مقالات

تونس تحتفل بالمولد النبوي الشريف.. بالقيروان اول عاصمة إسلامية بشمال إفريقيا.

كتب الاعلامي التونسي المعز بن رجب

احتفلت تونس يوم الاثنين مع بقية دول العالم الإسلامي بذكرى المولد النبوي الشريف
مولد سيدنا و نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
في مدينة القيروان، اول دولة إسلامية في شمال أفريقيا، أو افريقية التي اسسها الفاتح الإسلامي عقبة إبن لقيروان إلى عام 50 هـ / 670 م، وأنشأها عقبة بن نافع. وكان هدفه من هذا البناء أن يستقر بها المسلمون. وقد كانت مدينة القيروان تلعب دورين هامين في آن واحد، هما الجهاد والدعوة، فبينما كانت الجيوش تخرج منها للغزو والتوسعات، كان الفقهاء يخرجون منها لينتشروا بين البلاد يعلِّمون العربية وينشرون الإسلام
من مظاهر الاحتفالات و الجلسات الدينية العلمية الناجحة و التي حضيت بمواكبة إعلامية و شعبية هامة هذه السنة
الجلسة العلمية الثانية في
الندوة المولدية المنعقدة بالقيروان تحت شعار “المنهج النبوي في تحقيق التنمية المتكاملة”. أعدها الدكتور د. الصحبي بن منصور
عند النظر في محور هذه الجلسة وهو “الإنسان أساس التنمية المتكاملة” نبستحضر معنى دفين وهو أن الإنسان أداة التنمية وغايتها، فإذا كانت غاية التنمية هي الإنسان فما هي غاية الإنسان؟
بالعودة إلى كتاب أصول النظام الاجتماعي في الإسلام يشير الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور إلى أنّ للإنسان غايتان في هذا الوجود هما:
العبادة: قال تعالى :”وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”. فالعبادة تعلم الإنسان احترام الوقت، والوقت في عصرنا الراهن هو عنصر في المعادلات الاقتصادية وفي نظريات التنمية قال تعالى: “إنّ الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا”. العبادة هي تزكية أخلاقية وسلوكية. قال تعالى: “إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر”… وصلاة الجماعة تعلم الإنسان الاندماج في المجموعات البشرية والتنظم في صفوف محكمة الترتيب وتعلمه التسابق في الخيرات ومعاني المساواة… وهذه التنمية البشرية بجميع معانيها المعاصرة.
2. الإعمار/التعمير: قال تعالى: “هو أنشأكم في الأرض واستعمركم فيها”. والإعمار هو ما يُعبّر عنه في عصرنا الراهن بالتنمية، لكنه تعريف أشمل منها وأدق، ولذلك استعمل المحتلون هذا المصطلح الشرعي التنموي فتمّ تعميم نشر عبارة “الاستعمار الفرنسي” مثلا، ووصف المحتلين بالمعمّرين، بدل المحتلين… وهذا يعكس ذكاء غزاتنا وتلاعبهم بعقولنا من خلال استعمال ألفاظ إسلامية الجذور والمعنى… واليوم يستعمرونا بشكل ناعم من خلال استخدام مصطلح جديد هو التنمية بدل الإعمار أو التعمير الواردين في تراثنا الإسلامي…
وحتى ينجح الإنسان في أداء رسالة تنمية الحياة فوق الأرض ساعده ببعض الامتيازات هي:
أ) التسخير: قال تعالى: وسخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا”.
ب) التمكين: قال تعالى: “ولقد مكّنّاكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش”.
ت) التفضيل:
قال تعالى: “وفضلناكم على كثير ممّن خلقنا تفضيلا”
فضلهم سبحانه وتعالى بماذا؟
لقد فضله بأن علمه ما لم يعلم
وفضله بأن “علمه البيان”
وأن خلقه “في أحسن تقويم”
وأن نفخ فيه “من روحه”
وهذا يقودنا إلى فكرة الإنسان الصانع… في تماه مع الله الخالق… فالله تعالى يخلق الشيء من لا شيئ.. يقول له كن فيكون، لذك نقول إن الكون بين الكاف والنون، أي أنّه داخل الأمر الإلهي: كن…. والإنسان لا يخلق بل يصنع الشيء من الشيء…
وأولى أدوات التنمية:
هي العلم. قال تعالى: وعلّم آدم الأسماء كلّها”. فالله سبحانه وتعالى زوّد الإنسان “بدليل حياة”… بـ”أجندة عمل”… بـ”خارطة طريق”… لينجح في مهمّة خلافة الله على الأرض… وهي ليست الخلافة التي نعرفها… خلافة نخبة حاكمة (خلافة الصحابة للرسول صل الله عليه سلم في إمامة الدين (الصلاة والعبادات…) وإمامة الدنيا (تسيير الدولة) بل خلافة كل البشر لله على الأرض، لقول الله تعالى: “وإذ قال ربك للملائكة إنّي جاعل في الأرض خليفة”.

ثاني أدوات التنمية:
وهي العمل. قال تعالى: “وقل اعملوا فسيرى الله عملك ورسوله والمؤمنون”. وقال نبينا الأكرم: “اعمل، فكل ميسّر لما خلق له”.

هكذا فإنّه داخل كل إنسان نوعان من مفاتيح التنمية:
النوع الأول: مفاتيح فطرية للتنمية:
هي العقل وقابلية التعلم وتطبيق نتائج التعلّم…
النوع الثاني: مفاتيح كسبية للتنمية:
هي القدرة على تحويل العلم إلى عمل، وتحويل العمل إلى منجزات بشرية عظيمة (اختراعات واكتشافات وبناءات…)، وذلك بالتقويم الإنساني الحسن (تركيبة الجسد ووظائفه)، وبالتجربة والمثابرة والمران…
3. شمولية مصطلح الإعمار:
فهو أقدم استخداما وأوسع تعريفا، فهو يشمل الأنواع السبعة للتنمية اليوم:
التنمية المتكاملة: التي تتكامل فيها كل القطاعات مستفيدة من بعضها البعض وبالخصوص من المقاربات الجديدة والتقنيات العصرية والتكنولوجيات الحديثة.
التنمية الشاملة: وتركز على مواطن الضعف في كافة القطاعات للتخلص من الفقر والجهل والبطالة، وذلك عن طريق:
– تحفيز كل الطاقات والكفاءات الوطنية.
– زيادة الإنتاج الوطني.
التقاسم الشامل لثمار التنمية، يغض النظر عن التفاوت فيها.
التنمية المستدامة:
التي تضمن توفير حاجيات الأجيال الحاضرة، وتفكر في ضمان حق أجيال المستقبل في الانتفاع من الموراد الطبيعية والطاقات غير المتجددة التي يمكن أن تنضب بكثرة الاستعمال، وذلك من خلال ترشيد استهلاك الموارد الطبيعية والبحث عن طاقات بديلة تكون متجددة…
التنمية المندمجة:
التي تراهن على اندماج الأهداف المنشودة في سياق استراتيجية تنموية متكاملة توفر الفرص للجميع من خلال أنشطة مرتبطة بالخصوصيات المحلية.
التنمية المختصة:
وتختص بقطاعات معيّنة بهدف النهوض بها وفق برنامج خصوصي.
التنمية المتوازنة:
لا تغلب قطاع على آخر، تغليب المجالين الاقتصادي والاجتماعي على السياسي، أو تغليب الاجتماعي على الاقتصادي…
التنمية العادلة:
تهدف إلى التوزيع العادل لثمار التنمية دون شطط أو إقصاء أو تهميش لأي فئة أو جهة… فهي تنمية تراهن على العناية بكل الشرائح والمناطق، وبالخصوص مناطق الظل وفئات الهامش…
هكذا يتبيّن لنا جليّا أن تهدف إلى التوزيع العادل لثمار التنمية دون شطط أو إقصاء أو تهميش لأي فئة أو جهة… فهي تنمية تراهن على العناية بكل الشرائح والمناطق، وبالخصوص مناطق الظل وفئات الهامش…
غاية الخطاب الديني هو تحقيق التنمية بكل أصنافها.
وكذا يساهم المسطور (القرآن) في تنمية المفطور (الكون).
تواصلت الاحتفالات و نسأل الله أن يحمي الأمة الإسلامية كلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق