مقالات

يوم المرأة العالمي .. بين التاريخ والقانون بقلم:د.حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي

يعود يوم المرأة العالمي الى قيام النساء العاملات في الدول الصناعية (الولايات المتحدة الامريكية وروسيا) بالقيام بتظاهرات للمطالبة بحقوقهن في تحسين ظروف العمل كتقصير وقت العمل ورفع الاجور. ففي سنة 1857 خرجت آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروفاللاإنسانية التي كُن يُجبرن على العمل تحتها، ورغم أن الشرطة تدخلتبطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسئولينالسياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية. وفيالثامن من آذار سنة 1908 عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديدفي شوارع مدينة نيويورك وحملن قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورودفي خطوة رمزية، واخترن لحركتهن الاحتجاجية شعارخبز وورود“. هذهالمرة طالبت النساء بوقف تشغيل الأطفال والمعاملة المساوية للرجل ومنحالنساء الحق السياسي اي حق الانتخاب.

اما النساء الروسيات فكان شعارهن في المظاهرات الخبز والسلام احتجاجاً على الخسائر التي تكبدتها روسيا في الحرب العالمية الاولى والتي بلغتمليوني جندي. وبعد أربعة أيام من التظاهرات أُجبر القيصر على التسليم،ومنحت الحكومة المؤقتة المرأة الروسية حقها في التصويت.

ومنذ تلك السنوات، أخذ نضال المرأة بالتصاعد والانتشار في شتى دول العالم، فوصل الى اروقة الامم المتحدة، حيث نصت المادة 1 من ميثاق الأممالمتحدة لتحقيق التعاون الدوليعلى تعزيز احترام حقوق الإنسانوالحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييزبسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء.” وفي العامالأول للأمم المتحدة، أنشأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجنة وضع المرأةبصفتها الهيئة العالمية الرئيسية لصنع السياسات المتعلقة حصرا بتحقيقالمساواة بين الجنسين والنهوض بالمرأة. وكان ومن أوائل انجازاتها ضمان لغةمحايدة بين الجنسين في مشروع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إذ يؤكدذلك الإعلان، الذي اعتمدته الجمعية العامة في 10 كانون الأول/نوفمبر 1948،من جديد على أنه يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامةوالحقوق وبأن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورةفي هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أواللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين،أو المولد، أو أي وضع آخر.”

وعندما بدأت الحركة النسائية الدولية تكتسب زخما خلال السبعينات، أعلنتالجمعية العامة بالامم المتحدة عام 1975 بوصفها السنة الدولية للمرأةونظمت المؤتمر العالمي الأول المعني بالمرأة، الذي عقد في المكسيك. غير أنتخصيص يوم الثامن من آذار كعيد عالمي للمرأة تم سنة 1977 عندما أصدرتالمنظمة الدولية قرارا يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونهللاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من آذار. وتحول بالتاليذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهراتللمطالبة بحقوقهن وتذكير الضمير العالمي بالظلم الذي مازالت تعاني منهملايين النساء في العالم. وفي عام 1979، اعتمدت الجمعية العامة اتفاقيةالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي غالبا ما توصف بأنهاالشرعة الدولية لحقوق المرأة. وتحدد الاتفاقية، في موادها الثلاثين، صراحةالتمييز ضد المرأة وتضع برنامجا للعمل الوطني لإنهاء هذا التمييز. وتستهدف الاتفاقية الثقافة والتقاليد بوصفها قوى مؤثرة في تشكيل الأدواربين الجنسين والعلاقات الأسرية، وهي أول معاهدة لحقوق الانسان التيتؤكد على الحقوق الإنجابية للمرأة. وفي 2 تموز/يوليه 2010، أجمعتالجمعية العامة للأمم المتحدة على إنشاء هيئة واحدة للأمم المتحدة لتكليفهابتسريع التقدم المحرز في تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. ويدمجكيان الأمم المتحدة الجديد المعني بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة هيئةالأمم المتحدة للمرأة – أربع وكالات ومكاتب دولية وهي: صندوق الأمم المتحدةالإنمائي للمرأة (اليونيفيم)، شعبة النهوض بالمرأة، ومكتب المستشارةالخاصة للقضايا الجنسانية، والمعهد الدولي للبحث والتدريب من أجلالنهوض بالمرأة.

اما المرأة الفلسطينية فقد ناضلت على صعيدين، الاول: نضالها الوطني ضد الاحتلال الصهيوني، فكانت الشهيدة والجريحة والأسيرة…

الثاني: نضالها المحلي للتحرر من سيطرة الرجل وظلم العادات والتقاليد المتمثلة في القتل بإدعاء غسل شرف العائلة، العنف (الجنسي والجسدي)، الزواج القصري، الحرمان من التعليم والعمل

وبفعل نضالها الدؤوب، حققت المرأة الفلسطينية منجزات في الجوانبالسياسية، الاقتصادية والاجتماعية، فهي اليوم وزيرة، او رئيسة بلدية او عضو في المجلس التشريعي ..

أما على الصعيد الاقتصادي، فنجدها سيدة اعمال تدير مصنع او شركة، او نجدها إمرأة ريفية منتجة في مجال الحرف والأعمال اليدوية ..

وكان دور المرأة الفلسطينية في العمل الاجتماعي والتنمية البشرية بارزاً، حيث انها أنشأت مئات الهيئات النسوية والمؤسسات الخيرية التي قدمتخدمات جليلة على الصعد التثقيفية والتنموية والصحية ..

نبارك للمرأة عيدها ونتمنى لها التقدم والازدهار على قدم المساواة مع الرجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق