مكتبة الأدب العربي و العالمي

قصة_الفتى_علي_والعجوز_صالح الثلث الثاني ״ الخروف الاسود “

من قصص حكايا ألعالم الاخر " واقعية "

الخروف الأسود ….
بكى الشّيخ وقال: لا تغيبا عنا كثيرا، فليس لنا غيركما يا ولديّ !!! فوعده صالح أن لا يتأخّر في الرّجوع ،وركبا سفينة ،وصارا يدخلان بلدا ويخرجان من آخر، حتى وصلا مدينة كبيرة مليئة بالخيرات ،فاكتريا دكّانا ،وملآه بالبضاعة من كلّ نوع ،وممّا تشتهي العين والنفس ،وبعد مدة إشتهرا في السّوق ،وراجت تجارتهما ،وحمدا الله على نعمته .

أحد الأيّام خرج صالح بعد العمل ليتفرّج على المدينة ،وبعد ساعة بدأ الظلام في النّزول ، فرجع إلى الدّار ،وبينما هو يمشي شاهد في أحد الأركان خروفين مربوطين أحدهم أبيض والآخر أسود ،وسمعهم يتكلّمان ،فاقترب منهما ،فإذا بالأوّل يقول للثاني :لم يعد في البلاد كثير من الأطباء بعد أن قتلهم السّلطان ،وكلّهم عجزوا أن يعالجوا إبنته المريضة !!! ضحك الآخر وقال له آه ،لو علموا أنّ دواءها عشبة عالقة في معدتك ،لقبضوا عليك، وطبخوك كسكسي بالعصبان ،ردّ الخروف الأسود ويحك !!! فأنا لا أحبّ هذا المزاح ،وسأضطرّ للهرب من هنا فليس هناك أخبث من بني آدم .

نظر صالح حوله فرأى راعي غنم واقفا، فذهب إليه وسأله أن يبيعه الخروف الأسود ،وسيدفع أيّ ثمن يطلبه ،قال الرّاعي :لقد كنت أفكر في التّخلص منه فهو لم يعد ينفع لشيئ، دائما مريض ،ولم يعد يأكل أو يشرب ،ففهم صالح أن الخروف يحاول خداع سيده لكي يطلقه ،فأعطاه عشرين دينارا وأخذ الخروف ،ثم ذبحه ،ووضع لحمه في سلة ،وحمله إلى الدار. في الصباح

قال لعلي: إذهب إلى الدّكان ،فأنا عندي مشوار مهمّ ،ولمّا خرج ،نظّف صالح معدة الخروف، فوجد فيها عشبة بنفسجية اللون ،غسلها ،ثم غلاّها في الماء حتى أصبحت شرابا مرّ المذاق ،فأضاف إليه العسل والزنجبيل، ووضعه في قارورة، بعد ذلك لبس قفطانا طويلا ،وعمامة، وألصق لحية على وجهه. ثمّ قصد القصر، وكلّ من يراه في الطريق يعتقد أنه طبيب ،
ولمّا وصل طلب رؤية الأميرة ،فقال له السّلطان: إعلم أنّك إذا فشلت سأضرب عنقك ،وأعلّقه على سور المدينة ،أجاب صالح: هذا أعلمه لمن ماذا تعطيني لو شفيت الأميرة أجاب السلطان : سأملأ جيوبك الياقوت ،هل يرضيك ذلك ؟ قال : صالح :أتعتقد أني أخاطر بحياتي مقابل حفنة ياقوت ؟

إني أكسب مثلها كلّ يوم !!! قال له: ماذا تريد إذن ؟ حك الفتى رأسه وقال أطلب يد الأميرة ، إشتدّ حنق السلطان ،وأجابه : لا تحلم بذلك أيها الأحمق ،أجاب صالح: إذن إبق مع إبنتك ،فأمامي شغل كثير، لكن السّلطان صاح: حسنا ،أنا موافق ،أخرج الفتى القارورة ،وسقى البنت ،ثم قال :دثّروها ،أتركوها تنام ،فستعرق، ويخرج السمّ من بدنها ،فلقد أكلت من ثمار بريّة ، حين كانت في الغابة ،
بعد ساعة جاء أحد الخدم يجري ،وقال للسّلطان :لقد تحسّنت صحّة إبنتك ،ودبت فيها الحياة ،ولما رآها أبوها، فرح كثيرا ،وقال للفتى :أنا عند وعدي ،وسأجعلك كبير أطباء القصر!!!أجاب : صالح شكرا لمولاي، لكنّي مجرّد صانع عند الطبيب، وإسمه عليّ، وهو الذي أرسلني بالدواء ،قال السّلطان :ليحضر إذا سيّدك ،جرى صالح للسّوق ،فوجد علي يشتغل ،ولمّا رآه تعجّب من حالته ،وقال له: ما هذه اللحية والقفطان أصبحت شيخا ،وأنا لا أعلم ،إخلع عنك هطه الثياب وتعال كل معي فلقد برد صحن المقرونة ،ولم أشأن أن آكل منه قبل قدومك ،

رد صالح: تعال معي ،هناك وليمة في قصر السلطان ،قال علي مستغربا : بمناسبة ماذا ؟ أجاب الفتى : زواجك من الأميرة بدر البدور ،هيّا أسرع ،ولا تضيع الوقت !!!

مشى عليّ للقصر ،وهو يظنّ أنّ صديقه يمزح معه ،لكنه لما رأى السلطان واقفا ومعه الحاشية، لم يصدّق عيناه ،وجلس الصديقان على مائدة عليها من صنوف الأطعمة والأشربة ما لم ترتاه عين ،فأكلا وشربا وكان عليّ ولدا جميل الوجه، فأعجبت به الأميرة ،ولما دارت الجواري بأكواب الشاي بالبندق واللوز والحلقوم كانت البنت تجلس مع عليّ ،وتستمع لما جرى عليه من عجائب في أسفاره ،قال عليّ للسلطان: أريد أن يأتي أبي وأمّي للعيش معي في القصر ،وأن أواصل العمل في دكاني !!! فأجابه : لك هذا، وسأعطيك أيضا دكاّنا أوسع من الذي عندك ،وثلاثة سفن لتنتقل عليها بضاعتك من أبعد البلدان …

يتبع الثلث الاخير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق