نشاطات
تحوَل وجه اسرائيل السياسي
تحوَل وجه اسرائيل السياسي.
بقلم: تمارا حداد.همسةنت
بعد قُدرة نتينياهو على تشكيل حكومته والتي امتلأت بالكثير من التناقضات إبان المفاوضات الائتلافية التي أظهرت أن كل حزب يعمل لمصالحه دون النظر في تبعات تغيير الواقع السياسي في اسرائيل، بات من المؤكد أن وجهة اسرائيل الجديدة هو بتغيير وجه اسرائيل والاستمرار نحو انزياح الشارع الاسرائيلي نحو اليمين الأكثر تطرُف.
صحيح أن هناك تناقضات سياسية ظهرت بعد الانتخابات الاسرائيلية الأخيرة بسبب سعي نتينياهو والأطراف المتحالفة معه نحو تغيير قوانين أساس في دولة اسرائيل إلا أن هذا الأمر تم معارضته من قبل المحكمة العليا برفض تعيين درعي في مناصب وزارية نظراً لعدم معقولية تعيينه بسبب اتهامه بقضايا فساد عديدة، إلا أن حكومة نتينياهو ستواجه الاحتجاجات الداخلية نحو تغيير النظام الاجتماعي الحالي تدريجياً من خلال اخضاع الجمهور العلماني لنمط حياة المتدينيين، حتى لا يتم حل الحكومة الحالية والتوجه الى انتخابات جديدة.
لذلك قام نتينياهو وشركاؤه في تغيير الواقع الاجتماعي في اسرائيل من خلال سيطرة الأحزاب الدينية والحريدية على أكبر عدد ممكن من مجالات المجتمع الاسرائيلي، والعمل تدريجياً على انزياح الجمهور العلماني نحو تعزيز النسخة الارذوكسية للهوية اليهودية، لذا تم تكليف اوريت ستروك وزيرة المهام الوطنية بوضع برنامج اجتماعي لتعميق الهوية الدينية وذلك بالبدء من الأسرة والتعليم في المدارس، لذا تم وضع ميزانية 700 مليون دولار على المدى القريب وسن قوانين أساسية لتدريس شريعة التوراة وشريعة الملك العبرية باعتبار أن الدراسة الدينية هي نظرة مستقبلية قيمية ثابتة في تراث الشعب اليهودي لذا سيتم ازدياد قيمة تمويل التعليم الديني الحريدي، وستحصل المؤسسات ذات الطابع الارذوكسي المسؤولة عن الخدمات الدينية على نحو 141.3 مليون دولار، ناهيك عن توسع صلاحيات الحاخامية في كل المجالات ذات التأثير على تغيير الطابع الاجتماعي للمجتمع الاسرائيلي.
فاذا نجحت سياسة الائتلاف الحالي في اخضاع العلماني نحو التوجه الى النمط الحريدي فان حكومة نتينياهو سيطول عمرها أما اذا واجهت معارضة جديدة فان حكومته ستُعرِض المجتمع الاسرائيلي الى حالة من الانقسام والتفكك الداخلي ناهيك عن استمرار الهجرة المعاكسة من دولة اسرائيل الى الرجوع الى بلدانهم وان حاول نتينياهو جلب آخرين يؤمنون بالوجهة الجديدة إلا ان حال الانقسام الداخلي ستستمر نظراً للصدامات التي ستنشأ من اعضاء حكومة نتينياهو بالتحديد سموتريتش ووزير الدفاع الجديد غالنت لتناقض المهام التي ستحدث داخل الجيش الاسرائيلي من شانها ان تعمل على تغيير وجهته الحالية، وبين بن غفير والجيش نظراً ان وحدات حرس الحدود في الضفة الغربية اصبحت ضمن انشطة وزير الامن القومي.
رغم التناقضات السياسية في الواقع الاسرائيلي الا ان اتفاق الحكومة الائتلافية والمعارضة يتوحدون على اكثر من اتجاه من ضمنها توسيع الاستيطان وتسريع ضم الضفة الغربية وتهجير قدر المستطاع من الفلسطينيين سواء قسراً او طوعاً ومن تبقى سيتم حرمانه من الحقوق السياسية. وعملية توسيع الاستيطان يأتي بضوء اخضر من اميركا رغم تناقض بياناتها في دعمها لحل الدولتين، والدليل يوم امس تم خروج بيان من البيض الابيض يدعم عملية السلام وذات الوقت تم بناء بؤرة استيطانية قرب مستوطنة ” مغداليم” بنابلس خلال ليلة امس وهذا دليل ان اميركا لا تدعم الفلسطيني الا من خلال اعطاء امتيازات بسيطة مثل الجيل الرابع ودعم مستشفيات القدس.
وكما سيستمر نتينياهو في تجميد عملية السلام بالتحديد أن بن غفير وسموتريتش ضد اقامة دولة فلسطينية وهي اشارة ان فرص استئناف المفاوضات من اجل حل الدولتين في المدى القريب ضعيف جدا، وسياسة الحكومة الحالية ستُضعف السلطة الفلسطينية مما يخلق مشاكل في فرض النظام على الارض، ناهيك عن التغيرات في الوضع الراهن في القدس.
هذه الاجراءات ستُشعل الوضع الامني في الضفة الغربية بتوسيع قاعدة الفلسطينيين المشاركين بالعمليات الفدائية ضد الاحتلال وازديادها في بقع الاكثر مقاومة في نابلس وجنين مقابل خلق مهام جديدة لجيش الاحتلال في توزيع قواته الاحتياطية في الضفة الغربية بدل وجود السلطة للسيطرة على الاوضاع الامنية في الضفة.
فلا افق سياسي مستقبلي امام قناعة الراي العام الاسرائيلي وقادة اليمين خاصة الليكود وهي ضرورة الابتعاد عن حل الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي والاكتفاء بادارته حتى تتغير بيئة الصراع الحالي ضمن المتغيرات المحلية والاقليمية والدولية ومحاولة اليمين الحالي افساد اي مفاوضات مع اتباع سياسة اكثر صرامة ليس فقط ضد بؤر المقاومة وحتى المتعاطفين مع هذا الموقف من خلال العقوبات الفردية سواء بالاعتقال او الاغتيال او الطرد وسحب الجنسيات الاسرائيلية اذا كان المتعاطف من عرب الداخل.
سينشغل نتينياهو حالياً بتوسيع اتفاقيات السلام ابراهام وهذا مرهون بعدم تدهور الاوضاع بين الفلسطينيين والاسرائيليين او اندلاع عنف واسعة النطاق خلال عام 2023 وهذا ما تم الاتفاق عليه بين الجانب الاسرائيلي والجانب الامريكي بادارة الصراع الى حين استكمال المشروع الابراهيمي في منطقة الشرق الاوسط.