خواطر

تأفل سنة وتجيء أخرى. لا يعني ذلك شيئا سوى أنّ سنة أخرى من عمرك انطفأت دون شيء يذكر !

إشراق. كرونة

تأفل سنة وتجيء أخرى. لا يعني ذلك شيئا سوى أنّ سنة أخرى من عمرك انطفأت دون شيء يذكر ! كل شيء في الحياة يروح ويغدو مثل حركة المدّ والجزر. أسأل نفسي عن سرّ حبّي الدفين للبحر ؟ ولا أجد إجابة وسط هذه العتمة سوى أنّ موجه المهتزّ مثل قلبي قادر على “الطبطبة” على الفؤاد المحترق وأنّ زبد الموج نفسه يخمد الحرائق التي تتأكل فيّ من الداخل دون أن يراها أحد بالضرورة.
وقاع البحر يبتلع صرخاتي المكتومة عملا بقول الشاعر الجاهليّ “لا تهلك أسى وتجلّد!”
التقطت هذا الفيديو بينما كانت العبّارة تشقّ عباب الماء وتفطم قلبي قسّرا عن جزيرتي الحبيبة التي سقط فيها رأس أبي تحت نخلها إلى الحياة من أمّ كلما دخلنا محرابها وجدنا عندها رزقا والتي وريت فيها الثرى دون أن أودّعها ! ما أصعب الفِراق حتّى في الماء! بل إن برودة الماء كلّه لا تخمد نار الفِراق المتقدّة لأسباب كثيرة منها الخيبة ومنها الموت ومنها الغربة.
ولوهلة نسيت أن حولي ناس وتذكّرت موالا خاصّا بجزيرة جربة من تراثها القحّ. أغنية تحمل من الشجون ما يجعلني أتجلّد أكثر !
ليس صوتي جميلا لكن الواقع أبشع منه على كلّ.. ربّما تذكّرت الأغنية عينها عندما رأيت النوارس تتصيّد الدموع التي ذابت من حرّ العين في الماء الواسع العليم بخبايا الجوى وهل أكثر فخرا من نوارس تصطفي دموعك دون سواك لترتوي ؟ بل إن النوارس فيها من العرفان الكثير -عكس عديدين يرتوون من سخاء القلب وينكرون- حتّى أنّ النوارس تحوّلت فجأة إلى جوقةٍ تردّد معي كلمات الأغنية كأنها ترتجل لحنا خاصا باللحظة المفجوعة.
هذا الصباح، قالت لي صديقتي التي أستمدّ قوتي من سناء صوتها “علينا أن نتعلّم العيش دون انتظار شيء ودون أن نفقد الأمل في نفس الوقت”
كيف تحافظ النوارس على بياضها والوجوه المسوّدة أكثر من الوجوه المبيضّة ؟
كم في الغربة من أثمان باهظة ..
وكيف أخففّ الوطء على أديم الماء ؟
رحم الله الشهداء وأبي العلاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق