
فكّرت قليلا ثم قالت: إسمك يذكّرني بأسطورة تقول أنّ رضيعا كان يعيش مع أمّه الملكة اليمام في القلعة ،وأصابتها إحدى السّاحرات بلعنة ،فإختفى الرّضيع، وإدّعي الناس أنّ الأشباح أختطفته، وبعد ذلك جنّت أمّه ،وأخذت تبحث عنه في كلّ مكان حتى ماتت ،ودفنت بتلك القلعة !!! أجاب الفتى ،يا لها من قصّة محزنة ،أنا لم أعرف لا أمي ولا أبي ،وربّتني امرأة عجوز ،وهي من علّمني الرّسم والشّعر !!! سألته : والزّنابق؟
أجابها : كانت العجوز تحتفظ على الحائط بلوحة صغيرة فيها زنبقة تخرج منها ورقتان ،صمتت ميساء ثم هتفت : عجيب!!! الزّنابق المنقوشة على القصر لها أيضا نفس الشّكل ،قال بدر الدّين :والله لا أدري ،ولكن تلك العجوز قبل موتها قالت لي شيئا عن اللوحة ،لكن لم أفهمه ،ومن ذلك اليوم صرت أرسمها في أوراقي ،وأحببت الزّهور ،وجعلت منها عملي، وأنا لازلت أعيش في ذلك الكوخ الصغير في أول الغابة ،و كل شيئ بقي على حاله لم ألمس منه شيئا،و ،سآخذك إلى هنا يوما ،وأريك حديقة زهوري !!!
كانت ميساء سارحة في أفكارها و،قد أعجبتها الحكاية جدّا ،لكنّها تذكرت فجأة الحارسين ،وضربت رأسها بيدها ،وصاحت: لقد تأخّرت كثيرا يا بدر الدّين سأذهب الآن ،ثم أخذت في الجري ،وقالت :لم أحسّ بالوقت، فلقد بقيت خارج القلعة على الأقل ساعتين ،ولمّا دخلت لم تجد الحارسين قرب الباب ،مشت بسرعة إلى غرفتها، وفجأة رأتهما قادمين من بعيد ،تسللت داخل الغرفة وإختفت تحت الغطاء ،ثم سمعت طرقا على الباب ،فتحته وتظاهرت أنها كانت نائمة ،وسألتهما ما الأمر؟
أجاباها :لقد تأخرت كثيرا على الغداء ،ويجب أن تأكلين ،ثمّ .قال أحدهم ،وكان بدينا : لقد نفذت جرّة الخمر ،يمكنا أن نصحبك قليلا إلى الخارج للتّنزه إذا أعطيتنا المزيد من الشّراب !!!قالت الفتاة : سأفعل ،والآن سأنزل لتناول طعامي فلقد كنت أحس بصداع ،لهذا نمت كل الصباح ،وشكرا لإهتمامكما بأمرى ،ولما يرجع أبي سيهبكما مكافئة حسنة ،ثمّ تنهدت ،وقالت: لا أصدّق أنّي نجوت هذه المرّة ..
…
يتبع الحلقة 3
من قصص حكايا العالم الاخر