مقالات

حقيقة بيع أراضي فلسطين “فلسطين بيعوكي البياعين”

بقلم االمرحوم الاستاذ خالد احمد شاهين ( ابو احمد شاهين )

قولها وافتخر يا ابن بلادي فأنت لست ممن باعوا فلسطين
أنت لم تبع أرضك ولم تقبض ثمنها ومازلت تملكها
ولك المجد أنك دافعت عنها ومازلت تحمل لواء الدفاع عنها
الأرض هي العنوان الرئيسي في الصراع العربي الاسرائيلي عموماً، والفلسطيني خصوصاً، ذلك أن دولة الاحتلال قامت على قاعدة أن الأرض الفلسطينية بلا شعب، والشعب اليهودي بلا أرض وهنا تكمل المعادلة.
وحتى يصبح مثل هذا الطرح مقبولاً، ليس على الساسة الكبار وصناع الاستعمار فحسب، بل على السلاح من الحكام أو الشعوب كان لابد من العمل اليهودي أن يتحرك، تُرصد الأموال، وتُجنّد الجهود سياسياً، ورشاوى عن طريق طرف ثالث، وهكذا دواليك حتى أصبح لليهود مساحة من الأرض، لكنها تظل مجرد نقطة في بحر الأراضي الفلسطينية.
وما إن زعق بلفور بوعده حتى تحركت آليات العمل اليهودي، بدءً من العامل مروراً بالتاجر أو الأكاديمي وانتهاء بالموسرين الذين يجلسون في أركان الدنيا، الهم الوحيد هو وضع الأرجل على الطريق، وهو ما كان، حيث أن اليهود قد عملوا من أجل تحقيق الهدف، ولا يعنينا هنا، أن يكون بعضهم قد دفع تحت التهديد أو رغماً عنه، أو برضاه، فتلك ذرائع الإفلاس في العمل الجماعي، لقد اتحد هؤلاء وكان لا بد من افهامهم بشتى الطرق، أن الدولة التي يحلمون بها تحتاج إلى تضحيات، ومن آثر مصلحته الخاصة، ينبغي أن يفهم باللغة التي تصلح لمخاطبته، ليس مهماً الأسلوب، المهم هو النتيجة، لأنها الأرض .. الدولة .. الحلم، الذي بُنِي على أنقاض قوة أمة كانت قد طاولت السماء بحضارتها ووجودها.
اشتروا أرضاً فأصبح لهم موطن قدم، انطلقوا منه إلى الخطوة الأخرى، كنا نتلهى ببطوننا ونزواتنا، وحتى لو فكرنا بمواجهة مخطط يهودي، فلا بد أن تختلف، وتجد بيننا كثيرين يشبون على شعبهم ليفعلوا بأنفسهم وبوطنهم الأفاعيل، كان ما كان حتى عام 1948، وهو ما سميت النكبة فاستمرت حلقة مصادرة الأرض التي فرّ أصحابها فيما سلم النذر اليسير لأولئك الذين آثروا الانزراع في أرضهم رغم أنها لم تسلم تماماً، وكرّت المسبحة حين استكمل مسلسل الهزائم عام 1967 وفي هذه المرة كان عود الدولة المحتلة قد اشتد واستقوى، فأصبحت المصادرة تعني أرض اسرائيل الموعودة وفق قوانين شرعوها بأنفسهم أو لأغراض عسكرية أمنية أو لأغراض عامة، وليس هناك وسيلة للاعتراض إلا الشجب والاستنكار والجمل الانشائية المعروفة الأخرى أو التجرؤ على التوجه للمحكمة الدولية العليا أو للغريم الأكبر ثم تنفض المسامرة والكلام ويبقى العرض مستمراً حتى الآن.
كل هذه الثغرات تقودنا إلى سؤال محدد ماذا يملك اليهود في أرض فلسطين، إنهم يملكون من (الجمل ذيله) لكنهم قادرون على تزييف كل شيء واستقطاب كل قوة عالمية، رقصوا على كل الدفوف، فرنسا، بريطانيا، أمريكا وهم مع القوى مهما كانت هويتها، وشعبنا لا يكل ولا يمل ويبذل الغالي والرخيص ويضحي بكل شيء من أجل وطنه، هذا الشعب الذي لا يزال نبع العطاء.
إن مشكلة الأراضي في النزاع القومي بين العرب واليهود، منذ زمن بعيد ووعد بلفور هو الذي يجب أن يقرأ بروية ليس فقط لمعرفة الحقائق بل والزيف أيضاً، فكيف للإنسان أن يشتري أرضه أو يصادرها إذا كانت هذه “أرض اسرائيل” ما هذا التناقض في هذا الكيان الذي يمارس هذه الطريقة، وما دام اليهود مقتنعين بأن هذه الأرض “أرض فلسطين” هي أرض آبائهم وأجدادهم فكيف يشترونها ويصادرونها ما هذا المنطق.
وفيما يخص بيع الأراضي الفلسطينية وشراءها من قبل اليهود فيما يلي بالأرقام المساحات التي كان يملكها اليهود قبل النكبة:
بلغت مساحة الأراضي التي وقعت تحت أيدي اليهود حتى عام 1948م من غير قتال أو حرب ، حوالي (2) مليون دونم أي ما يعادل 8.8% من مساحة فلسطين التي تبلغ 27 مليون دونم، وقد حصل اليهود على تلك الأرض (2 مليون دونم) بأربع طرق هي:
الطريق الأول:
ستمائة وخمسين ألف دونم (650.000 دونماً) حصلوا على جزء منها كأي أقلية تعيش في فلسطين منذ مئات السنين، وتملك أرضاً تعيش عليها ، وحصلوا على الجزء الآخر بمساعدة الولاة الأتراك الماسونيين، الذين عيَّنتهم على فلسطين حكومة الاتحاد والترقي التي كان أكثر من 90% من أعضائها من اليهود. وقد تآمرت جمعية الاتحاد والترقي على السلطان عبد الحميد وأسقطته لأنه رفض كلَّ عروض اليهود عليه مقابل تمكينهم من أرض فلسطين. ومن هذه العروض إعطاؤه مبلغ خمسة ملايين ليرة انجليزية ذهباً لجيبه الخاص، وتسديد جميع ديون الدولة العثمانية البالغة 33 مليون ليرة ذهباً ، وبناء أسطول لحماية الامبراطورية بتكاليف قدرها مائة وعشرون مليون فرنك ذهبي ، وتقديم قروض بخمسة وثلاثين مليون ليرة ذهبية دون فوائد لإنعاش مالية الدولة العثمانية ، وبناء جامعة عثمانية في القدس .
الطريق الثاني :
ستمائة وخمسة وستين ألف دونم (665.000 دونماً) حصل عليها اليهود، بمساعدة حكومةِ الانتداب البريطاني المباشرة، وقد قُدمت إلى اليهود على النحو الآتي :
1. أعطي المندوب السامي البريطاني منحة للوكالة اليهودية ثلاثمائة الف دونم .
2. باع المندوب السامي البريطاني الوكالة اليهودية وبأسعار رمزية مائتي ألف دونم.
3. أهدت حكومة الانتداب للوكالة اليهودية أرض السلطان عبد الحميد في منطقتي الحولة وبيسان – امتياز الحولة وبيسان – ومساحتها مائة وخمسة وستين ألف دونم (165.000 دونماً (.
الطريق الثالث :
ستمائة وستة آلاف دونم (606.000 دونماً) اشتراها اليهود من إقطاعيين لبنانيين وسوريين، وكان هؤلاء الاقطاعيون يملكون هذه الأراضي الفلسطينية عندما كانت سوريا ولبنان والأردن وفلسطين بلداً واحداً تحت الحكم العثماني يُسمى بلاد الشام أو سوريا الكبرى. وعندما هُزمت تركيا واحتل الحلفاء بلاد الشام، قسمت هذه البلاد إلى أربعة دول أو مستعمرات، حيث خضعت سوريا ولبنان للاحتلال الفرنسي، وشرق الأردن للاحتلال البريطاني، وفلسطين للانتداب البريطاني توطئة لجعلها وطناً قومياً لليهود، وهكذا أصبح كثير من الملاك السوريين واللبنانيين يعيشون في بلد وأملاكهم في بلد آخر، فانتهز كثير منهم الفرصة وباعوا أرضهم في فلسطين لليهود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق