مقالات

خفوت وازدهار.. حقبات شهدت عليها الملكة إليزابيث

بعد 70 عامًا على عرش التاج البريطاني، أُسدل الستار اليوم على حقبة 70 عامًا من حكم الملكة إليزابيث الثانية، مع إعلان وفاتها.

وقد أعلن قصر باكنجهام، وفاة الملكة إليزابيث الثانية، ملكة بريطانيا، عن عمر ناهز 96 عامًا، إثر تدهور حالتها الصحية خلال الساعات الماضية.

وتُعد إليزابيث الثانية؛ ملكة بريطانيا والملكة الدستورية لمجموعة دول الكومنولث التي تضم 53 دولة. وكانت تتمتع بدور شرفي أو رمزي في الحياة السياسية، لكن خلال حقبة طويلة من 7 عقود خلال فترة حكمها الشرفي مرت بريطانيا بفترات متباينة من البناء والإصلاح والازدهار والرخاء والنجاحات والإنجازات والأزمات على الصعيد الاقتصادي. سنعرضها بصورة موجزة فيما يلي:

سبعون عامًا من الحكم لم تكن بالهينة على ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، بل كانت ربما أقصاها التي جاءت مباشرة بعد اعتلاءها للعرش والتي تزامنت أيضًا مع فترة الإصلاح والبناء القائمة بعد الحرب العالمية الثانية. كل ذلك حدث بمساعدة الكثير من رؤساء الوزراء الذين تعاقبوا على عهد الملكة التي فارقت العالم في 8 سبتمبر/أيلول 2022.

– في السادس من فبراير 1952 اعتلت إليزابيث الثانية العرش، وكانت حينها تمر بريطانيا بمرحلة البناء بعد الحرب العالمية الثانية. وفي ذلك التوقيت كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي يبلغ 7500 جنيه إسترليني، مقابل ما يصل إلى 32500 ألف جنيه إسترليني اليوم في عام 2022، وهذا يعني حدوث نمو بالاقتصاد بنسبة 332% على مدار السبعين عامًا.

– الدين القومي مقابل الناتج المحلي الإجمالي كان مرتفعًا بحدود 165.1% في 1952، ليتراجع إلى 94.9% في 2022، وهو تقريبًا أقل اليوم من الدين القومي للولايات المتحدة الأمريكية مقابل الناتج المحلي الإجمالي.

– مر أيضًا على رئاسة الوزراء البريطانية في حقبة الملكة إليزابيث الثانية، الكثير من الزعماء الأقوياء الذين ساهموا في نهضة الاقتصاد البريطاني وحمايته من الأزمات التي مرت في عهد الملكة إليزابيث.

– وفق البيانات البريطانية تتراوح الأزمات ما بين 5 – 10 أزمات، وأبرزها يتمثل في:

انتهاء تقنين المواد الغذائية في عام 1954 بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

أزمة تأميم قناة السويس في 1956، وتضرر بريطانيا باعتبارها كانت أكثر المتضررين من قرار تأميم القناة؛ لأنها كانت تمتلك 45% من أسهم القناة، بالإضافة إلى أن ثلاثة أرباع النفط البريطاني يمر بالقناة، وكانت السفن البريطانية المستخدمة للقناة تمثل ثلث السفن العابرة.

في 1967 شهدت حقبة إليزابيث الثانية أزمة التدخل في تحديد قيمة سعر صرف العملة المحلية عن طريق خفض عملة الجنيه الإسترليني.

في السبعينيات دخلت بريطانيا بأزمة النفط والتي أجبرت بريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للبحث عن بدائل، ثم انضمت بريطانيا للاتحاد الأوروبي في 1972.

في 1982، الدخول في حرب فوكلاند مع الأرجنتين وتسببها في أزمة اقتصادية.

في 1992 أعلنت بريطانيا انسحاب الجنيه الإسترليني من سوق سعر الصرف الأوروبي.

في 2008، تضررت بشكل واسع النطاق من الأزمة المالية العالمية، مع تأميم الكثير من البنوك والمصارف البريطانية.

في 2016، الدخول في التصويت على مغادرة الاتحاد الأوروبي “بريكست”، وما تبعه على مدار سنوات من أزمات اقتصادية متشعبة.

في 2020، جاءت جائحة كورونا لتزيد من متاعب الاقتصاد البريطاني الباحث عن التعافي بعد بريكست.

الأزمات الاقتصادية أيضًا لم تكن بمعزل عن الأزمات السياسية التي زادت من تردي الأوضاع.

– بعض مشكلات تلك الحقبة، لا تزال مألوفة، فمعدل التضخم عندما أصبحت إليزابيث الثانية ملكة على المملكة المتحدة، كان عند 11.2%، أي بفارق بسيط عن مستوى التضخم الذي يبلغ اليوم 9.8% في 2022.

– على مدى الأعوام الـ70 الماضية، كانت معدلات التضخم أقل من 5% بقليل، ما ترك الأسعار أعلى بحوالي 24 مرة إجمالاً عبر هذه الفترة الزمنية.

– كان النمو هو الاتجاه المسيطر في المجمل في حقبة الملكة الراحلة إليزابيث الثانية؛ فجزء كبير من الزيادة في النمو كان مدفوعاً بفترة ازدهار قطاع الخدمات، الذي انتعش في الوقت الذي انحسر فيه قطاع التصنيع. وفي الوقت الذي أدّى “الانفجار العظيم” الناجم عن إلغاء القيود الرقابية على البنوك إلى تحوّل بريطانيا إلى مركز مالي عالمي، تراجعت مساهمة قطاع التصنيع في توظيف القوى العاملة إلى 7% فقط، من نحو 30% في عام 1952.

– ما من شيء يوضح التحولات التي شهدتها بريطانيا أكثر من سوق الإسكان. صعد متوسط سعر المنزل من أقل من ألفي جنيه إسترليني – أي ما يوازي نحو 60 ألف جنيه إسترليني حالياً – إلى مستوى قياسي يصل إلى 270 ألف جنيه إسترليني، حسب جمعية البناء الوطنية في بريطانيا. يعني هذا الأمر أن سوق الإسكان تخطت معدلات التضخم ونمو مستويات الدخل بطريقة هائلة، وفي بعض الأعوام حقق مالكو المنازل ثروة تفوق ما اكتسبوه من خلال وظائفهم. أسفرت هذه الارتفاعات عن التسبب في إجهاد للموارد المالية للأفراد الذين يقومون بشراء العقارات. تحتاج عائلات عديدة اليوم إلى امتلاك دخلين للحصول على سكن في ظل سوق متقلبة، بينما في عام 1952 كان يعتمد الأمر على الراتب الذي يوفره الرجال في الأساس.

– تزايدت نسبة ملكية المنازل خلال النصف الثاني من القرن الماضي. تسارع معدل التحوّل خلال حقبة رئيسة الوزراء السابقة، مارجريت تاتشر، التي روّجت لرؤيتها لـ”ديمقراطية الملكية العقارية”، عبر تشجيع المستأجرين في الإسكان التابع للمجالس المحلية على شراء منازلهم في فترة الثمانينيات من القرن الماضي. رغم ذلك، انقلب الاتجاه على مدى الأعوام العشرين الماضية، جراء الارتفاع الهائل في أسعار المساكن.

لم تعد المملكة المتحدة تلك القوة التجارية التي كانت عليها فيما مضى. في عام 1960، استحوذت على نحو 9% من صادرات البضائع على مستوى العالم، أما اليوم، فتبلغ حصتها أكثر بقليل من 2%. جاء هذا التراجع في ظل انتقالات عمليات التصنيع إلى اقتصادات منخفضة التكلفة، مثل الصين. كذلك، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، أعقبته فترة أخرى من الضعف، حيث تعافت الصادرات البريطانية من الجائحة بدرجة أقل قوة، مقارنة بالدول الأخرى المجاورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق