مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية #برهان_وحسناء_وادي_الياقوت الجزء التاسع والاخير قمر تلتقي بأمّها (الاخيره)

نصب الجيش خيامه ،وقال قائدهم :سنأخذ نصيبا من الراحة ريثما يلحق بنا البقية ،في صباح الغد طلعت غبرتان عظيمتان ،فإبتهج ،وخاطب نفسه: أخيرا جاءوا !!! سنحاصر المدينة ،ونسقطها ،فقد أخبرني الجواسيس أنّ عددهم ليس كبيرا .لكن بعد قليل بدأ يشعر بالقلق لمّا سمع قرع الطّبول ،وكان قويّا يصمّ الآذان ،وقال :الأمر غريب ،فهذه ليست طبولنا ،ويجب أن تكوم ضخمة لتسمع من بعيد !!!
طلب من أحد الفرسان أن يرى ما يحصل و ما كاد يقترب منهم ، حتى طار سهم في الهواء قلبه عن جواده ،وظهر في الأفق صفّ طويل من الأغوال يمسكون بالصّخور والعصيّ الغليظة ،وورائهم بشر قصر القامة يحملون المقاليع والنبال، ويعدّون بالآلاف ،صاح القائد بذعر: اتركوا الخيام والأثقال يجب أن نبتعد قبل أن يحاصرونا  !!! لكن قبل أن يتحرّكوا إرتفعت غبرة من النّاحية الأخرى، وصاح أحدهم : كأني بالغابة تتحرك نحونا ،وظهرت الحوريات ،وهن يزحفن في صفوف متراصّة ،وقد حملن أغصان الشّجر ،وأشرعن السّيوف والحراب .
كان برهان الدّين يشاهد ما يحدث من فوق الأسوار ،وقد ظهر عليه السّرور ،وهتف: وقعوا كلهم في الفخّ !!! لقد كانت خطة قمر الزّمان شديدة الإحكام .ثم صاح بأعلى صوته: أنا الأمير برهان الدّين إبن النعمان ،من ألقى سلاحه فهو آمن ،ولن نحاسبه ،ومن أراد الحرب سنقتله ونصلبه على أبواب المدينة ، إعلموا أنّ عمّي في قبضتي ،ولقد إنتهى أمره .لمّا سمع الجنود ذلك نظروا إلى بعضهم ،ثم رمى أكثرهم سلاحه ،وأخذ القائد يحرّض الباقين على القتال ،لكن لم يسمعه أحد ،وصاحوا :يحيا برهان الدّين والاميرة قمر الزمان !!! وبعد قليل تردّد الصّياح في كلّ مكان ،وإنحاز كلّ الجيش إلى صفّ الأمير .
بقي عمّ برهان الدّين محاصرا في القلعة، ولما سمع الهتافات قال :لقد إقتربت النّهاية ، ويجب أن أهرب قبل أن يقتلني الجنود ،ويقدّمون رأسي لإبن أخي .إصطحب معه عشرة من العبيد المخلصين ،وأخذوا ما قدروا عليه من صناديق الذهب، ثم دخلوا في سرداب طويل يقود إلى خارج المدينة ،وقال لهم: سنتسلل في الليل، وندفن الذهب ،ونعود لأخذه لمّا يهدأ الوضع ،هل فهمتم ،والآن هيا بنا علينا أن لا نتأخّر .
في هذه الأثناء إقترب الأمير برهان الدّين من القلعة ،وصاح: ليس لكم من مفرّ !!! إبحثوا عن أبي، وجيئوا به ،وسأعفو عنكم ،ومن يقبض على عمّي له صرّة دنانير .حدث هرج ومرج ،وتأخّر فتح الأبواب ،وفي النّهاية ظهر جنود ومعهم الملك النّعمان ،وقد ظهر عليه الإعياء الشّديد ،ثم إقتادوا الأسرى وفيهم أعوان ووزراء أخيه. ولمّا سألهم النّعمان عنه ،أجابوه أنّ: القلعة كبيرة وربّما إختفى في مكان سرّي ،أو هرب في الأنفاق .
لمّا وصل عمّ برهان الدّين إلى آخر السرداب كان الليل قد حلّ ، ووجدأنفسه في مستنقع يغطيه القصب ،قال لعبيده :سندفن الذّهب ،و نهرب قبل أن يلحقوا بنا !!! لكن علم أنّهم يتآمرون على قتله ،واقتسام المال، قال: لي من الذّهب أضعاف ما في هذه الصناديق !!! لكن أحدهم طعنه بخنجره ،وقال : لم يعد لك حول ولا قوة ، سناخذ هذا الذّهب، ونعيش أحرارا ،ونتزوّج أجمل الجواري بعد أن كنّا نغسل قدميك .
لاحق الجنود عمّ برهان الدّين في السّرداب ،ولمّا بلغوا المستنقع وجدوه ممدّدا ، وقد فارق الحياة ، علم النّعمان بموت أخيه، فلم يتأسّف على ذلك ، وأمر بتركه حتى تأكله العقبان جزاء أفعاله .
أقام الملك مأدبة عظيمة جلس فيها الإنس إلى جانب الأغوال ،والأقزام إلى جانب الحوريات ،وأعجب النّعمان بقمر الزّمان إعجابا عظيما، وقالت له : أطلب منك شيئا !!! سألها :ما هو قالت: أن تأتي إلى أمّي ،وتخطبني منها، وأتزوّج من جديد ، وهذه المرّة تكونان حاضرين معي . لم يكن العثور على دارها صعبا، فالأقزام شمّت رائحة أمّها بمجرّد دخولها القرية .
ولمّا طرقت قمر الزّمان الباب ،فتحت لها العجوز ،وعرفتها فورا من شعرها الأشقر ،وعينيها الزّرقاوين ،وعانقتها ،وبكت ،حتى بكى معها الملك النعمان . ،وأقام لها أهل القرية عرسا عظيما ،أكل فيه الجميع ،ورقصوا ،ولما رجعت قمر الزمان إلى وادي الياقوت إصطحبت أمها معها وقالت لها : من اليوم لن نتفارق أبدا .
حدثت هذه الحكاية منذ زمن بعيد ،وللآن يتحدّث النّاس عن مكان بعيد وسط الغابة، تعيش فيه مخلوقات غريبة ،ومليئ بالياقوت ،و لقد بحث الكثيرون عنه لكن لم يجدوا شيئا ،لهذا قالوا أنّها خرافة، وأنا أقول لكم : لا !!! فالله كتب لتلك الأرض أن تبقى سرّا، وما أكثر الأسرار في هذا الكون …

من قصص حكايا. العالم  الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق