مكتبة الأدب العربي و العالمي

المزمار_السحري الجزء السابع

تقدمت ميساء فاختطفت المزمار ونظرت إليه وقالت :
ياللهول… إنه مزمارٌ عادي وليس سحرياً أبدا.. وهذا يعني شيئاً واحدا.. وهو أن الفتاة قد سمعت بالفعل صوت الفتى… والامر الوحيد الذي بمقدوره أن يعيدها من ذلك العالم, هو الحب الحقيقي..
ولدى مشاهدتها لبوادر الحب الأصيل تظهر أمام عينيها, قررت ميساء التصرف بسرعةٍ والتخلص من الاثنين معا

لكن الغول سارع بلكم الجدار بقبضته فحطمه وبانت خلفه فجوةٌ ضيقة.. ثم قال لهما :عجل بالهرب من هنا.. إنه نفقٌ يؤدي الى خارج الجبل..
أسرع الاثنان بالهرب من حيث أشار.. فحاولت ميساء مطاردتهما لكن الغول وقف بوجهها وعرقلها ريثما ابتعد الاثنان..

وصل احمد وبدور الى نهاية النفق فوجدا نفسيهما يخرجان الى أسفل قمة الجبل.. قال احمد بسرور :
لقد بات باستطاعتنا أن نهبط الجبل بعد أن تحطمت الكرة وزال السحر عن المكان..
مشى الاثنان وهما يمسكان بأيدي بعضهما البعض..بعد برهة..
جلست بدور من التعب.. فأخبرها احمد بأنهما يجب أن لا يتوقفا عن الهرب.. فقالت :لكن ما بيدي حيلة.. فلو مشيت أكثر, فسأموت من التعب..
عندها.. عرض عليها الفتى أن يحملها على ظهره… فتفاجئت هي وقالت :ولكني سأثقل عليك كثيراً يا احمد..
فأجاب :ليست بمشكلة.. لأني سأمشي مع انحدار الارض نزولاً للأسفل, حيث سيخف وزنكِ عليّ كثيرا..

وهكذا حملها احمد وسار بها..شعرت بدور بالألفة كثيراً تجاه الفتى.. وبأنها قد ظلمت نفسها قبل أن تظلمه هو حينما صدت مشاعرها تجاهه.. فقالت له :
احمد أنا آسفة..
قال :علام تتأسفين يا سلوى  ؟؟
أجابت :لقد نظرت إليك كراعي.. ولم أنظر إليك كأنسان..
حكمت عليك من مظهرك.. ولم أحكم عليك من محتواك..
وكما أرى, فقد اتضح لي بأنك أنبل خلقاً وأرق مشاعراً وأطيب قلباً من كثيرٍ من أدعياء النبل والشرف..
قال هو :بدور  أنا لم أفرض عليكِ أن تحبيني… فقط دعي قلبكِ هو الذي يقرر ويختار..
قالت :لن أقف في طريق قلبي ثانيةً يا احمد.. أنا أعدك..
ثم حوّطت عنقه بذراعيها من الخلف وأسندت رأسها على كتفه..ثم أخذ الاثنان يتحدثان خلال الطريق في الكثير من الامور وهما في غاية الإنسجام والمودة.. فاكتشفا العديد من الاشياء المشتركة بينهما.. فتعالت ضحكاتهما وقد زال عنهما الخوف والاضطراب..
وأخيرا.. نزلت بدور من على ظهره, فوقفت أمامه وجهاً لوجه وقالت :احمد.. أريد أن أطلعك على سري..
رد هو  سلوى.. أنتي لستي مضطرةً الى كشف أسراركِ لي..
قالت :بلى أنا كذلك.. خصوصاً بعد أفضى كلينا بمكنونات قلبه للآخر..
أغمضت بدور عينيها وسحبت نفساً عميقاً وكأنها تخشى ردة فعله مما سيسمع ثم قالت :احمد… اسمي ليس سلوى … بل هو بدور..ابتسم احمد وقال :بدور.. اسمٌ جميل.. يشبه اسم الاميرة..أردفت هي :
نعم.. إنها أنا..
تسائل هو :أنت من؟؟
اجابت بعد تردد :أنا هي الاميرة بدور..
هنا ضحك احمد ثم قال :كفّي عن ذلك بالله عليكِ يا بدور..

لكن بدور قامت بإخراج قلادتها ذات الشعار الملكي وأرتها لأحمد… فذهل الفتى وبقي مشدوهاً حائرا..
آنذاك.. مدت بدور راحتي يديها فوضعتهما على خديه بلطافة وقالت بصوت هادئ :احمد.. آسفة لأني أخفيت عنك هذه الحقيقة.. فهل سيتحمل قلبك أن يعشق أميرة؟؟

أمسك هو بيديها وأبعدهما عن خديه وقال :
بل السؤال هو.. هل ستتحمل الاميرة أن تعشق راعيا؟؟
ثم أشاح بوجهه عنها وأتكأ بيده على إحدى الاشجار وأخفض رأسه.. فاقتربت منه بدور وقالت :
احمد.. أعدك أن حبي لك لن يقلّ أبدا.. فلماذا أنت مستاءٌ هكذا؟؟
رد هو :لكن هل تعديني أنه سيكون حباً حقيقيا؟؟
لم تعرف هي بماذا تجيبه.. فالتفت إليها وقال :
هذا ما توقعته.. لو كان حبكِ صادقاً لما سكتّي..
قالت :احمد.. ماذا تريدني أن أقول؟؟
أجاب:أردتكِ أن تقولي أنكِ مستعدةٌ لأن تتخلي عن عرشكِ من أجل العيش معي..
أردتكِ أن تقولي أنكِ ستقفين أمام والدتكِ وأمام الكل في سبيل الدفاع عن زوجكِ المستقبلي وعدم المساس بكرامته..
قالت :احمد.. ألا ترى أنك تبالغ قليلا؟؟
قال :هل ستفعلين يا بدور؟؟ هل ستتخلين عن عرشكِ لأجلي؟؟
مرةٌ أخرى لم تجد بدور ما تقوله.. فجلس أحمد على الارض وقال :لقد حل المساء.. سنبيت الليلة هنا.. وبحلول الغد سنكون قد هبطنا الجبل.. حاولي أخذ قسطٍ من النوم وسأتكفل بحراستكِ يا مولاتي..
أغرورقت عيناها بالدموع فقالت :يا مولاتي تقول؟؟.. أحقاً يا احمد؟؟..
قال بجدية :أنتي مولاتي يا سيدتي ولا أجرؤ على مخاطبتكِ بغير ذلك..
هنا غطت بدور وجهها بكفيها وأجهشت بالبكاء ثم قالت :
أنا آسفة يا احمد لأني لم أصل الى معايير الحب الحقيقي الخاصة بك..آسفة لأن الاميرة بدور لم تكن على مستوى طموحك وتطلعاتك..

ثم تمددت بدور بعيداً عنه وخلدت الى النوم كسيرة القلب..
بينما ظل هو حتى وقتٍ متأخر.. الى أن غالبه النعاس فنام..
فلما نهض فجرا.. كان أول ما فعله أنه تفقّد بدور فلم يجدها.. فشعر نحوها بالقلق الشديد.. لكنه عثر في مكانها على ورقةٍ من لحاء الشجر مكتوباً عليها بخط الاميرة :
عزيزي احمد.. إن حبي لك حقيقي.. فأنا على استعداد لأن أتخلى عن حياتي لأجلك, فكيف لا أتخلى عن عرشي؟؟.. وسأثبت لك ذلك..
قال احمد في نفسه :تثبت لي ذلك؟؟ كيف ستثبت لي؟؟
فكر الفتى قليلاً ثم صاح :يا الهي… أخشى أن المجنونة قد عادت الى قلعة الغول..

قفل احمد راجعاً من حيث أتى حتى أدرك قمة الجبل..
فسار في خباياه بحذرٍ وهو يحاول إيجاد الاميرة فلم يعثر لها على أثر فقال :لابد أنها قد استخدمت النفق للعودة الى سرداب القلعة… لن تتوقع ميساء أبداً أننا سنعود بعد هروبنا..

كان احمد محقا.. إذ في تلك الاثناء, كانت بدور تقترب خلسة حيث يجلس الغول والساحرة..
كان جسد الغول يقطر دماً بعد أن أشبعته الساحرة ضرباً بالسياط لأنه تجرأ ووقف بوجهها في المرة الأخيرة..
ثم سمعت ميساء تقول :حالما تنقضي شمس هذا النهار, فستعود يا هارون الى عزلتك وانطوائك لخمسين سنة اخرى.. بانتظار الحب الذي لا وجود له..

وهنا.. ظهرت بدور أمامهما وقالت :أنت  مخطئةٌ أيتها الساحرة.. فأنا أحب احمد حباً نقياً طاهرا.. وسأخلص له حبي.. وهو يحبني كذلك… لذا فقد حان الوقت لتحرري الامير هارون من لعنته…….

يتبع في الجزء الثامن

من قصص حكايا العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق