مكتبة الأدب العربي و العالمي

حارس_المقبرة_الجزء_الثاني

ارتعب لطفي من منظر ذلك الشخص الملثم الذي دخل عليه فجأة من دون سابق إنذار وبقي يتأمله وهو مرعوب من منظره ثم خاطبه وهو يقول : السلام عليكم ولما لاحظ الشخص الواقف خوف لطفي منه نزع اللثام من وجهه فاذا هو شاب في بداية الثلاثينيات وتقدم منه قليلا و خاطبه قائلا : مابك يا اخ لطفي ألا ترد سلام ؟

إنصدم لطفي لما عرفه بأنه يعرف إسمه ايضا ويتحدث معه بثقة كاملة كأنه يعرفه منذ زمن فقال : وتعرف أسمي ايضا من تكون انت؟
إبتسم الشاب وجلس بالقرب منه وقال : الن تضيفني بكأس من الشاي اولا فسهرتي معك طويلة وأريد ان احكي معك في موضوع مهم

جلب لطفي كأس إضافي ووضعه امام الشاب ثم سكبه له من إبريقه النحاسي وظل يتأمله في ورع منتظرا منه ما سيقول حمل الشاب كاس شاي بهدوء وارتشف منه رشفة عميقة ثم وضعه على الارض وقال :

تعمدت أن أتي إليك في هذا الوقت حتى لا يرانا أحد فأنا اعرفك جيدا وأعرف الظروف التي تمر بها وقد جئت إليك بمشروع سينقذك  من حالة الفقر ويوصلك الرفاه والغنى

استغرب لطفي من كلام الشاب الغريب وقال : لم افهم بعد عن اي مشروع تتحدث ؟
اشبك الشاب اصابع يديه وقال : مشروع ستأكل منه شهد وستقبض ثمنه كل ليلة وراتبه يصل الى عشرين ألف درهم وتأخذها مني على الفور .

إندهش لطفي من كلام الشاب وراح ينظر اليه وهو غير مصدق  لما سمع هذا المبلغ ادرك ان مشروع الذي سيقدمه له هو مشروع مشبوه وغير نظامي فلا يعقل ان يجني مبلغ كبير مثل هذا بمشاريع قانونية فساله لطفي قائلا : وماهو هذا المشروع ؟

سكت الشاب قليلا وراح يحدق في وجه لطفي حتى يستوعب مدى صدمته مما سيسمع ثم قال : المشروع هو اني سآتي كل ليلة وأخذ جثة من المقبرة وانت تساعدني في نبش القبر واخراج الجثث ومقابل كل جثة اخذها لك مني عشرين ألف درهم كما ذكرت لك

فتح لطفي فمه وعيناه من الدهشة وهو يسمع هذا الكلام وقال:اعوذ بالله من الشيطان الرجيم تريد ان تخرج جثث الناس أموات هل جننت يا هذا ام ماذا كيف تطلب مني ان اساعدك في نهب جثث للناس الميتة ؟

فقال الشاب يحاول ان يقنع لطفي بمشروعه قائلا : تعالى لنحسب الامر بالعقل والمنطق هذه الجثث التي تحرسها هي الآن عرضة للدود والتعفن بما تستفيد من حراستها ؟

ثم من سيهتم بها ان كانت موجودة او لا وأنا لا اقصد جثث حديثة ولكن اقصد جثث التي اكل عليها الدهر وشرب وخاصة التي لا ياتي اهلها لزيارتها او حتى ترحم عليها انا سأخذها وانت تقبض مني المبلغ ولا من عين شافت ولا من يدري ما رأيك ؟ لم يقنع كلام الشاب لطفي واصر على موقفه وقال : يا بني آدم هذه حرمة الناس الميتة فكيف تطلب مني ان اخرجها من قبرها واسلمها لك وهل نسيت اني مأمن عليها من طرف اهلها

ثم من أنت حتى تأتي عندي في مثل هذا الوقت وتطلب مني ان أساعدك في جريمة يعاقب عليها القانون مستحيل ان افعل ذلك فإنسى هذا الموضوع وعد من حيث اتيت ؟

أدخل الشاب يديه في جيبه واخرج علبة سجائر واشعل واحدة ثم قال وهو ينفث دخان سجارته : تريد ان تعرف من اكون أنا عضو في منظمة عالمية تسعى لتقديم ابحاث علميه لفائدة البشرية والجثث التي سأخذها منك سيتم اجراء عليها تجارب ويستفيد منها البشر في الاخير

وتذكر يا لطفي ان الجثث التي هي عرضة للتعفن والدود العلم اولى بها وانت بمساعدتك لي ستقدم خدمة جليلة للعلم و في نفس الوقت تستفيد من تحسين وضعك المالي فبدلا من ان تعيش على هذا الراتب السخيف وعن صدقات المحسنين…

خذ لك المبلغ المحترم على الاقل يكفي لمصاريفك ومصاريف اهلك وصدقني انها فرصة لا تعوض.
لذلك سأتركك تفكر مع نفسك جيدا وفي ليلة الغد سأتي اليك وأسمع منك جوابك النهائي مع السلامة

Lehcen Tetouani

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق