مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية مفتاح الصندوق الخشبي من الفولكلور السّوري جنّ في الغرفة (حلقة 4 )

حل الظلام ولم يرجع زوجها فبدأت تشعر بالقلق ،فليس من عادته أن يغيب عنها كلّ هذا الوقت ،ويتركها وحدها ،وحاولت ترك الأفكار السوداء من رأسها،و ،أقنعت نفسها أنه في بيته القديم ،فهي تعرف أنه تربّى هناك ،ولا شك أنه ما زال يحن إليه ،أحسّت بالإطمئنان لهذه الفكرة،فلا شكّ أنّ هذا ما حصل، ولمّا غلبها النعاس، ذهبت إلى غرفتها ،وإندسّت، في سريرها ،ولقد راق لها الدّفئ، ونعومة الغطاء، و الوسادة بريش النّعام ،ولم تكد تغمض عينيها حتى سمعت صوتاً أجشّ يهتف في الظلمة الحالكة :

أنا الخادم مصباح
حارس الصّندوق
أحمل في يدي المفتاح
السرّ يبقى ولا يباح
ما بقي أحد في الداّر ولا إستراح
إن لم يكتب الله رزقه
منذ قديم الدّهر في الألواح

شعرت المرأة بالذّعر من هذا الصّوت ،وفركت عينيها مرّات عديدة لتتأكّد أنّها لا تحلم ،لكن تكرّر هذا الكلام العجيب ثلاثة مرّات ،فنهضت من فراشها ،وأشعلت شمعة ،ونظرت حولها ،فلم تر شيئا ،ثم جرت إلى غرف أطفالها ،فوجدتهم نائمين ،وهم بأحسن حال،فاستعاذت بالله من الشّيطان ،ودارت في البيت لترى هل هناك أحد ،لكن كلّ شيئ كان هادئا ،كانت المرأة خائفة، ولهذا إندسّت مع إبنتها الصّغيرة في فراشها، وبقيت طول الليل تصغي لأيّ حركة، لعلّها تسمع الصّوت من جديد ،لكنّها في الأخير نامت، ولم تصح إلاّ على ضجيج أطفالها الذين جاعوا ،فقاموا إلى صحفة زوجها على الطاولة، وأكلوها ،أدركت أنّ الصّباح قد طلع منذ فترة، وهي لا تزال نائمة ،وفات وقت الكتّاب ،فقالت :لا بأس اليوم ،فقد كان ما حصل بالأمس مخيفا ،وكأنّي أحسست بأنفاس رجل على وجهي ،يا له من شعور مفزع !!! مرّ الوقت ولم يظهر زوجها ،وانشغلت كامل اليوم بترتيب دارها ،واكتشاف ما بقي من غرف ،وشعرت بالسّعادة لمّا وجدت مكتبة كبيرة مليئة بالكتب ،والأوراق ،والأقلام ،فقد كانت تحبّ القراءة لمّا كانت صغيرة ،لكن هموم الحياة منعتها أن تقرأ ،والآن ستأتي كلّ يوم إلى هنا مع صغارها، ليقرأوا ،ويرسموا .
لمّا أتى الليل كانت قد نسيت موضوع الصّوت الغريب وحكاية الصّندوق ،ولمّا أرادت النّوم ،دخلت القطّة ،وقفزت على السّرير ،وقد أعجبها الدّفئ ،لم يمرّ وقت طويل حتى بدأت القطّة تموء بصوت مزعج ،ولمّا فتحت المرأة عينيها ،رأت رجلا طويلا ينظر إليها ،فصرخت بكلّ قوتها ،وجرت في الرّواق وهي تلتفت وراءها ،لكن الرّجل لم يتحرّك ،جمعت المرأة أطفالها في أحد الغرف، وأغلقت الباب بالمفتاح ،وباتت ليلتها وهي ترتجف ،ولعنت زوجها فأين هو ؟ وكيف يغيب ،ويتركها وحدها ،فالأكيد أنّ هناك غريبا معها، ولا تعرف من أين يدخل، فلقد أقفلت باب الدّار، وبحثت في كل مكان ،ولم يكن هناك أحد ،لكن الشّيئ الذي يطمئنها ،هو أنّه لا يخرج من غرفة نومها ،ولا يظهر إلا هناك ،في الصّباح ،مشت على أطراف أصابعها إلى غرفتها ،وفي يدها عصا ،وحين فتحتها كانت القطّة تدور وتتشمّم الأرض، ولمّا دقّقت النّظر رأت ما يشبه الباب ،وصاحت :إذن هو يخرج من هنا؟
لكن من هذا الرجل الغريب ؟ ولماذا لم يخبرني زوجي بشيئ ؟ ويحه لم يرجع إلى حد الآن ،وسيكون حسابي عسيرا معه !!! ثم فكّرت في أن تقفل تلك الغرفة ،وتبيت في واحدة أخرى ،لكن إشتدّ بها الفضول ،وأرادت معرفة سرّ ذلك الّرجل ،فهي تحبّ الحكايات، لكن هذه هي أعجبها على الإطلاق ،لمّا حلّ الليل، جلست في فراشها ،ووضعت قربها يد المهراس ،وقالت في نفسها : لو تحرّك، لأهويت بها على رأسه !!! ثمّ بقيت تنتظر ،وكعادته ظهر لها ،وتعجّب لمّا رآها تنظر إليه دون خوف ،فقال لها :ألست أم خليل ؟ فأجابته بدهشة :من أخبرك باسمي ؟ وقبل كلّ شيئ من أنت، ولماذا تتجرّأ على المجيئ إلىّ في غياب زوجي ؟

يتبع الحلقة 5 والأخيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق