مكتبة الأدب العربي و العالمي

قصة_الفتى_علي_والعجوز_صالح الجزء الثالث والاخير سرّ القبر الفارغ ….

من قصص حكايا ألعالم الاخر " واقعية"

#رجع عليّ وصالح إلى دارهما ،ولمّا علم الشّيخ ،وإمرأته كادا يموتان من الفرح ،وفي الليل جاء صالح للشّيخ ،وقال له :لقد أحضرت لك علاجا لعينيك من بلاد الشّرق ،ثم أذاب قليلا من شحم الخروف حتى صار زيتا ،خلطه بماء الورد ودهن عينيه ، ونام ،في الصّباح إستيقظ الشّيخ وهو يحس بالنّشاط يدب في جسمه،،فذهب ليستحم ّ ويحلق لحيته ،استغربت أم عليّ حين نهضت ولم تجده جانبها ،وقالت لابنها :أين ذهب أبوك بمفرده، وهو لا يكاد يبصر ؟ ثمّ جريا للحمّام ،ولمّا شاهدت المرأة زوجها تعجّبت ،فلقد كان واقفا أمام المرآة يحلق،ويغنّي ،ثمّ إستدار نحوهما ،وصاح : إنّي أبصر، ولن أستحقّ تلك العصا اللعينة بعد الآن لأتنقّل ،لقد نفعني دواء صالح ،يا له من ولد حاذق، لم أندم عندما جعلته إبني !!!

وحين سمع الجيران علت الزّغاريد في الحيّ ،وخرج الشّيخ يتجوّل أمام دهشة الجميع الذين تسائلوا كيف إستردّ بصره رغم سنّه، وبدأ أبو عليّ يبيع ما يملك للرّحيل مع إبنه ،ويوم الجمعة كانت السّفينة تستعدّ للإبخار ،

قال صالح لعليّ : أوصيك بمواصلة فعل الخير كما قال لك أبوك ،والآن ،هيّا نذهب للمقبرة ،ونقرأ القرآن على أموات المسلمين، ونحضر طعاما لأهل الزّاوية ،فقال له: سأفعل ذلك ليسهّل الله طريقنا ،فأمامنا رحلة طويلة !!!

لمّا داروا في المقبرة ،وجدوا قبرا مفتوحا ،لكن الميّت لم يحضر بعد ،قال صالح :والله أشتهي أن أتمدّد في ذلك القبر ،وأغمض عينيّ، !!! تعجّب عليّ ،وقال : هل جننت يا أخي ؟ ما هذا الفأل السّيئ ؟
لكنّ الفتى لم يسمع كلامه ،ونزل إلى القبر،وتمدّد فإذا به على مقاسه لا يزيد ولا ينقص شيئا ،ثم قال :هل تتذكّر ذلك اليوم الذي صادفتك فيه جنازة ،وقال الرجل إني مدين للميت بمائة دينار ،وأنت دفعتها ؟ قال عليّ : نعم ،أتذكرها ،لكن ما شأنك بها ؟ أجاب صالح: أنا هو ذلك الميّت !!!

ويشاء الله أن يجازيك فأحياني لأردّ معروفك ،لكن أحسن إليّ أبوك وأمك وجعلاني إبنهما ،فبدلا من معروف أصبحا إثنين ،أما أنت جزاءك هو زواجك بالأميرة ،ودكّان كبير لتجارتك وجزاء والديك هو إبصار أبيك بعدما كان لا يقدر على النظر ،وجزاء أمّك أن تصير قيّمة قصر السّلطان ،إعلم أن الله أوصانا بفعل الخير ،وأن نطعم الجائع ونتصدّق ،ولا نقهر الضّعيف . لقد أحبّك، وجازاك من حيث لا تعلم ، والآن سأتركك، وأعود لربّي بعد أن أنهيت مهمّتي ، في أمان الله يا أخي ، وسلم على أبيك وأمك ، فهما الوالدان الذي حرمت منهما لمّا كنت حيّا !!! لكن نأخذ ما كتب الله لنا ،ثمّ صمت ،وبدأ التّراب يهبط عليه حتى ردم صالح ،وإنغلق القبر ،ورجع كما كان

جلس عليّ وحيدا ،وبدأ يبكي ،ويشهق ، وجاء الناس، وواسوه ،فقال لهم: لقد كنت مع أخي منذ حين، لكنّهم أجابوه: أنظر الرّخامة مكتوب عليها أنّه مات منذ ثمانية أشهر ،هوّن عليك ، فكلّ ما على الأرض زائل !!! فاستغفر عليّ الله ،وانصرف وقلبه يكاد يتمزّق ، وكل خطوة كان يلتفت وراءه حتى غادر المقبرة ومشى حتى وصل لوالديه ، ولمّا سألاه عن صالح، قال :لقد رحل بعدم أدّى الدين الذي عليه . وصلت السّفينة إلى مملكة السّلطان ،وتزوّج عليّ من الأميرة، وأصبح شهبندر التّجار ،وكل يوم جمعة كان ينزل إلى الجامع ،ويتصدّق بصرّة دنانير كبيرة، حتى لم يعد يجوع الفقراء ولا يتعرّون ،وأنجب ولدا سماه صالح ،وأوصاه بفعل الخير

وعاش عبد الله في خير مع امرأته وإبنه ،وعمّر والداه طويلا ،وشاهدا أحفاد ابنهما ،هذا جزاء من يفعل الخير ،والحمد لله دائما ،اللهم اهدينا لطاعتك ،واقبل منا دعاءنا، واجعل فعل الخير طريقنا .

إنتهت الحكاية أرجو أن تكون قد أعجبتكم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق