وأشار فورسيث إلى أن مرحلة جديدة من التاريخ بدأت حيث يواجه النظام العالمي الليبرالي أكبر تحد له منذ سقوط جدار برلين في عام 1989، ليس فقط من خلال تصرفات روسيا على الحدود مع أوكرانيا، ولكن أيضا مع مناورات الصين في آسيا.
وقال إن الصداقة المزدهرة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ قد تستند إلى فكرة أن عدو عدوي صديقي، لكنها لا تقل خطورة عن ذلك.
وأضاف أن موسكو وبكين تتحدان في الرغبة بإنهاء النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، وكلاهما يريد الاعتراف بمجالات نفوذه واحترامها، وكلاهما يخشى انتشار الديمقراطية ويريد جعل العالم آمنا للأنظمة الاستبدادية.
وذكر أن إحدى الفوائد الفورية لروسيا والصين من الروابط الوثيقة بينهما أن بإمكانهما إجبار الولايات المتحدة على تشتيت انتباهها بين مسرحين. فقد انسحب جو بايدن من أفغانستان للتركيز بشكل أفضل على المنافسة مع الصين، لكنه وجد نفسه الآن يحذر الأميركيين من العواقب الاقتصادية لحرب برية في أوروبا. فالقوات الأميركية تتجه إلى الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتعمل وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) على كيفية إعادة إمداد أوكرانيا برًّا عند نشوب صراع، وتشارك وزارة الخارجية والبيت الأبيض في دبلوماسية محمومة.
اختلافات العالم الديمقراطي وتوتراته ومصالح أعضائه ليست متوافقة تماما وهم منافسون اقتصاديون، وإذا لم يتكاتفوا في هذه اللحظة لمواجهة هذا التهديد الجديد والمستمر فسيصبح العالم آمنا للأنظمة الاستبدادية فقط وأخطر على الديمقراطيات.
وعلّق الكاتب بأن في هذا السيناريو فوزا لروسيا التي تتوق إلى لفت الانتباه، وفوزا للصين التي لا تفعل ذلك. وأوضح أن قدرتهما على إجبار عدوهما المشترك على العمل على جبهتين ستدفع موسكو وبكين إلى تنسيق أعمالهما بشكل أكبر، ومن المخاوف الواضحة النتيجة المرتقبة لما سيحدث إذا ضغطت روسيا على أوكرانيا في الوقت نفسه الذي تتحرك فيه الصين نحو تايوان.
وقال إن واشنطن ليس لديها النطاق الدبلوماسي والعسكري العريض للرد على الأزمتين في وقت واحد، وإن تشتيت انتباه وموارد أميركا هو هدف آخر لتحالف بوتين-شي الوليد.
وفائدة أخرى لعلاقتهما أنهما يقدمان لبعضهما مقابلا للقوة الاقتصادية الغربية، إذ أصبح لدى روسيا الآن وجهة بديلة لمنتجاتها من الغاز الذي كانت تستخدمه كسلاح تضغط به على الدول الصغيرة من خلال تغيير السعر الذي تفرضه، والذي إذا لم تبِعه إلى أوروبا فسوف تكافح لإيجاد سوق لها، وبالمثل إذا حظر الغرب بيع أشباه الموصلات إلى روسيا فإن الصين ستقدم مصدرا بديلا للإمداد.
ولذلك، كما يقول الكاتب، ينبغي أن يكون هدف الغرب فصل روسيا عن الصين، ويحتاج العالم الحر إلى تقليل الاعتماد على هذه الأنظمة المستبدة لجعل العقوبات أكثر مصداقية ولتقليل احتمال الصراع، وينبغي للعالم الديمقراطي أن يهدف إلى كتابة قواعد التنفيذ المتعلقة بالتقنيات الجديدة.
ومن الأفكار المثيرة المقترحة في هذا المجال إقامة تحالف من الديمقراطيات المتقدمة تقنيا يسمى “تي12” (T12)، يجمع بين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وأستراليا وكندا واليابان وكوريا الجنوبية وفنلندا والسويد والهند وإسرائيل لوضع قواعد جديدة بشأن الذكاء الاصطناعي والبيانات، وكذلك طرق الرد على الهجمات الإلكترونية.
وأضاف أنه ينبغي للعالم الديمقراطي أن يدرك أنه لا يمكن توقع أن تتحمل الولايات المتحدة كثيرا من العبء العسكري، فذلك يعني أن على الغرب أن يتعاون في إنفاق المزيد على الدفاع لمواجهة استثمار بوتين الكبير في جيشه.
وختم فورسيث مقاله بأن اختلافات العالم الديمقراطي وتوتراته ومصالح أعضائه ليست متوافقة تماما وهم منافسون اقتصاديون، وإذا لم يتكاتفوا في هذه اللحظة لمواجهة هذا التهديد الجديد والمستمر، فسيصبح العالم أكثر أمنا للأنظمة الاستبدادية فقط وأخطر على الديمقراطيات.