مقالات
خاطِرَةٌ دامِيَةٌ: أ.د. لطفي منصور
ما حَدَثَ في سورِيَّةَ وَتُرْكِيَّةَ مِنْ زَلازِلَ مُتَعاقِبَةٍ أَحْدَثَتْ دَمارًا قَلَّ مَثِيلُهُ في التّارِيخِ ، وَذَهبَ ضَحِيَّتَهُ عَشَراتُ الْآلافِ مِنَ الْأَطْفالِ والنِّساءِ والرِّجالِ شٍيبًا وَشَبابًا، وَأَضْعافَهُمْ مَرَّتَيْنِ مِنَ الْجَرْحَى والْمُصابِينَ، وَمَلايِينُ مِنَ الَّذِينَ فَقَدُوا مَنازِلَهُمْ وَمّتاعَهُمْ وَأَمْلاكَهُمْ.
النّاسُ عِنْدَنا في هَلَعٍ وَجَزَعٍ وَتَرَقُّبٍ مُرِيبٍ. بِلادُنا جُزْءٌ مِنَ الشَّامِ، وَفي الْقِسْمِ الْجَنوبِيِّ مِنْهُ، حَيْثُ الْبَحْرُ الْمَيِّتُ الّذي يَنْخَفِضُ أَرْبَعَمِائَةِ مِتْرٍ عَنْ سَطْحِ الْبَحْرِ، وَغَوْرُ الْأُرْدُنِّ، وَبُحَيْرَةُ طَبَرِيّا الَّتي تَنْخَفِضُ عَنْ سَطْحِ الْبَحْرِ مِائَتَيْنِ وَثَمانِيَةَ أَمْتارٍ. فَنَحْنُ عَلَى الضَّفَّةِ الْغَرْبِيَّةِ مِنَ الشَّقِّ الْآسْيَوِي الْإفْرِيقي. وَتَكْثُرُ في مِطَقَتِنا الزَّلازِلُ الْخَفيفَةُ وَالْهَزّاتُ الْأَرْضِيَّةُ، مِمّا يَزَيدُ السُّكّانَ قَلَقًا وَذُعْرًا.
في هَذِهِ الْأَيّامِ كَثُرَتِ الْأَسْئِلَةُ حّوْلَ مُسَبِّباتِ الزَّلازِلِ . مُعْظَمُ السُّكّانِ لا يُؤْمِنُونَ بِالتَّفْسِيرِ الْعِلْمِيِّ لِلزَّلازِلِ . فَوَقَعُوا ضَحِيَّةَ المُشَعْوِذِينَ وَلْجَهَلَةِ مِنْ رِجالِ الدِّينِ وَتَفْسيراتِهِمْ الْخائِبَةِ.
يَسْأَلُونَ لِماذا تَحْدُثُ الزَّلازِلُ وَتُسَبِّبُ الْمَوْتَ وَالدَّمارَ؟ فَإذا أَجَبْتُهُمْ: إنَّنا عَلَى كَوْكَبِ مِنْ كُتْلَةٍ نارِيَّةٍ مُلْتَهِبَةٍ، بَرَدَتْ قِشْرَتُها الْخارِجِيَّةُ الصَّخْرِيَّةُ بَعْدَ مِئاتِ مَلايِينِ السِّنِينَ، وَيَتَراوَحُ سُمْكُها ما بَيْنَ ٢٠-٨٠ كيلومترًا، وَأَنَّ الْحِمَمَ الْمُتَهِبَةَ تَدْخُلُ في شُقُوقِ هَذِهِ الْقِشْرَةِ بِقُوَّةٍ مُحْدِثَةٍ فيها ارِتِجاجًا هو الزِّلْزالُ أوِ الْهَزَّةُ. فّإذا ما نَفَذَ مِنَ الْقِشْرَةِ إلى الفَضاءِ يَكُونُ بُرْكانًا، وَبِهَذِهٍ الطَّريقَةِ تَكَوَّنَتْ الصُّخُورُ الْبازِلْتِيَّةُ.
قِلَّةٌ قَليلَةٌ مِنَ السَّامِعِينَ تُدْرِكُ هَذِهِ الْعَوامِلَ الطَّبِيعِيَّةَ. أمّا أكْثُرُهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِأَنَّهُ عِقابٌ رَبَّانِيٌّ لِلْبَشَرِ.
اللَّهُ سُبْحانَهُ عادِلٌ لا يُعاقِبُ عِبادَهَ الْحابِلَ مِنْهُمْ وَالنّابِلَ، لا يُعاقِبُ رُضَّعًا وَأَطْفالًا وَرِجالًا وَنِساءً وَشُيُوخًا لا ذَنْبَ لَهُمْ لِأَجْلِ طُغْمَةٍ فاسِدَةٍ عَذابُها يَوْمَ الْقِيامَةِ، أوْ يُصيبُهُمْ خاصَّةً في عَذابِ الدُّنْيا، كَما عَلَّمَتْنا الْكُتُبُ الْمُقَدَّسَةُ والنَّبِيُّونَ.
لا شَكَّ إنَّ اللَّهَ سَيُعاقِبُ الَّذِينَ أشْرَفُوا عَلَى البِناءِ مِنَ الْمُخْتَصِّينَ الْمُهَنْدِسِينَ الْمُهْمِلِينَ الَّذينَ لَمْ يُعْطُوا الْبِناءَ حَقَّهُ مِنَ الْقُوَّةِ وَالثَّبات، هُناكََ أَبْنِيَةٌ سَقَطَتْ وَأُخْرَى لَمْ تَسْقُطْ وَهِيَ بِجِوارِها.
أَقُولُ لِهَؤُلاءِ الدَّجّالِينَ الَّذِينَ يُخِيفُونَ النّاسَ مِنْ عِقابِ اللَّهِ كَما تَعْمَلُ بَعْضُ الدُّوَلِ الْيَوْمَ، وَكَما عَمِلَتْ سابِقًا في هيروشيما ونَغازاكي كما قالَ آينشْتاين إنَّ اللَّهَ لا يَحْكُمُ عِبادَهُ بِقَوانينِ لُعْبَةِ شيش بيش، بَلْ بِحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ.
(وَما كُنّا مُعَذِّبينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولا).
صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيم