مقالات

خبير مصري: معركة باخموت تمهّد لعالم جديد سينهي أحادية القطب

AP
أكد الكاتب الصحفي المصري، مصطفى السعيد، أن معركة باخموت تمهّد لعالم جديد سينهي أحادية القطب في العالم، وأن الخلاف بين القيادتين العسكرية والسياسية في أوكرانيا يوضح أهمية المدينة.

وقال السعيد إنه بعد سبعة أشهر من المعارك الضارية بين روسيا وأوكرانيا ومن خلفها وبجانبها حلف “الناتو”، لا يمكن وصف معركة باخموت بأنها صغيرة أو رمزية، وما قاله الرئيس الأوكراني زيلينيسكي عن معركة باخموت متضارب للغاية، بين تمسكه الشديد بعدم الانسحاب رغم وصفه لها بالمريرة والصعبة للغاية، وتحذيره لحلفائه في “الناتو” بأن الهزيمة في باخموت سيعقبها انقضاض روسي على عدة مدن وبلدات مهمة، ووصفه لها بأنها صغيرة وغير هامة من الناحية الإستراتيجية.

وشدد على حقيقة مفادها لو كانت باخموت غير هامة ما جرت التضحية بكل الآلاف من خيرة القوات الأوكرانية، ولا تحدثت الصحف الغربية عن خلاف بين زيلينيسكي وقائد الجيش حول الانسحاب الذي طالب به قائد الجيش ورفضه زيلينيسكي لأسباب معنوية وسياسية، ولهذا ستكون حرب الربيع أشد ضراوة، لأنها ستحسم إلى حد كبير نتيجة الحرب، التي يبدو النصر فيها قريبا من روسيا، بعد انتصارها في باخموت وقبلها سوليدار، ليس لأن المعنويات الروسية مرتفعة فقط، وإنما لأن روسيا اختارت تكتيك الحرب المتدرجة صعودا، وأبقت أهم وحداتها القتالية وأحدث أسلحتها للجولات الأخيرة.

وأردف بالقول لكن لماذا اختارت روسيا التكتيك المتدرج في القوة، رغم أنه يطيل أمد الحرب، ويستنزف القدرات اقتصادية وعسكرية للطرفين، والمرجح أن روسيا أدركت أهداف حلف “الناتو”، ومع ذلك رأت أن الحرب المتدرجة أنسب لها سياسيا وعسكريا، وأن حلف “الناتو” ومعه قادة الغرب استعدوا لحرب سريعة وليس لحرب استنزاف طويلة، والمؤكد أن روسيا عندما قررت تحرير دونباس كانت تتوقع رد الفعل الغربي، وشن حرب اقتصادية وسياسية ودعائية من شأنها أن تؤثر على الداخل الروسي، الذي يمكن أن يرفض الحرب تحت تأثير الضغوط الاقتصادية والسياسية، وبهذا تدخل روسيا مرحلة جديدة من الفوضى، وتبين أن الحسابات الروسية كانت أكثر دقة وواقعية، لهذا بدأت بما أسمته عملية عسكرية محدودة لحماية سكان دونباس من أصول روسية، لكن خطة بوتين تستهدف استعادة روسيا لما ترى أنه أراضيها التاريخية، لهذا بدأت بإقليم دونباس (لوغانسك ودونيتسك)، ثم تمددت خارج الهدف المعلن لتسيطر على معظم زابوروجيه وخيرسون، بعد أن سيطرت على جزيرة القرم عام 2014، وتطمح للتقدم إلى أقاليم خاركوف ودنيبروبتروفسك ونيكولاييف وأوديسا، وتكون قد سيطرت على النصف الروسي من أوكرانيا، وسيكون السبب المعلن وقتها من روسيا أن حكومة كييف تواصل الحرب، وتهاجم الأراضي الروسية، وأنها تسعى إلى تأمينها من الضربات الصاروخية.

وتابع: “لكن هل تضمن روسيا ألا تتدخل أوروبا وحلف “الناتو” بشكل أوسع لحماية ما تبقى من أوكرانيا؟ تجهزت روسيا لهذا الاحتمال، وادخرت أفضل قواتها وأسلحتها للمواجهة المباشرة مع “الناتو”، خاصة الصواريخ فرط الصوتية منها كينجال، وطائرات “سوخوي 35” ودبابات “تي 90” المعدلة وغيرها من الأسلحة، وإذا دخلت بولندا المواجهة، الأكثر حماسا لمحاربة روسيا مع دول البلطيق الصغيرة فيمكن هزيمتها بالأسلحة التقليدية، أما إذا انضم “الناتو” بشكل واسع ورسمي فستكون الأسلحة النووية جاهزة، ولوحت روسيا بصاروخ سارمات الرهيب، الأسرع من الصوت 10 مرات، والقادر على حمل عدة رؤوس نووية. وتستند روسيا إلى معادلات بسيطة وواضحة وهي أن أوروبا لن تحتمل الحرب الطويلة اقتصاديا وعسكريا، وتدفع حاليا أثمانا باهظة لاستيراد الغاز والنفط من خارج روسيا، وكل ما تحتاجه روسيا من الغرب تصنعه الصين الحليفة، ومعظم صادرات روسيا تحتاجها الصين، فلا حاجة للغرب. الولايات المتحدة لن تحارب من أجل أوروبا وستكتفي بالمساعدات وتجنب الحرب المباشرة مع روسيا. ستمد الصين روسيا بالمساعدات الاقتصادية وربما العسكرية، علنا أو سرا، لأن الخصم يضعهما في مرتبة الأعداء، ولهذا تحالفهما حتمي تفرضه المصلحة المشتركة ومن غير المحتمل أن تنضم دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية إلى حلف “الناتو” في أي مواجهة عسكرية، خشية مجابهة كوريا الشمالية المتحفزة للغاية، بالإضافة إلى الصين “القوة العسكرية الأضخم النائمة” والتي لا يعرف “الناتو” الحجم الحقيقي لأسلحتها وقدراتها والمقولات حول التفوق التكنولوجي للغرب والولايات المتحدة قديم، ويعود إلى عقود ماضية، وكذلك الحديث عن أن الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم،

ونوه إلى أن العبرة هنا ليست في حجم الاقتصاد بل بصحته، وما إذا كانت تحقق عجزا في ميزانها التجاري وموازنتها لم تحقق فائضا، والولايات المتحدة تحقق عجزا هائلا يتجاوز ترليون دولار سنويا، وكل دول غرب أوروبا تحقق عجزا باستثناء ألمانيا، بينما الصين تحقق أعلى فائض في العالم، وروسيا الأصغر اقتصاديا تحقق فائضا أيضا، وبقراءة هذه المعادلات تكون روسيا في وضع أفضل، وتحقق أهدافها سواء في أوكرانيا أو في عالم متعدد الأقطاب.

 

ناصر حاتم ـ القاهرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق