مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية #الثّلاثة_بنات_وجرّة_العسل الجزء الاول_ والثاني

قصص وحكايا ألعالم الاخر " واقعية"

يحكى عن إمراة فقيرة توفّى زوجها وترك لها ثلاثة بنات صغيرات ..وذلك الرجل لم يترك لها شيئا لتطعم وتربّي أطفالها ،ولولا كرم جاراتها ،وأهه الزقاق لماتت وإياهم من الجوع وحتى الدار التي يسكنونها خربة يكاد سقفه يسقط عليهم والنوافذ مهشمة ،يدخل منها الهواء البارد في الشتاء و الحرّ في الصيف ،وبعد سنين كبرت أولئك البنات وأصبحن صبايا فى سن الزواج ،لكن أمّهن فقيرة ليس لها ما تعطيهنّ إياه من ملابس جديدة ،ولا مال لكي تزينهنّ لكي يحضرن الأعراس مثل بنات الزّقاق، وتراهن الخاطبات والنسوة ،ولم تكن البنات يخرجن إلا قليل مع أمهن ،ويخفين وجوههن لذلك لم ينتبه إليهن أحد ،وتأخر مكتوبهنّ .

أحد الأيّام دق الباب وسمعت الأم صوتا يصيح هل يمكنكم تقديم معروف لرجل غريب، فنهضت وأطلت من شقّ الباب فرأت شيخا أبيض الشّعر واللحية ،ففتحت له الباب ،وقالت :ما هي حاجتك ألم تجد سوى بابي لتطرق عليه ، أجابها :لقد رفض الجيران مساعدتى وأنا رجل أعيش وحدي وقررت الذهاب لحبل بعيد لأجمع الأعشاب الطبية، هل يمكن أن أترك عندك أمانة ،فإني أخاف عليها من الفئران ،ولما أرجع سأدفع لك صرّة كبيرة من الدراهم فرحت كثيرا وسألته كم من الوقت ستغيب أيها الشيخ أجابها ثلاثة أشهر ،ثم وضع قفته على الأرض وأخرج منها جرة من الفخّار،وقال أوصيك بأن لا تفتحيها ،وإلا ستندمين ،والآن سأذهب ،وها عشرون درهما تسبقة، وانفقي منها على نفسك وبناتك ولما أجيئ سأمنحك أضعافه، فلا تنسي وصيتي إليك ،هل فهمت ؟
انصرف الشّيخ، وأخذت المرأة تنظر إليه ،ولم تتذكّر أنّها رأته في الحيّ ،ثم قالت في نفسها وماذا يهمني من أمره ،المهم أنه يدفع وبسخاء .ثم أنزلت الجرّة إلى الدّهليز، وأخذت البنات للسّوق ،واشترت لهم الملابس والشّامية والزّبدة، وأخذت لنفسها قرطاس شاي أحمر ورطل سكر ،ولما رجعت إلى الدار طبخت عصيدة بالزّبدة العربي تحلق بناتها حولها وأكلن وأعجبهن ذلك كثيرا ،وفي الصباح أعدت لهن خبز الطابونة بالشامية ،وكل يوم صارت تشتري لهنّ شيئا حتى نفذت الدّراهم ،وقالت لبناتها إياكن من الإقتراب من الجرة ولما يرجع الشيخ سيعطينا مالا كثيرا ،وسنصلح الدّار ونأكل حتى نشبع ،وربّما يضع عندنا أشياء أخرى ،فتتحسّن حالنا، وأجهزكنّ للعرس ،لهذا السبب يجب أن نثبت له أننّا محلّ ثقة ،ولا نلمس حاجيات غيرنا مهما كان شأنها ،فأجبنها :حاضر يا أمي ،نعدك بذلك .
أحد الأيّام خرجت الأم ونزلت البنات للعب في الدّهليز ،وفجأة قالت الكبرى ،مارأيكم نفتح الجرّة، ونشاهد ما فيها؟ ولن يعلم أحد بذلك !!! قالت لها الوسطى : نعم ولكن لن نلمس شيئا ،وإلا عاقبتنا أمّنا ،صاحت الصّغرى أنصحكما بأن لا تفعلا ذلك، فأمّنا وعدت الشّيخ ،فضرباها، وقالا لها : إذن إبتعدي عنا ،فجرت إلى غرفتها وهي تبكي، أمّا الأختان فرفعتا الغطاء وأشعلتا شمعة ،ثم نظرتا ،فصاحت الكبرى بفرح إنّه عسل!!! ،ثم أدخلت إصبعها ومصّته ،وفعلت الأخرى مثلها .وصارتا تنزلان كل يوم، وتأكلان من العسل ،وهدّدتا أختهما الصّغيرة بالعقاب الشّديد إن أخبرت أمّها .
لاحظت المرأة أنّها بنتاها الكبيرتين تقومان في الليل،ولمّا تسألهما عمّا تفعلانه في هذا الوقت ، تجيبان: لا نشعر بالنّوم يا أمّي !!! وبمرور الأيّام زاد جمالهما ،حتى ظهر الدّم في عروقهما من شدّة البياض، فإحتارت الأمّ ،وأتت لهما بمشعوذة عجوز ،فلمّا رأتهما تعجّبت من حسنهما البديع ،وقالت للمرأة إنّ بناتك ينتظران أحدا ، لكن خطوط الرّمل لا تخبرني بشيئ عنه ، هزّت المرأة رأسها ،و أجابتها: لا أحد يأتينا ،ونحن لا نعرف أحدا ،حتى الجيران لا يدخلون داري !!!
أحد الليالي سمعت طرقا على الباب، ولمّا فتحته ،وجدت الشيخ واقفا أمامها ،فسلّم عليها ، وقال لها الأمانة يا امرأة !!! فنزلت إلى الدهليز ،ورأت الجرّة مقلوبة وهي فارغة ،فلطمت وجهها ،وصاحت : ضاع المال ،وكل ما بنيته من أحلام ، ماذا سأقول للشيخ الآن ،يا ليتني رفضت أخذ الجرّة ،ما الذي دهاني لأقبل ذلك ؟

حكاية #الثّلاثة_بنات_وجرّة_العسل
الجزء الاول

حكاية #الثلاثة_بنات_وجرّة_العسل
الجزء الثاني

لمّا سمع الشّيخ ذلك غضب من المرأة غضبا شديدا ،وقال لها ما في الجرّة هو دواء ،أوصتني به أحد النّساء ،والله يعلم كم عانيت لصنعه ،والآن ستدفعين الثمن خمسة آلاف دينار ،فزعت الأمّ،وقالت :حتى ولو بعنا كل شيئ فلن نجمع حتى ربع هذا المبلغ ،سامحني يا سيدي، وسأكون خادمتك !!!

وبينما هما كذلك جاءت البنت الكبرى، وقالت : لقد أكلت العسل مع أخواتي من شدة الجوع ،فعاقبنا إن كان ذلك يخفّف من غضبك ،ولمّا شاهدها الشّيخ ،وقف مندهشا ،فلم ير جارية بهذا الجمال ،فقال في نفسه : لم أكن أتصوّر أنّ السّحر الذي صنعته هو رائع لهذا الحدّ ،ثم قال للمرأة حسنا لن أطالبك بشيء ،لكن على شرط أن أحمل معي ابنتك إلى قصري، وستساعني في صناعة الأدوية ،لم تجد الأم بدّا من القبول خصوصا بعد أن وعدها بالاهتمام بنفقتها ولباسها .

لكن بعد شهرين رجع إلى الدّار ،وحين خرجت له المرأة،سألته عن سبب مجيئه ،فأجابها : لقد عصت تلك البنت اللئيمة أوامري ،فحبستها،ولا بدّ أن تنال جزائها ،والآن سآخذ الوسطى !!! صاحت المرأة ،واستعطفته ،لكنّه أصرّ على أخذها معه ،وإلا تدبّرت أمرها لإرجاع ماله ،فوافقت على مضض . وبعد أن ذهب الشّيخ ،قالت الأمّ لابنتها حليمة: أختك خديجة أيضا لا تسمع الكلام ،وأخشى أن يغضب منها ،ويأتي لأخذك معه ،لهذا أفكّر أن نبيع هذه الدّار ونرحل من هنا !!! قالت البنت : معنى ذلك أني لن أرى أختاي إلى الأبد ،إنها فكرة سيئة يا أمّي ،ولو أتى فسأذهب معه ،وأعرف ما جرى لهما ،
بعد ثلاثة شهور صح ما توقعته المرأة ، أوتى الشّيخ إليها،وقال : سآخذ البنت الثالثة ،ولمّا رأى أنّ جمالها عادي، ولم تصبح مثل أختيها ،سألها : لم تأكلي من جرّة العسل !!! أليس كذلك ؟ أجابته :نعم يا خال ،ولقد حذّرتهما ،لكن لم تسمعا الكلام ،قال الشيخ: للأم لقد أحسنت تربية هذه البنت ،وسأردّ لك الأخرتين لما أنتهي من عقابهما ، ،ثم رمى لها صرة نقود ،لكن الأم أجابته لا أريد مالك على الأقل دعني أراها من حين لآخر ،صاح الشيخ :يكفيك الإثنان واحمدي الله أنهما سترجعان إليك ،هذا كل ماعندي ،إقتربت حليمة وقالت لها : لا تقلقي يا أمي سأجد وسيلة للتخلص من هذا الرجل ،وأعود إليك مع أختاي ،هذا وعد مني .

مسحت الأم دموعها عن عينيها ،فهي تعرف ذكاء إبنتها ،ثم حضنتها إلى صدرها ،وذاق الشيخ ذرعا بالبنت فسحبها من يدها بقوة ،وقال :أمامي أشياء كثيرة لأفعلها هذا المساء ،هيا ،ولا تعطليني !!! وصلا إلى قصر في طرف المدينة وكان يبدو قديما جدا، فأعطاها ملابس جديدة ،وقال لها: بعد أن تأخذي حمّاما ،وتصلحي من شأنك تعالي وسأعلمك شغلك ،وجلس الشّيخ أمام طاولة مليئة بالقوارير والحشائش ،لمّا جاءت نظر إليها ،وأعجبته هيئتها ،فقال لها :لقد تقدّمت في السّن ،وأحتاج لمن يساعدني في عملي ،أجابته سأقوم بكل ما تأمرني به لكن الأوّل أريد أن أرى أخواتي ،أجابها: أعدك بذلك لكن ليس الآن ،بقيت بجانبه تسمع ما يقول بانتباه .
بعد ساعتين قال لها سأذهب قبل أن تغرب الشمس ،وأوصيك أن تذهبي إلى المطبخ، وستجدين لحما تطبخينه وتعدين خبز الشّعير ،بعد ذلك تأخذين نصيبك وتتركين طبقين من الطعام وجرّة من نبيذ العسل على الطاولة . في الليل ستأتي صاحبة القصر،و تأخذ كلّ ذلك، فلا تحاولي النظر إليها، أو معرفة أين تذهب ،هل فهمت ؟ لما تنهين كلّ شيئ تذهبين إلى غرفتك ، ولا تخرجين إلا في الصّباح ،و ستندمين لو درت في القصر ،وفتحت الأبواب، لا تنسين مأ وصيتك به ،وإلا كان مصيرك كأخواتك …

يتبع

 

المصدر : من قصص وحكايا   العالم الاخر واقعية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق