أن يشترط صندوق النقد الدولي إدماج المهاجرين لتبرير قراره تعليق مناقشات الشراكة مع تونس دليل قوي على أنه يُراد لنا أن نكون تحت الأوامر والابتزاز والحصار، وأن نتقبل استصغارنا ووضعنا غصبا أمام خياريْن: إمّا أن نوطّن المهاجرين إلينا من دول جنوب الصحراء، وإمّا أن نُعاقب. لكن علينا ألاّ نقبل، لا هذا ولا ذاك… صحيح أنّ ما جرى فعلناه بأيدينا، ليس من جهة المبدئ، بل في الأسلوب. المبدئ يجب أن يكون ثابتا وهو أن نطبق قانوننا الذي يؤكد سيادتنا على أرضنا وأن نحمي تونس من أيّ خطر، والخطر قائم مع تدفق المهاجرين علينا من دول جنوب الصحراء على صيغ غير قانونية، إن ليس الآن، فلاحقا، عندما يتضخم عددهم لتجاهل منّا واستسهال منهم… لا يمكن بأيّ حال نكران حقيقة أن قضية التعامل الفج مع مهاجري دول جنوب الصحراء قد أساءت لعلاقاتنا مع منظمات دولية وشوّهت صورتنا عند بعض الدول، لكن ليس إلى حدّ أن نغرق في الوهم بأنّ الخارج يبكي على مصالحنا ويخاف عليها. ثمّة في مواقفه مبالغة، وتجنّي، وضغط مقصود يجب علينا أن نواجهها ونخفف منها دبلوماسيا وإعلاميا. علينا أن نكف عن جلد أنفسنا، لأنها في النهاية أزمة وستمر، وستترك رسالة للعالم مفادها أننّا لا نقبل بأن يتقرر لنا، في الخارج، أمننا ومستقبلنا، تماما مثلما لم نقبل في مثل هذه الأيام من عام 2016 عندما تصدت تونس لداعش ومَن وراءها في بنغردان… نزع فتيل الأزمة يقتضي الآن أن يتحرك رئيس الدولة ووزير الخارجية بنسق سريع مع الاستعانة بشخصيات لها علاقات مشرفة في الخارج ومنه افريقيا. كما يقتضي مزيدا من التسهيلات للطلبة وغيرهم من مواطني جنوب الصحراء لتطبيع حياتهم بيننا. والأهم أنه يقتضي تطبيق الدولة لقانون العقوبات الأكثر شدّة على التوانسة المتهورين الذين يعتدون على هؤلاء الأفارقة. وأمّا قبائل الإعلام، فليتها تتوقف عن إرسال الرسائل الخاطئة.