ثقافه وفكر حر
&وتلتقي الأعياد&
وتلتقي الأعياد وتشتعل الأيام
في رزنامة الزمن كما هي ملتهبه في خاصرة الوطن ،
وتقاطعت هذه الأعياد ونحن بني الجلدة الواحدة نراوح مكاننا نتشظى ونتناثر وتذهب ريحنا ،
ونحن أبناء المصير الواحد والدم المراق الذي لم يجف بعد ؛
اختلط الحابل بالنابل حتى أصبحت الرؤى مبهمة ولا نعرف ما ذا يخبئ لنا الغد ؟!
نستقل عصف الريح ، مركبنا تتقاذفه الأهواء والأمزجة يمخر عباب دمنا وعظمنا .
هذه رسالة السماء وهي توحيد الديانات بأعيادها التي تقبل علينا تبسط يدها لتضمنا في وحدة بني البشر ،
وأننا خلقنا في هذا الكون حتى نعمره ونتقاسمه ، ويأخذ كل منا نصيبه من غير تعد ٍ
أو عدوان يعرف كلُ منا حدوده ، ويحافظ على حدود غيره ؛
فتلوح بيارق الأعياد وتصطف لتوحيد القلوب ، وتهتف الإنسانية أخوة ومحبة ؛
فتزدان مدينة البشارة ومهد المسيح فتهفو قلوب المؤمنين
في أنحاء المعمورة وتتجسد مدينة بيت لحم والناصرة فتتباهى
بمشاعر تغسل القلوب والأرواح ، وتتألق الأنوار في عيد الأنوار
لدى الشعب اليهودي وتمسح غشاوة الكره وعشقه للتجبر والتسلط ،
ويتلألأ عيد المولد النبوي ونحن في أحوج ما نكون في هذه
المرحلة إلى أن نقتذي بالأخلاق وترسيخ القيم وأن تسود روح
الجماعة وتتغلب على المصلحة الشخصية . هذه الإشارات السماوية
دعوة لبني البشر على إختلاف ألوانهم وأطيافهم ، مذاهبهم
ومللهم على أن يتحدوا وينصهروا في بوتقة الإنسانية والحفاظ
على الجنس البشري دون صراع أو سفك ٍ للدماء . ها نحن نودع سنة من عمر البشرية تغلق آخر معاقلها وتشنق
على مقصلة الوجود ؛ خلفت ورائها ما خلفت من
دمار وموت وهلاك من أقصى المعمورة إلى أدناها ،
وما زالت حربة الكوارث مغروزة في صافحة كبرياء الكيان البشري
، تتحدى جبروت وغطرسة بني البشر مخرجة لسانها تستهزئ
بهذا الكائن الضعيف ؛ فهو مهما تعالى وتكبر يضحى ركاما أمام
سطوة وناموس الطبيعة . ويبزغ من خلال هذه الغيوم الداكنة فجر عام ٍ
جديد يلوح بالأفق ينعش القلوب ويغسل النفوس ؛
بأن هناك غدا مشرقا تلتقي به الأعياد بحلة جديدة وترنيمة وضوء خافت
ما زال يشتعل دمعة .. شمعـــــة وينطلق صوت فيروز الملائكي ويتردد صداه اللــيلة عيـــــد … اللــيلة عيــــد … * ودامت دياركم عامرة بالمسرات ء