مقالات

قيودك الزائفة

قيودك الزائفة
بيدك وبمحض إرادتك سجنت نفسك في داخلك رسمت خطوطك الوهمية وألزمت نفسك بها؛ فتلك الخيوط الواهية ليس لها حظٌ من الواقع هي مختزلة في طريقة تفكيرك، لقد خزنتها في عقلك الباطن بطريقة سلبية؛ نصيحتي لك قبل فوات الأوان؛ لا تختبئ خلف أصبعك؛ فالنارُ تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله، مما يتحتم عليك التخلص من تلك الخيوط الواهية، اكسر كل الحواجز، واجه مخاوفك غير من عادتك السلبية، كرر التجارب مراراً وتكراراً، فالسفينة لا تغرق إلا إذا تسللت إليها المياه من الداخل،
وتذكر أن لك في السماء خالق قادر أن يرزقك كما يرزق النملة السمراء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، فالتغيير يبدأ من الداخل حيث يقول سبحانه في أية التغيير ” إن الله لا يغيير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”فما عليك إلا التغيير من ذاتك للوصول إلى تحقيق أحلامك وطموحاتك؛ وهنا تحضرني قصة ذاك الرجل الذي ذهب إلى حقله كالمعتاد حاملاً فأسه ولكنه لم يعد مع غروب ذلك اليوم وذهبت محاولات البحث عنه عبثاً وبعد مرور عقدين من الزمان سمعت زوجته طرقاتٍ على الباب فوجدت شيخاً يحمل معوله، دخل الرجل بيته الذي غاب عنه سنين طويلة وألقى بجسده المتعب على أوّل كرسيٍّ أمامه و جلست زوجته على ركبتيها أمامه، ثمّ همست في أذنه :
أين كنت يا زوجي؟
تنهّد الرجل وسالت دمعةٌ من عينه، ثمّ قال: تذكرين ذلك اليوم الذي خرجت من البيت متوجّهاً إلى الحقل، في ذلك اليوم رأيت رجلاً واقفاً في الطريق وكأنّه يبحث عن شيء، أو ينتظر قدوم أحد، فلمّا رآني اقترب منّي، ثمّ همس في أذني تماتم ما فهمت منها شيئاً، فقلت له: ماذا تقول؟ ضحك الرجل ضحكةً عالية ورأيت الشرّ يتطاير من عينيه، ثمّ قال: هذه تعويذة سحرٍ أسود ألقيت بها في أعماق روحك، وأنت اليوم عبدٌ لي ما بقيتَ حيّاً، وإن خالفتَ لي أمراً تخطّفتك مردة الجانّ فمزّقت جسدك وألقت بروحك في قاع بحر العذاب المظلم حيث تبقى في عذابك ما بقي ملك الجانّ جالساً على عرشه؛ ثمّ سار بي الرجل إلى بلادٍ بعيدة، وأنا أخدمه إذا كان النهار وأحرسه إذا جاء الليل، فإذا نام جعلت أنظر في المفتاح وأتذكّر وجهك الجميل وأبكي، ذلك أنّه ليس بيني وبينك إلاّ أن أفتح هذا القفل بالمفتاح الذي معي ثمّ أرحل إليك.
ولقد هرم ذلك اللعين،وشارف على الموت، فقلت له: يا سيّدي، أنت الآن تموت، ولا نعلم كيف يكون الخلاص من السحر الذي ابتلينا به،ضحك الرجل وقال: أيّها الأحمق، أنا لا أعرف شيئاً من السحر، وما تلك التماتم التي همستها في أذنك إلاّ كذبةٌ ابتدعتها، لكنّ نفسك الضعيفة جعلتك عبداً لي، وخوفك من الهلاك جعلت روحك سجينةً في زنزانةٍ أنت تغلقها بيديك، وقد أعطاك الله عقلاً كالمفتاح الذي وضعتّه في عنقك، ولولا أنّك رضيت لنفسك الذلّ والهوان لفتحت باب السجن الذي كنت تعذّب نفسك به، وكنت أسمع صوت بكائك في الليل فأعجب من ضعف عقلك وقلّة حيلتك،
فكثيرا ما نحبس أنفسنا في زنزانات وهمية نضعها نحن لأنفسنا أو يضعها الاخرون لنا؛ فلانكتشف ذلك الا بعد فوات الأوان وقد فترت عزيمتنا وتبددت طاقتنا.
#مروانيات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق