شعر وشعراء

مِن منفىً إلى منفى / سليمان دغش

image
مرَّ يومُ ميلادي حزينا
لا احتفالاتٌ ولا شَمعٌ ولا أضواءُ زينَةْ
لا قَمَرٌ في الليلِ يؤنِسُ وحدَتي وَيُضيءُ عتمَ الرّوحِ فيّ
يُسامِرُني إلى أنْ يطلعَ الفَجرُ وَ يَرحَلُ نِصفَ مُنطَفئٍ
يُجَرجِرُ آخِرَ شُعلةٍ من ذَنَبِ الضوءِ
ذَليلاً وَحَزيناً مثل زهرةِ ياسمين قَصَفَتها طائراتُ الميجِّ,
عندَ الصُّبحِ كَيْ تَصحو على الموتِ المَدينةْ
فلماذا ضوءُ الشّمسِ يَمحو ضوءَهُ الخافِتَ كالقنديلِ
كُلَّما خَلَعَتْ سِروالها الليليَّ في غَسَقِ الدُّجى ِِ
وتَجَلَّتْ باكتِمالِ العُرْيِ في سماءِ اللهِ ناراً
تَنشرُ النورَ على الدّنيا لتصحو كرنفالاتُ
النهاراتِ الجديدةِ من منافي الليلِ، تبدأُ رحلةً أخرى إلى المنفى
فمن منفى إلى منفى تمضي الحياةُ بنا هُنا
فكأنها صخرة سيزيفَ عقاب اللهِ في الدنيا
لآدم الذي اتّبَعَ الشَّرائِعَ والقُشورَ كما اشتهى الحِسِّيُ فيهِ ونأى عن جوهرِ الحكمةِ والعقلِ الصَّفِيِّ فتاهَ في الدنيا السُّدى وأضاعَ بوصَلَةَ الهُدى

آهِ كم كانَ حزيناً يومُ ميلادي
لا شيَْ إلا الخمرَ والشّعرَ وآهاتي الدفينةْ
وظلال طيفٍ قُدُسِيٍّ يتجَلّى في مرايا الروحِ
راودَني أمامَ اللهِ عندَ القِبلةِ الأولى
سألتُ اللهَ أنْ يَتَجَلّى مرّةً أخرى فوحدهُ قادِرٌ
أن يَضبِطَ الإيقاعَ في فوضى الحياةِ،
فلا يَدٌ تقتَحُ في القلبِ الشّبابيكَ التي صَدِئَتْ وَهْيَ تنتَظِرُ السّنونُوّاتِ
تَرجِعُ منْ منافي الذِّكرياتِ
ما أوجَعَ الذّكرى التي لا يُغلِقُ النسيانُ شُرفَتَها على الماضي فتَفتَحُ صَفحةً أخرى لِتُكمِلَ مَسرَحِيَّتها الحياةُ كما تريدُ لها فوضى شريعةِ هولاكو الجديدِ وعودةُ التاتارِ بالياقاتِ والبِدَلِ الحديثةِ تنشُرُ المَوتَ التكنولوجيَّ بأسلِحَةِ الدَّمارِ, سمَة العصر المَغوليِّ الجَدبدِ في أيدي الطغاة

مرّ يومُ ميلادي حزيناً
لا شيءَ تَغَيَّرَ فيَّ أو غَيَّرَني
إنما كبرتُ عاماً واحداً عن ألفِ عام
وازدَدتُ حُزناً وعناءً وأنينا
وطالَ حُزنُ القُدسِ في سَنَةٍ دهوراً سنينا
كُلُّ شيءٍ صارَ أقسى
فكأني عدتُ من معركةِ العُمرِ مهزوما ذليلا
فلا أنا قاتِلٌ ولا كُنتُ القتيلا
يا إلهي قدْ تأخّرتَ طويلاً
فتَجَلَّ الآنَ عفوكَ مثلَ المرّةِ الأولى
هُنا فوقَ ربوةِ القدسِ التي باركتَهاِ وأعِدْ ترتيبَ هذا الكونِ من أوَّلهِ
إنَّ شُرعةَ قابيلَ استبَدَّت بالخليقَةِ
لا تُرسِلْ ملاكاً أو نَبيّاً أو رسولاً أو إمامْ
لا ولا الشيطانَ ابليسَ الذي رفَضَ السُّجودَ لآدم الطينيَّ
فانظُر كمْ من شياطينَ أبالسةٍ من نسلِ آدمكَ الصّفيَّ تعيثُ في الأرضِ فساداً
لا تَعِدْ أحداً بجناتِ السماءِ
ولا ، قد خبرناها هنا في الأرضِ مراتٍ
يا إلهي
كلّ ما نطلبُهُ بعضُ المحبَّةِ منكَ
وقليلٌ منْ سلامْ

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق