اقلام حرة

في الكرنفال / فتحي عمر

في الكرنفال
كنت يوم أمس أحد المدعوين لحضور كرنفال الأفلام السنيمائية، الذي نظمه مركز شؤون المراة، بقاعة رشاد الشوا في غزة وفي لحظة ما وانا اتابع عددا من الأفلام التي تعرض امامي، تمنيت لو أنني بقيت في البيت اتابع الفيس او اتصفح كتابا ولم أتكلف مشقة المجيئ والعناء، فمعظم ما تم عرضه من أعمال يدخل في باب اعمال الهواة او المتدربين، حيث الكثير من الهنات في الإخراج والسيناريو والأداء التمثيلي الذي كان مفجعا في بعض الأحيان..ومع ذلك كان هناك من قدم شيئا جميلا جعلني اعيد النظر في موقفي هذا، فعلى سبيل المثال كان فيلم “إن عاش” للمخرج فتحي عمر مثالا للفيلم المشغول سيتمائيا بفنية عالية واقتدار، سواء من حيث الفكرة التي هي أم المشاكل للاسرة الفلسطينية في غزة ويقع همها بالتحديد على المراة ” الترامادول وانعكاسه المدمر على الالاسرة والمجتمع” او السيناريو الذي حمل هذه الفكرة باقتدار دون ثرثرة زائدة أو ايجاز، ثم الاحراج الذي استطاع أن يوظف الممثلين الذين شاركا في العمل بشكل مميز واداء جميل.
لكن ما لفت نظري على نحو خاص هو قدرة المخرج على التعامل بلغة الكاميرا بشكل بارع وجميل فقي عدد من المشاهد كانت الكاميرا هي التي تتحدث وتعبر بعينها الثاقبة، فعلى سبيل المثال حين عرفت المراة بإدمان زوجها وتابعت اثر الادمان على الشخص المدمن من خلال النت، شاهدنا كيف بدأت ملامح وجهها من خلال الكاميرا وكيف بدا الخوف يغزوها وهي تخفي كل الاشياء الحادة من المطبخ عن يده وتواريها..كل ذلك بالكاميرا ومن دون ان تنطق بكلمة ولعل الأجمل في هذا الباب ما كان في المشهد الذي سقط فيه الشال عن كتفها بعد سقوط زوجها في مستنقع الادمان ومتابعة الكاميرا له وكأنها تقول سقط الستر عنها، كذلك كان حال الكاميرا في العديد من المشاهد الاخرى، خصوصا حين جاءت لقطاتتها سفلية على الاسفلت، مسلطة على الاقدام حين عاد الزوج رافضا المثول للعلاج وكانها تقول انه اخلد الى الارض.. الى الضياع.
هناك الكثير مما يقال في الموسيقى التصويرية التي واكبت الفيلم وفي الاضاءة والصوت وكذلك في الصراع الدرامي الذي عرضه الفيلم وكيف ان المراة لم تستسلم لقدرها ولم تضعف، بل حاولت ما استطاعت ان تقوم سلوك زوجها.. ان تأخذ بيده.. أن تكون إلى جانبه في مصابه دون تذمر او ضعف، رغم كل الالم الذي عانت منه، ثم جاءت النهاية التى ظلت مفتوحة على كافة الاحتمالات تاركة للمشاهد مساحة اوسع للتفسير والتاويل….ورغم كل ما أشرت اليه جاءت نتائج المسابقة مخيبة للامال على نحو صادم.
محمد نصار روائي وعضو لجنة تحكيم الافلام الروائية في مهرجان القدس الدولي للافلام السنيمائية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق