تحيي جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج هذه اليوم ذكرى مرور 21 عامًا على انتفاضة القدس والأقصى، التي كانت اندلعت احتجاجًا على زيارة شارون لباحات المسجد الاقصى المبارك. وقد استشهد خلال هذه الهبة المجيدة، تضامنًا مع الانتفاضة، 13 شابًا من ابناء الداخل الفلسطيني، بعد ان خرجوا من بيوتهم تلبية لنداء الواجب الوطني، دفاعًا عن المسجد الأقصى.
21 عامًا مرّ على هذه الانتفاضة وهذه الهبة، وما زال الجرح ينزف ويصرخ من اجل محاكمة وادانة القتلة، الذين سارعوا الى وضع ايديهم على الزناد وإطلاق الرصاص الحي على المتضامنين من ابناء شعبنا في المثلث والجليل فسقط بدم بارد 13 شهيدًا.
لقد حاولت سلطات وقوات الاحتلال قمع وإجهاض وإخماد لهيب هذه الانتفاضة باستخدام أساليب كثيرة ومتنوعة، فإلى جانب سياسة الحصار والخنق الاقتصادي والتجويع والاغلاق والقتل والاعتقال، استخدمت الدبابات والصواريخ في قصف المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية ومقرات السلطة الوطنية الفلسطينية. ولكن رغم هذه الممارسات الاحتلالية التعسفية، فإن الانتفاضة تصاعدت حدتها واتسعت قاعدتها الشعبية، مستمدة قوتها وديمومتها من الارادة الشعبية الوطنية الفلسطينية الصلبة والايمان الثوري الراسخ، ومن الوحدة الوطنية والميدانية، وقناعات الجماهير الفلسطينية، التي صممت على الصمود والمقاومة والمواجهة حتى الشهادة لأجل تحقيق الاماني والتطلعات الفلسطينية بالحرية والكرامة والاستقلال الوطني واقامة الدولة المستقلة.
وفي هذه المناسبة التي نحيي فيها ذكرى الشهداء الابرار، الذين جادوا بدمائهم الذكية دفاعًا عن القضية المقدسة، نستحضر ايضا ذكرى استشهاد محمد الدرة، هذا الطفل الفلسطيني ابن الثانية عشرة الذي قتل برصاص الجيش الاسرائيلي حين كان يحمي نفسه من الرصاص بالاختباء خلف ظهر ابيه ووراء جدار، وهذا المشهد هز في حينه الضمير الإنساني.
مرَّ 21عامًا على هبة اكتوبر وانتفاضة القدس والاقصى والوضع لم يتغير ولم يتبدلـ فالعنصرية تتفاقم وتكشر عن أنيابها، والمخططات السلطوية التي تستهدف جماهيرنا العربية الفلسطينية ووجودها تتزايد يومًا بعد يوم. وأمام ذلك ينتصب شعبنا كالمارد رافعًا الراية، رافضًا الترحيل والتهجير والاقتلاع والتبادل السكاني، مصرًا على البقاء والحياة والتطور في ارضه ووطنه الازلي، وعلى التحدي والصمود والمقاومة والتشبث بالأرض والهوية.
إن جماهيرنا العربية الفلسطينية تعلمت، عبر معاركها الكفاحية البطولية والمواجهة مع المؤسسة الحاكمة في اسرائيل، أنّ لا سلاح لديها لإفشال تحقيق الهدف والمخطط الصهيوني الاقتلاعي سوى وحدة الصف الكفاحية، وحدة الكفاح المشترك بين جميع القوى والحركات السياسية والاوساط اليهودية التقدمية الديمقراطية المتنورة، دفاعًا عن الارض والبقاء والعيش بمساواة وكرامة على ارض الوطن.
وعليه فان شبيبتنا وجماهيرنا مدعوة أكثر من اي وقت مضى إلى شحذ سلاح الوحدة، ومدعوة إلى اقصى درجات اليقظة الثورة الواعية، وتصليب الموقف الوطني والسياسي المسؤول، وتدعيم وحدة الصف النضالية، ولفظ كل المنبطحين من أصحاب “النهج الجديد”، لصفع سياسة القهر القومي والتمييز العنصري الابرتهايدي ونهب الأرض وقبر مخططات السلطة الظالمة.