نشاطات
التجمع الإقليمي ظاهرُه خطة مارشال الاقتصادية وغطاؤه الجيوسياسي الأمني.
بقلم الباحثة: تمارا حداد.همسة نت
التجمع الإقليمي ظاهرُه خطة مارشال الاقتصادية وغطاؤه الجيوسياسي الأمني.
بقلم الباحثة: تمارا حداد.
بعد انتهاء فترة ما يُسمى الربيع العربي في الشرق الأوسط وبداية خروج النظام الدولي ذو القطبين باتت أمريكا في مأزق نحو ترسيخ متطلباتها وشروطها في المنطقة لغياب الثقة بينها وبين الدول العربية، لذا قرر بايدن زيارة المنطقة وتعزيز الثقة بالسياسة الخارجية الاميريكية والتي باتت بين المتناقضات بين الفكر الجمهوري والديمقراطي والذي انعكس بشكل مباشر على التعامل مع القضايا الخارجية بالتحديد تعاملها مع المملكة السعودية وملف القضية الفلسطينية وملف الإسلام السياسي.
وقُبيل زيارة الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط وبالتحديد إلى السعودية سارع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لزيارة مصر والأردن وتركيا حيث جاءت ضمن سياق هدف واحد وهو تنسيق الجهود العربية وإيجاد موقفاً موحداً حول الرد النهائي للانضمام في الحلف المشترك بصيغته النهائية “الحلف العربي_الاسرائيلي_الأميركي” ليكون بديلاً عن التواجد الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط والرد النهائي حول التطبيع الاسرائيلي.
وجاءت زيارة ولي العهد السعودي عبر سياق تنسيق الجهد الإقليمي والأمني والاقتصادي وركز حول الجهد الإقتصادي باعتباره باباً لاستحقاقات سياسية في المنطقة واعادة الدور السعودي في المنطقة، ورغم الحديث عن مآل حرباً ايرانية مستقبلية إلا أن حدوث مثل تلك الحرب ليس لصالح أي من الدول العربية، من هنا بدأت السعودية اللجوء لخيار سلمي وهو ترتيب الوضع الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط إلى حين ترتيب العلاقات الأمريكية_ الروسية والتي ما زالتا حتى الآن غير متفقتين على ترسيم حدود بعض الدول التي تعتبرها هامة لهما باعتبارها منافذ تجارية وبحرية واقتصادية.
إن زيارة ولي العهد السعودي إلى مصر والتي تعتبر حليفاً قديماً للسعودية ركزت حول ضخ استثمارات بقيمة أكثر من 10 مليارات في قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والزراعة والطاقة وتحسين المؤشرات المالية، وبعد تلك الزيارة زار ولي العهد السعودي الأردن وجاءت ضمن سياق المجالات الاقتصادية والتركيز على الوصاية الأردنية على المقدسات وزيادة الاستثمارات السعودية في الأردن، وزار بن سلمان تركيا لتعزيز العلاقات السعودية التركية بعد تضررها في الآونة الأخيرة، حيث يحاول بن سلمان من تلك الزيارات استعادة العلاقات السعودية العربية وتنسيق الجهد الموحد قُبيل زيارة الرئيس الاميركي بايدن إلى السعودية والتي يهدف بها الضغط على السعودية وتطويع السعودية للتماشي مع الشروط الأميركية والانضمام لحلف الناتو العربي_ الاسرائيلي والتطبيع مع اسرائيل والابتعاد عن محور روسيا_الصين، على ما يبدو أن ولي العهد السعودي بات يلعب ضمن تغيرات النظام الدولي متعدد الأقطاب ولم يعد يقبل الابتزازات الاميركية، فالسعودية لن تُخرج القاعدة الصينية من السعودية فهي تعرف أن ذلك سيضرها لذا فهي تتعامل مع مصالحها أكثر جدية من أن تكون ألعوبة بيد أميركا وقبولها في الدخول الى الحلف إلا بتحقيق استحقاقاتها سواء لما يحدث في اليمن أو مآل الاتفاق النووي وأن لا تكون السعودية ضمن ابتزاز الولايات المتحدة الاميركية وعدم الإرتهان للنواب الجمهوريين والديمقراطيين حول السياسة السعودية.
إن في علم السياسة حالة الإصطفاف في حلف واحد هي بمثابة الفشل الرسمي للسياسة الخارجية بالتحديد أن علم الدوبلماسية لا يعني الظاهر في التعامل هو الباطن، بالتالي لا اعتقد ان دولة مثل السعودية ستُعلن رسمياً انضمامها في هذا الحلف المرسوم من قبل بايدن للشرق الأوسط.
أميركا حالياً بحاجة لمصادر الطاقة وليس للخوض والانخراط في التحديات العسكرية تسعى حالياً إلى تعزيز التواجد العسكري البحري على طول القوس الممتد من مضيق هرمز مروراً إلى مضيق باب المندب إلى قناة السويس وهذا الأمر بحاجة لحلف عربي اسرائيلي بتواجد سعودي مصري.
إن العلاقة الأميركية_السعودية بالرغم من استراتيجيتهما إلا أن العلاقة لن تعود كما قبل الحرب الأوكرانية_الروسية أو بالأحرى قبل الربيع العربي لأسباب عديدة:
• إبقاء السعودية والإمارات وحدهما في الحرب اليمنية والحوثيين.
• شعور السعودية بالقلق من إيران بسبب عدم توقيع الاتفاق النووي الإيراني_الامريكي.
• دعم بايدن لاتهام بن سلمان لقتل الخاشقجي.
• محاولة امريكا استبدال النظام السعودي الحاكم الحالي بنظام آخر.
لاسباب عديدة تحاول السعودية تغير لعبتها الخارجية والابتعاد عن الابتزاز لذا يقوم ولي العهد بزيارات عديدة لدول عربية لتحديد موقف موحد وتعزيز الشراكات مع الدول واعادة الدور السعودي ما قبل الربيع العربي والتأكيد على المصالحات الاقتصادية على الأمنية.
أما علاقة السعودية_الاسرائيلية يؤمها العلاقة الأمنية الجيوسياسية الاقليمية والسعودية غير مستعجلة للانضمام نحو قطار التطبيع بعلاقات كاملة مع اسرائيل كونها طرحت العديد من المبادرات لحل القضية الفلسطينية ولكن لم تنفذ على أرض الواقع.
فالعلاقات بينهما تأتي ضمن سياق تبادل المعلومات الاستخبارية ولقاءات سرية غير رسمية وآخرها مؤتمر حوار الأديان ووجود العلاقات الاقتصادية والتجارية، بالرغم أن اسرائيل تسعى لتوطيد العلاقة إلى تطبيع كامل وإقامة علاقات سياسية دوبلماسية وانخراط الكيان في تحالف اقليمي واضح المعالم، حيث يهدف التجمع الإقليمي إلى:
• الاستثمار في الدول العربية الضعيفة اقتصادياً وبالتحديد في مجالات الأمن الغذائي وتعزيز الشراكات الصناعية والتجارية.
• دعم الدول العربية التي تشارك التجمع الاقليمي بالمال ودفع الاقتصاد مقابل المشاركة في مواجهة ايران واذرعها.
• مساعدة تركيا مقابل تعاونها في مواجهة ايران.
• العمل قدر الإمكان للتخفيف من التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية والمحاولة لتطويع السياسات الامريكية لصالحهم.
الحالة الفلسطينية من هذا التجمع:
إن زيارة بايدن إلى منطقة الشرق الاوسط والذي يسعى من خلالها استبدال الإطار الدولي بالإطار الاقليمي ليتجاوز القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة ولا يصلح هذا الاستبدال إلا بإدراج القضية الفلسطينية على جدول الأعمال، والإدارة الاميريكية تريد أن تدمج فكرة المؤتمر الدولي الذي دعا إليه الفلسطينيون في أكثر من موقف بفكرة المؤتمر الاقليمي وبمشاركة دولية ولكن بمرجعية غير واضحة لكي تتمكن الإدارة الاميركية من تسويق الحل الاسرائيلي الذي يروج له تحت مسمى الحل المتفاوض عليه ثنائياً دون تدخل أحد، وهدف أميركا تشكيل ناتو عربي لمواجهة إيران هو على حساب القضية الفلسطينية وتصفيتها، وسيكون الدور المستقبلي فقط تنفيذ خطة مارشال جديدة تستند الى السلام الاقتصادي والاحتواء والوصاية السياسية لسنوات طويلة.
أما حركة حماس وبعد خروج القيادات من قطاع غزة فان اخضاع حركة حماس الجيل الثاني من خلال مرحلة انتقالية تتسم بالانفراجات الاقتصادية المتسارعة والتي لن تستطيع حماس رفضها، وفي نفس الوقت فرض نوع من الانتداب الاوروبي العربي على قطاع غزة، تمهيداً لدمجه مع كانتونات الضفة الغربية وأجزاء من القدس لخلق كيان إداري يشبه الحكم الذاتي الموسع والمرتبط امنياً و اقتصادياً بدول المنطقة خاصة اسرائيل _مصر_ الاردن بغض النظر عن المسميات كونفدرالية_فدرالية_ دولة واحدة بثنائية القومية.
خلاصة: هناك حل إقليمي يلوح بالأفق لترتيب المنطقة برمتها يتشارك به دول عربية وبموافقة أميركا بتسوية العلاقات بين حركة فتح وحماس، ليس لحل الإشكاليات بين فتح وحماس بل لإدخال حماس منظمة التحرير وإدخال كافة الطيف الفلسطيني داخل المنظمة من ثم سيتم املاء الشروط الاسرائيلية والأميركية لمنظمة التحرير والتي ستكون حماس جزء منها وبالتالي ستضطر حماس الموافقة على الشروط كون منظمة التحرير الاطار الجامع للكل الفلسطيني وبالتالي اضعاف القضية الفلسطينية من خلال منظمة التحرير وفرض سياسة الاستسلام وبمشاركة كافة الفصائل وتنفيذ خطة مارشال الثانية.