مقالات

مذكرات قائد في مشروع تحرير فلسطين الكاتب والباحث/ ناهــض زقــوت

أثناء بحثي في أوراق متناثرة هنا وهناك، عثرت على أوراق تحمل عنوان “مذكرات قائد”، قلبت الاوراق وقرأتها، فوجدتها خطيرة وصادقة، فكان لا بد من مشاركتكم في مضمونها.
الحياة فرصة، وليس كل ما يقال يصدق، ولكن العقل زينة لمن استخدمه في الطريق الصحيح، أما القيم والثوابت والمبادئ مادة استهلاكية للذين يتعبون عقولهم دون فائدة. قد يضطر المرء إلى استخدامها إذا واجه الاعلام لكي يثبت حرصه على الوطن.
مثلاً أنا كقائد كبير ومسؤول لا يشق لي غبار، بل أنا الغبار نفسه، لم أتعب عقلي لا في التفكير .. ولا في التعليم، شهادتي متوسطة .. ولكنني عرفت كيف أستغل تعب عقول الآخرين باسم مشروع تحرير فلسطين، هذا المشروع الذي اتعب الصبية حامي الصدور، ومسلوبي العقول، ولكن للحقيقة هم الرجال.
اليوم باسم هذا المشروع أصبحت أملك سيارة جيب نيسان لسنة 2020، بالإضافة إلى خمس قطع أراضي في مناطق متفرقة من البلد وكل قطعة مسجلة باسم زوجتي وأولادي، حتى المولود بالأمس له قطعة، كذلك أملك ثلاث شركات كبرى للتصدير والاستيراد وماشية زي الحلاوة لأن كل صنف هو احتكار لشركتنا، وأيضاً حساب بنكي يفوق الخيال جمعته بكدي وتعبي وبتوفيق من الله.
وللأمانة اشتريت دونم أرض في أجمل منطقة في البلد، وبنيت عليها فيلا سكنية خرافية، أحضرت خرائطها من دولة أجنبية عن طريق صديق لي يعيش هناك، كلفتني أكثر من مليون دولار، ولكي لا يحسدني الناس، أو يخرج علينا فلاسفة العصر من الشباب الذين يروجون اشاعات مغرضة ضد الاغنياء وقادة البلد حين يقولون أن اسمنت القصور يبنى بدم الشهداء، وأحجارها من طعام الفقراء، والماء من دموع الايتام، هؤلاء هم الذين يخربون البلد بأفكارهم الطبقية، ولا ينزلون الناس مقامهم، لذلك كتب عليها بالبنط العريض “هذا من فضل ربي”، والحقيقة أنها بفضل مشروع تحرير فلسطين.
اليوم الكل يعطيني تعظيم سلام، ويقفون لي احتراماً وتقديراً، بعد أن كنت يوماً أجلس على باب البيت ولا أحد يطرح علي السلام، سبحان مغير الأحوال .. وكل هذا بفضل الله وبفضل مشروع تحرير فلسطين.
لا أنكر أنني ملكت الدنيا، وما لدي يكفيني ويكفي أولادي مدى الحياة، لذلك قررت السنة القادمة أن أذهب لأداء فريضة الحج لكي أضمن كمان الآخرة. فالحج لمن استطاع إليه سبيلا، ونحن والحمد لله نستطيع، فلماذا التأخير، والعمر قصير.
وبعدها ماذا تبقى؟ .. فقد أصبحت الدنيا والآخرة من أملاكنا، وكله بفضل من الله وتوفيقه، ومشروع تحرير فلسطين.
وبعد أن ملكت الدنيا بالمال، والآخرة بالحج تكفيراً عن مشروع تحرير فلسطين، الذي لم أنفق منه على محتاج، ولم أساهم في نفقة فقير، أنا صادق في مذكراتي، ولم تحركني المشاعر الإنسانية لإغاثة ملهوف تدمر بيته فوق رأسه، كل هذا خوفاً من الطمع والحسد.
كل ما جمعته من أجل تحرير فلسطين صار ميراث الأبناء وزوجاتي الأربع، الذي لم أسمع يوماً واحداً منهم أو من زوجاتي يدعو لي، الله يسامحهم، بل كنت بالنسبة لهم كيس فلوس، ينفقون منه على ملذاتهم وبطونهم وسفرياتهم. وكنت أقول هي تلاهي الدنيا، الله يعينهم على حياتهم الصعبة، فهم مشغولون في سفرياتهم، ورحلاتهم، وسهراتهم مع أصدقائهم. وزوجاتي مشغولات بزيارة محلات الملابس والمواد الغذائية، ويستمتعن في المولات والفنادق الراقية مع صويحباتهن.
لم اعترض ولم أتذمر، فالمال والبنون زينة الحياة الدنيا، كنت أتزين بهم أمام الناس، رغم فشلهم جميعاً في التعليم، ولكنهم بفضل الله وتوفيقه ومشروع تحرير فلسطين أصبحوا يحتلون مراكز متقدمة في الدولة. ربنا يحفظ نعمة مشروع تحرير فلسطين الذي فتح لنا أبواب السماء رزقاً كالمطر، وكل هذا بفضل الله ورضاه، يعطي دون حساب .. وعندما يأتي الحساب فقد كفرت عن ذنوبي بالحج وعدت إلى الديار كيوم ولدتني أمي، يعني جنين دون بامبرز، وصارت الناس تقول لي يا حاج .. وكنت مبسوط.
أتذكر في أحد الأيام جاءني متسول يطلب حسنة، على شباك سيارتي الجيب عند اشارة المرور، فقال لي من مال الله، فنظرت إليه وبكل سخرية قلت له: ليس معي من مال الله، بل معي من مال الناس، فقال: اللهم يرزقك كمان وكمان، حسنة لله، فأعطيته لكي يشتري ساندويش.
وكنت دائماً أدعم الشباب على وسائل الاعلام، في يوم جاءني أحدهم مصدقاً كلام الاعلام، وحين سألته عرفت أنه يحمل دكتوراه في القانون، تأثرت كثيراً، وقلت له يا بني نحن ما زلنا في مرحلة التحرير، وأوعدك بعد التحرير سأجعلك مستشاراً قانونياً في إحدى شركاتي، تحمل واصبر، وأنت شاب والمستقبل أمامك عريض، لا تيأس، نحن في انتظار صفقة من الأموال لزيادة دعم مشروع تحرير فلسطين، سيكون جزء منها لفتح مشاريع للشباب، لا تقلق، الخير كله في مشروع تحرير فلسطين، ونحن نعتمد في مسيرتنا على الشباب أمثالكم، فهم وقود الثورة، ونار الحرب، وحراس المشروع.
سألني الشباب سؤالاً أحرجني، هل أبنائك ضمن مشروع التحرير؟. وبكل تلقائية قلت له أبنائي هم صلب المشروع، عندي ثلاثة من الأبناء في الدول الاوروبية يجمعون المال من أجل المشروع، وثلاثة أخرين في البلدان العربية يساهمون في جمع الأموال اللازمة لجيش التحرير، وعندي ثلاثة أخرين في البلدان الافريقية يستثمرون أموال المشروع في تجارة الذهب، بهدف دعم المؤسسات بعد التحرير، هؤلاء هم أبنائي، أترى كم يتعبون ويناضلون من أجل انجاز مشروع تحرير فلسطين. أخبر أصدقاءك من الشباب أن مشروع التحرير في أيدي أمينة.
ولكن الشاب صفيق وغير متربي، اذ سألني مين أمينة؟.
غزة: 24/7/2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق