وتبكي العروبة ونتذكر من جرح القلب سوريا
وكم كانت الأردن حافلة بالوفاء …ومازالت أرض المجد ..العروبي
في مثل اليوم السادس من تشرين الأول … وكان يوم العاشر من رمضان من عام 1973 …وصايمين ..
كنت طالبة في المدرسة الحسينية الثانوية للبنات ، في جبل الحسين خلف سينما القدس ، وكانت مديرة مدرستي السيدة الرائعة المربية الكبيرة سهام القاسم ، جمعنا الأستاذ فوزي بالي ، المربي الحبيب المتميز ، وجمعنا تبرعات من جميع طالبات المدرسة والمعلمات والمعلمين ، نزلت مع لجنة التبرعات والمديرة سهام القاسم لشراء قماش موسلين أبيض من العاصمة عمان .
وسهرنا طوال ليل ستة أكتوبر نقص القماش ونصنع منه أربطة مثلثة لإسعاف الجنود على الجبهة ، وقد قمنا عشرات الطالبات والمعلمات من نفس المدرسة الحسينية .
ملأنا سيارة كبيرة من أكياس الأربطة المثلثة للإسعاف ، وكانت سيارات الجيش الأردني الباسل تجوب الشوارع تجمع المتبرعين بالدم ، وقد توجهنا مجموعة من الطالبات والمعلمات والنساء القويات الباسلات للحدود السورية مع مجموعة كبيرة من السيارات.
سلمنا التبرعات للجنود البواسل من جيشنا العربي البطل ، وكانت معنا السيدة الراقية سهام القاسم وقد فوجئت بأخيها مروان القاسم مع جموع المتبرعين بالدم .
وكان الملك الراحل العظيم الحسين يهيب بالشعب للتبرع والجود .
كانت الشوارع والمحال التجارية والمركبات تمتليء بطوابير المتبرعين بالمال والدم ، وتلعلع الأغاني الوطنية .
ارتفعت رايات الأردن ومصر وسوريا ، ولا أنسى أبدا امتزاج صوت توفيق النمري وأم كلثوم وسعاد محمد عبر مكبرات الصوت ، مصر التي في خاطري وفي فمي ، أحبها من كل روحي ودمي ، يا ليت كل مؤمن بعزها يحبها حبي لها .
ولم يتوقف هزيع النهار والليل بارتقاء مرحى لمدرعاتنا ، رمز القوة لبلادنا .
كنا نشاهد أرتال ناقلات الجيش العربي تحرث الدروب باتجاه الحدود السورية ، مغطاة تحمل الوعد والذخيرة والعون ، والله يشهد .
طافت أغنية سوريا يا حبيبتي ، وحفظها الشعب وملأت وجدان من عايشوا تلك المشاعر الوطنية المنبثق من موقف وعاطفة الوطن .
كانت أيام عرفنا من خلالها فرحة الوحدة ، وخفقة قلب الأردن ، واللهفة الصادقة في لحظتها رغم أن ضربة المفاجأة على الجبهتين ، والواجهات السورية والمصرية شكلت نبرة مفاجأة للأردن .فهب الوطن هذا الأردن الكريم ، بشرف الرياح الهبوب وأذكر الفرقة الرابعة تتحرك في الأتوسرادات نحو صدر حدود سوريا والناس تهتف ، أتذكر الجو هذا وبعض الأمطار تنهمر ، بطعم ونكهة مذاقها في خاطري حتى اليوم .كنت مخطوبة للطيار المقاتل زوجي أبو الحسين جبريل الرازم ، وأتخيل النصر والنسور تحلق فوق بلادي هنا وهناك .حيث الطيارين المقاتلين نسور الأردن يعرفون أيام مواقعهم في قاعدة ( الضمير ) الجوية في سوريا الحبيبة .
ونغني أغنية المجد والبطولة التي كتبها محمد سلمان وغنتها سعاد محمد :
سوريا يا حبيبتي
أعدت لي كرامتي
أعدت لي حريتي
اعدت لي هويتي
سوريا يا حبيبتي …والجيش يهتف : بالدم
نفديك يا وطني !!
ما زلنا في نفس متراس القوم اليعربي …نهتف :
بالروح …نفديك يا وطني !