الصحه والجمال
صحة المرأة النفسية .. أزمات عاصفة وحلول عملية
تمر المرأة بمراحل حياتية مختلفة منذ الصغر وحتى الشيخوخة، وخلال هذه المراحل تتفاوت التغيرات الجسدية لديها من البلوغ مروراً بالحمل والولادة ووصولاً إلى مرحلة انقطاع الطمث وبدء ظهور التجاعيد وعلامات الشيخوخة على وجهها وصحتها.
حتى النساء اللاتي يعانين من مشكلة العقم وعدم القدرة على الإنجاب، وكذلك اللاتي لا يتزوجن، هن عرضة أيضاً لتغيرات جسدية تترك آثارها وندباتها على صحتهن النفسية.
وبالعموم، تتعرض المرأة للعديد من الضغوطات النفسية بحكم طبيعة جسمها ومسؤولياتها المختلفة في بيتها وفي مجتمعها. كما أن المرأة عرضة لبعض المشاكل النفسية أكثر من الرجل مثل الإكتئاب والقلق والوسواس القهري.
يمكن لهذه المشاكل والضغوطات والتغيرات الحاصلة في حياة المرأة منذ عمر مبكر وحتى الشيخوخة، أن تعصف بحياتها وتجعلها عرضة لبعض الأمراض النفسية التي يعرفنا عليها الدكتور نزار حجيلي، طبيب نفسي من مستشفى مركز كليمنصو الطبي دبي ضمن مقابلة حصرية مع موقع “هي”.
أبرز الأزمات النفسية التي تتعرض لها المرأة
بحسب الدكتور حجيلي، فإن المرأة أكثر عرضة لاضطرابات القلق واضطرابات الكآبة المرضية. وهناك عدة أنواع لاضطرابات القلق تظهر على شكل أنماط معينة، مثل الفوبيا المحددة تجاه أمور بذاتها كصعود الطوابق العلوية باستخدام المصعد الكهربائي التي تبدأ في عمر أصغر؛ ومع التقدم بالسن، تظهر الفوبيا الإجتماعية أي الخوف من الناس والإنعزال وغيرها. وفي سن العشرينيات، تتطور فوبيا الذعر panic disorderأو نوبات الهلع المرضية يليها اضطراب القلق العام. وكذلك الوسواس القهري الذي يبدأ في عمر أصغر وتتشارك فيه المرأة مع الرجل.
أما الإكتئاب فهو حالة نفسية نشهدها عند المرأة في كافة الأعمار، وكلما كبرت المرأة تزداد حدة الإكتئاب في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، والأمر ذاته يتكرر مع سن الشيخوخة.
وهناك مرحلة نفسية حساسة خاصة بالمرأة لا يمر بها الرجل، هي مرحلة ما بعد الحمل والولادة المعروفة بإسم Prenatal disorder، إذ يمكن للمرأة أن تعاني من حالة اكتئاب ما بعد الولادة. وفي حالات قليلة، هناك ما يُعرف بإسم Prenatal Psychosis أو الذُهان، والذي يعصف بالمرأة فقط خلال فترة الحمل.
فيما يخص الكآبة المرضية التي تتعرض لها المرأة خلال وبعد الحمل، يمكن أن تمر بما يُسمى Baby Blues تظهر خلاله بعض الأعراض الخفيفة المشابهة للإكتئاب لكنها تختفي من تلقاء ذاتها مع الوقت.
بعض النساء قد يعانين من كآبة قوية يمكن أن تخلق نوعاً من المرض في حياتهن اليومية، وتؤثر على العلاقة ومشاعر الحنان بينها وبين أطفالها بحيث تقل رغبتها في العناية بالمولود الجديد كما هو متوقع.
كيف تؤثر هذه الأزمات على صحة المرأة الجسدية والنفسية
يجيب الدكتور حجيلي على هذا السؤال بالقول أن تداعيات الأزمات النفسية على صحة المرأة ترتكز بشكل أساسي على قوة هذه الأزمات وأعراضها. فالمرأة التي تعاني مثلاً من اضطراب القلق الحاد يمكن أن تتعرض لمضاعفات عدة، منها اضطرابات النوم وفقدان الشهية على تناول الطعام والقدرة أو الرغبة في العناية ببيتها وعائلتها، حتى أنها في الحالات الشديدة جداً تفقد الإهتمام بنفسها أيضاً.
وتؤثر هذه الإضطرابات الحادة على عمل المرأة وعلاقاتها المهنية، ما يجعلها غير قادرة على القيام بأي منها.
فيما يخص حالات الإكتئاب الشديدة، مثل الكآبة المرضية، يمكن أن تؤثر في بعض الحالات على صحة المرأة لجهة تفاقم الأمراض الكامنة المصابة بها مثل السكري، وذلك بسبب فقدانها الرغبة والقدرة على العناية بنفسها وصحتها. وقد تصل بعض الحالات لمسألة تناول الأدوية الموصوفة لها، لجهة عدم أخذها في مواعيدها وحسب الجرعات المحددة، ما يؤثر على صحتها بشكل سلبي. والأمر نفسه ينعكس على صحة المرأة النفسية وتدهورها جراء تدهور الصحة الجسدية.
وفي بعض الحالات القليلة من اضطراب الكآبة، يمكن أن تتولد لدى المرأة أفكار إنتحارية مخيفة؛ حتى أن بعض الحالات الشديدة جداً من هذا الإضطراب تدفع المرأة لعقد النية على الإنتحار وتنظيم طريقة الإنتحار وحتى تجربتها. ومحاولات الإنتحار عند النساء أكثر بأربع مرات من الرجال، لكن هذه المحاولات تنجح للأسف عند الرجل أكثر من المرأة.
كيف يمكن للمرأة تجاوز هذه الأزمات النفسية، وما هي طرق العلاج الواجب الخضوع لها في الحالات الحادة
في حال كانت أعراض الأزمات النفسية خفيفة، يمكن لبعض الكتب المُحفزة مساعدة المرأة على فهم ما يحصل معها وكيفية تحسين وضعها النفسي، وينطبق هذا الأمر على حالات الإضطراب الخفيفة المتمثلة في الإنتكاسات العابرة والعلاقات العاطفية السيئة وتوتر العمل وغيرها.
كما يمكن للمرأة القيام ببعض النشاطات التي تساعد في تخفيف وعلاج الإضطرابات النفسية التي تواجهها، مثل تعزيز العلاقات الإجتماعية مع الناس وممارسة الرياضة بانتظام والتي تسهم في إفراز الهرمونات المضادة للكآبة.
وتساعد بعض تقنيات الإسترخاء مع المختصين أو من خلال الفيديوهات المنشورة على موقع “يوتيوب”، ومنها تمارين التنفس العميقة بشكل مستمر أو تقنية استرخاء العضلات وحديثاً تقنيات التأمل المستوحاة من الغرب والتي تساعد المرأة العربية على تخطي أزماتها النفسية ومضاعفاتها.
أما في حال كانت الأعراض أكثر حدة، فينصح الدكتور الحجيلي بضرورة استشارة الطبيب النفسي للتحدث عن هذه الأزمات ضمن جلسات محددة بالوقت، والتي يمكن للطبيب من خلالها وصف العلاجات المناسبة. وعادة ما يخشى الناس من الذهاب للطبيب النفسي، لكن وظيفة هؤلاء المختصين هي تشخيص المشكلة أولاً والأعراض التي تساعد الطبيب في تقديم النصائح المتمثلة بتغيير نمط الحياة اليومي، إن لجهة تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات وممارسة الرياضة وتقنيات الإسترخاء وغيرها، أو لجهة دعم فكرة الإستمتاع بالحياة والعناية بالنفس بنفس القدر الذي توليه المرأة لعائلتها ومحيطها وعملها.
وهناك أيضاً العلاج النفسي الذي يحتاجه البعض ممن يعانون من أعراض خفيفة إلى متوسطة، ولا يرغبون بتناول الأدوية، ويتضمن عدة علاجات نفسية مختصة حسب الإضطراب الذي تعاني منه المرأة، وحسب المريضة نفسها وخلفيتها الإجتماعية.
أما الحالات المتوسطة والشديدة للإضطرابات النفسية، والتي تسبب ضرراً كبيراً للشخص المصاب بها، فيصف لها الطبيب النفسي الأدوية التي يخاف الناس من تناولها بسبب نظرة المجتمع والآثار الجانبية وغيرها. لكن الدكتور الحجيلي يطمئن أن هذه الأدوية آمنة وتحمل القليل من الآثار الجانبية التي لا تُقارن بأدوية أخرى يتناولها الإنسان لحالات صحية أخرى. ويجب أن تتذكري عزيزتي، أن الأدوية تغير من حالتك النفسية بشكل جذري لجهة التخلص من أية أزمات نفسية واضطرابات تمرين بها، ما يسمح لك بالإستمتاع من جديد بحياتك والعمل بطاقة وإنتاجية أكبر.
كيف يساعد دعم الزوج والعائلة في تجاوز المرأة لأزماتها النفسية
من المؤكد أن للدعم الإجتماعي الذي تلقاه المرأة من محيطها، سواء من الزوج أو الأولاد أو العائلة والأصدقاء، أثر بالغ على تجاوزها للأزمات النفسية المختلفة التي قد تواجهها خلال مراحل حياتها. خاصة خلال مرورها بأزمة اكتئاب ما بعد الولادة، وأحد عوامل الخطر الناجمة عن هذا الإكتئاب التأثير النفسي السلبي على حياة وصحة المرأة في حال لم تلق الدعم المطلوب لتجاوز هذه المرحلة.
وينبغي على الزوج خلال هذه الفترة تحمل بعض المسؤوليات المنزلية عوضاً عن المرأة، ودعمها بشكل إيجابي وتشجيعها للخروج من هذه الأزمة التي يمكن أن تبقى عالقة فيها لوقت طويل في حال عانت فيها لوحدها دون أية وسائل دعم.
وفي النهاية، ينصحك الدكتورة حجيلي عزيزتي القارئة بإيلاء العناية لصحتك والإهتمام بنفسك وعدم بذل أي مجهود مضاعف لإرضاء الآخرين، والقيام بكافة الوسائل التي تساعد في تحسين صحتك النفسية إن لجهة إحاطة نفسك بالأصدقاء والناس المحبة لك، أو لجهة نمط الحياة الصحي والرياضي والتنفيس عن الضغوطات التي تواجهك بالسفر والإستمتاع والتسوق أيضاً، لم لا؟!
المصدر / مجلةهي