مقالات

فلسطين قضية عادلة منسية متعمداً من قبل المجتمع الدولي

بقلم سفير دولة فلسطين في مملكة الدنمارك البروفيسور مانويل حساسيان

فضحا للسياسات الإسرائيلية في فلسطين

إن لغز تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط يكمن في حل الصراع الذي امتد طويلاً مع الدولة العبرية والشعب الفلسطيني، والتي تمثلت في الصراع بين ثقافة الهوية والوجود المادي.

على مر التاريخ مارست جميع دول العالم حق تقرير المصير، باستثناء الشعب الفلسطيني الذي عانى ويعاني حتى يومنا هذا من الاحتلال الذي يحرمه من ابسط حقوقه الانسانية كحق التنقل والعيش الكريم والاستقلال السياسي في وطنه

فقد دأبت الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل من سنوات عديدة على تجاهل جميع قرارات الأمم المتحدة التي تؤيد حق الفلسطينيين في تقرير المصير، لذالك استطاع الفلسطينيون وأنصارهم بكل شجاعة إيجاد سبل تظهر للمجتمع الدولي ممارسات اسرائيل وانتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني وكشفها على حقيقتها بأنها دولة فصل عنصري فعلية، واصبح من غيرالممكن تجاهل هذا أو تجنبه، فقد نشرت مؤخراً منظمة العفو الدولية (Amnesty)، وهي منظمة غير حكومية محايدة معترف بها دولياً، تقريراً يفضح ويؤكد سياسات الفصل العنصري التي تمارسها وتنتهجها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. لقد أنشأت الحكومة الصهيونية نظاماً يتضمن قوانين وسياسات سنت تحديداً لعزل وقمع الفلسطينيين سواء داخل أو خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتتضمن هذه الأساليب فرض قوانين خاصة ومنفصلة للفلسطينيين، بحيث تضمن ان تكون نوعية حياتهم وحقوقهم معدومة أوأقل بكثير من تلك القوانين الخاصة بالمواطنين الاسرائليين، على سبيل المثال لا الحصر كتقييد حقهم في حرية التنقل، وعدم استخدام الطرق الالتفافية، وصعوبة لم شمل الأسرة، وما زال ملايين الفلسطينيين يتعرضون للحياة القمعية تحت نظام الحكم العسكري مع اعتداءات يومية من قبل المستوطنين بحماية من جيش الاحتلال، كيف لدولة تزعم أنها معقل الديمقراطية في الشرق الأوسط أن ترعى العنصرية والتعصب الأعمى. لا ينبغي لدولة عنصرية كإسرائيل أن تخرق القانون الدولي باستمرار ولا يمكنها ذلك بموجب القانون الدولي والاعراف الانسانية، بل يجب أن تخضع للعقوبات كما غيرها من الدول التي ارتكبت البعض من افعالها، إن سياسة الإخلاء القسري للسكان الفلسطينيين في حي الشيخ جراح، وسياسة هدم المنازل في البستان،، وبناء المزيد من المستوطنات غير القانونية في النقب، كلها انتهاكات مباشرة للقانون الدولي، عكس الفلسطينيون الذين يحترمون القانون الدولي، كما والمجتمع الدولي يحترم القانون الدولي، لكن يبدو أن ما يسمى بـ” ديمقراطية الشرق الأوسط” لا تعترف بالقانون الدولي إلا إذا كان لصالح هيمنة دولتها ومواطنيها.

لذلك إسرائيل ليست ديمقراطية كما تدعي، إنها دولة نفاق ذات ستار دخاني، إذ لا يدخر المستوطنين الإسرائيليون فرصة في الاعتداء على الفلسطينيين وحرق محاصيلهم ومصادرة أراضيهم من خلال الضم الزاحف، بدعم كامل من قوات الاحتلال، علاوة على ذلك الاعتداءات الممنهجة على الممتلكات الكنسية، واجبار المسيحيين والمسلمين على حد سواء بأخلاء منازلهم والاستيلاء عليها بالقوة، وقيام الاحتلال بتهميش المجتمع المسيحي ودفعه نحو الهجرة القسرية والشوفينية السياسية، كانت ولا تزال سياسة ممنهجة على مدى العقود الماضية من قبل إسرائيل، كل ذلك يعد اعتداء صريح وواضح على القوانين الدولية والإنسانية، تبين بشكل قاطع وواضح نظام الفصل العنصري الذي يطبق سياسات غير إنسانية، فقد أصبحت سباسة مصادرة المنازل في الشيخ جراح وسلوان ومحيط القدس سياسات شائعة وصريحة من قبل إسرائيل، ناهيك عن عمليات القتل البشعة خارج نطاق القانون، والاعتقالات القسرية للفلسطينيين دون اي مسوغات قانونية، فقد اصبحت ممارسات شائعة تمثل إستراتيجية إسرائيل في الابقاء على الوضع الراهن، بهدف في نهاية المطاف ضم الضفة الغربية لاسرائيل و(المعروفة لديهم باسم يهودا والسامرة)، ومن خلال فرض الامر الواقع على الأرض مع تصنيف الفلسطينيين على أنهم سكان (توشافيم) مع حقوق مدنية محدودة فقط، هذا ايضاً يعد خرق صريح لمبادئ حل الدولتين المدعوم من المجتمع الدولي ومن الأمم المتحدة والمجموعة الرباعية والولايات المتحدة بصفتها هيئة رقابية، لكنها تدعم إسرائيل بشكل لا لبس فيه، فقد فشلت وساطتها في حل الصراع فشلا ًذريعاً، بل تفاقمت بشكل كبير مع استمرار العنف الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي والمستوطنين ضد السكان المدنيين الفلسطينيين، هذه السياسة التي تفاقمت بشكل اكبر بسبب اللامبالاة للسياسة الاوروبية مع الصراع والتطبيع العربي المشؤوم مع إسرائيل.

القدس الجوزة التي من الصعب كسرها:

إن استراتيجية إسرائيل الشاملة تكمن في تهويد القدس ومحيطها من خلال عملية منهجية تقوم على مصادرة الممتلكات من مالكيها سواء كانت منازل خاصة أوالعقارات الدينية، يعتبر تطبيق القوانين الإسرائيلية العنصرية انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وحجة واهية لتبرير الاستيلاء على الممتلكات والعقارات.

لا تكترث إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة لأي من قرارات الأمم المتحدة أو للقانون الدولي التي تقف في صف فلسطين وتنصفهم، بل مستمرة بتجاوز القانون الدولي وقراراته من خلال تطبيق أوامرها العسكرية على ارض الواقع لإضفاء الشرعية على ما تقوم به من استيلاء على الأراضي والممتلكات العائدة للمسلمين والمسيحيين على حد سواء.

إن دولة فلسطين فريدة من نوعها، والفلسطينيون فريدون، وتاريخ فلسطين فريد من نوعه الذي مر عليه عبر التاريخ امبراطوريات عظيمة، حتى قبل الرومان والعثمانيين. إن لفلسطين مكانتها ليس فقط لدى الفلسطينيين، ولكن لدى سكان العالم من المسلمين والمسيحيين واليهود، والكثير منهم لدىيه علاقة مباشرة أو غير مباشرة بأرض فلسطين، والقاسم المشترك بينهم جميعاً هو معرفتهم بأهمية الأرض المقدسة وقيمة هذه الأرض العظيمة، فبمجرد مراقبة ما تقوم به إسرائيل حالياً على الارض أمر غير مفهوم وغير مبرر، وسماحها بتدنيس الأماكن المقدسة الفلسطينية والتشجيع على ذلك وعدم احترامها لمكانتها، ليس فقط اعتداء على الفلسطينيين وحدهم، والسؤال الذي يطرح نفسه، كيف يجلس العالم بصمت على كل ما يشاهده من انتهاكات تمارس من قبل اسرائيل وبشكل متزايد على مكان ولادة أكبر ديانتين إبراهيميتين من خلال الاستيلاء على الاماكن المقدسة ونكران وجود الفلسطينيون وحقوقهم المشروعة؟ إن السماح من خلال حكم محكمة إسرائيلية بحق اليهود بصلاة محدودة في المسجد الأقصى، الذي يعتبر ثالث أقدس الأماكن المقدسة للعالم الإسلامي، يعتبر انتهاك مباشر لحقوق المسلمين، واعتداء على الأراضي الفلسطينية. إن العدوان الإسرائيلي لا يتوقف عند الفلسطينيين المسلمين فقط، بل يتواصل ضد المجتمعات الفلسطينية المسيحية. حيث تتعرض إحدى أقدم المجتمعات المسيحية في العالم للهجوم من قبل دولة إسرائيل، وذلك من خلال عملية بطيئة للاستيلاء على الممتلكات التابعة لكنائس في فلسطين، لا يكتفي الاحتلال الاسرائيلي بأنه يحتل ممتلكات الكنائس ويستولي عليها بشكل غير قانوني، لكنه يقوم بإذلال المسيحيون الفلسطينيين بهدف طردهم والتضييق عليهم. أين المبرر للاعتداءات الممنهجة على المصلين الأمنيين وعلى قادة الكنائس في أيام الفصح الأرثوذكسية المقدسة؟ كيف يمكن لدولة إسرائيل أن تبرر الاعتداء على المصلين في شهر رمضان المبارك ؟ لا يوجد مبرر لا من الناحية القانونية ولا الأخلاقية، فقط أن تكون فلسطينيا ًسواء من المسلمين أوالمسيحيين تعتبر صفة جرمية بالنسبة لإسرائيل، بل لم تعد إسرائيل تهاجم الأحياء فقط، بل لجأت إلى استهداف الموتى وتدنيس القبور في القدس وأضرحة الأنبياء في الضفة الغربية، أمر مروع، لم يعد بإمكان المجتمع الدولي أن يغض الطرف، إذا لم يسُمح للفلسطينيين بالبقاء على ارضه حتى بعد الموت، فما الذي تبقى؟ أين سيسير العالم؟ الموتى لا يستطيعون الكلام لكننا نستطيع، وسنفعل ذلك بأعلى الصوت، تفتخر الدنمارك والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بتعزيزمبادئ حقوق الإنسان عالمياً، فهل يسُتثنى الفلسطينيون مما يسمى بحقوق الإنسان؟

من المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق