مقالات

التغيير ليس مرغوبا فقط لكن لا يمكن منعه بقلم نبيل عوده

image
*أنا سعيد لأني أفكر، ولست موجودا لأني أفكر فقط * اذا رأيت خطأ ما عليك تصحيحه، اذا لم تستطيع تصحيحه غير اسلوب تعاملك معه* لا ابداع انساني بدون حرية التفكير* يهاجمني النكرات اني كاتب بلاط. اجل.. لكن ليس ببلاط اهل الكهف*
نبيل عودة
الاستعلاء على الآخرين هو دليل ضعف يمارس تحت غطاء القوة، هذه القاعدة نعيشها لحظة وراء لحظة في سياستنا المحلية، وفي علاقاتنا الاجتماعية، وفي منازلنا ، وهو مميز خاصة لأولئك الذين يدعون انهم اصحاب الطريق القويم ويتنافسون على صفة ممثلي الجماهير العربية، ولا يمثلون الا انفسهم.. ادعاءات لا يجرؤ عليها الا فاقدي التفكير السليم والواهمين بأن الشمس لا تشرق الا بأوامرهم.
الطريق القويم ليس ملكا او احتكارا لحزب ما او مجموعة او فردا. الطريق القويم هي عملية رقي في التفكير والتعامل والتخطيط. صاحب الفكر الذي يضع نفسه داخل خانة ، بظن انه اقصى التمني ونهاية البحث عن الحقيقة هو ببساطة ضحية لأغبياء ودجالين لا يؤتمن لهم. نرى اتباعهم غاضبون على كل كلمة نقد توجه للتنظيم الذي خدعهم أو لزعيم دجال شل تفكيرهم وحولهم الى احجار شطرنج على لوحته . الغبي فقط يظن ان طريقه هي التي يجب ان يشد الخطى عبرها جميع الخلق. يقيمون مقارنات لا تتعامل الا بما يطفو على السطح. المقارنة في مثل هذه الحالة هي طريق العاجزين عن تحقيق ذاتهم، عن تحرير فكرهم من كهف مظلم دخلوه بإرادتهم متنازلين عن حقهم في التفكير الشخصي وتحرير وعيهم من تسلط المرابين السياسيين . اصبحوا ببغاوات بإرادتهم. تنظيمهم نفى اهم ما في انسانيتهم، الوعي الشخصي والقدرة على التفكير المغاير او نقد السلبيات. يظنون ان كل ما يصدر عن قائدهم او تنظيمهم هو كلام منزل من السماء. احد الفلاسفة قال “عش لتعمل ولا تعش لتنهي” وهم يعيشون بظن ان الفكر انتهى عند حذاء قائدهم او تنظيمهم والويل لمن ينتقد او يرفض طريقهم مشلولة الفكر او يطرح رؤية جديدة متحررة. ليس شرطا نفيا لنهجهم، انما اجتهادا يتجاوز ما نشأوا عليه او يشكل تحديا له. حتى ديالكتيكهم الذي لا يعرفون منه الا الصياغات الجاهزة، أصبح يناقض انفلاتهم ضد كل من يجتهد لإيجاد طريق يرى انها الأصح. وهذا بالضبط ما عالجته الفلسفة التي يظنون انها ملكهم طابو، حيث قال احد الفلاسفة “الانسان لا يرى الأشياء والأشخاص بما يمثلونه انما حسب ما يظنه عن نفسه”. وهذا مرضهم النفسي الذي لا خلاص لهم منه .
من يظنون ان نهجهم هو الأصح وان الباب أغلق امام أي اجتهاد جديد ابشرهم ان هذا هو جوهر مرضهم الفكري اولا والسياسي ثانيا. لا اقول ذلك سخرية منهم، انما لحثهم على استعمال تلك المادة الأكثر تطورا ورقيا وذكاء والتي تسمى العقل. اول جريمة ترتكبها التنظيمات مع كوادرها هو شل حرية الرأي وحق التعددية الفكرية.
هم يظنون ان فلسفتهم هي نهاية الفلسفة البشرية، “لا قبلها ولا بعدها” كما كتب مرة شيوعي اردني في نقاش سفسطائي عن ماركسيته التي تبين انها مجرد اوهام ستالينية عاش معها جل عمره ولم يعد قادرا على تحرير عقله من اسطورة جميلة تركت ترسباتها المؤلمة في اوساط أبرز المثقفين الثوريين في عالمنا. قناعتي بها استمرت لوقت طويل ، لكني نجحت ان اتحرر من واقع “سيزيف الشيوعي” الذي حكم عليه آلهته الشيوعيين ان يدفع كل عمره صخرة الى قمة جبل وان تسقط الصخرة كلما يقترب من قمة الجبل ليعود يدفعها من جديد.. هكذا انتم يا رفاقي القدماء. لا اكرهكم، بل اشفق عليكم لأني أحبكم. اسمعوا ماذا يقول فيلسوف معاصر “النجاح لن يكون الا اذا قمت بعمل تخاف ان تقوم به”. وهذا ما قمت انا به، فوجدت نفسي واستعدت قدراتي الفكرية.
فلسفتي الخصها بهذه الجملة “أنا سعيد لأني أفكر، ولست موجودا لأني أفكر فقط ” !!
كنت اخاف في بداية وعيي ان اجد نفسي يوما خارج صفوف الحزب الشيوعي. لكني أشعر اليوم بغباء تفكيري الذي افقدني سنوات هامة، ليس من عمري فقط، انما من قدرتي على التفكير الحر ورؤية الحقائق على طبيعتها، والقدرة على رسم طريقي بعقلانية ورؤية للطريق وليس السير بواسطة عصا العميان الحزبية – عصا من فقد بصيرته وقدرته على التفكير الذاتي وصار أشبه بحجر شطرنج ، يُحرك على اللوحة ويفكروا عنه ويقرروا له مربعه، أي جعلوه مجرد اداة .. بنفي جوهره الانساني. لذلك انا على قناعة فلسفية باني كإنسان اذا رأيت خطأ ما علي تصحيحه، اذا لم أستطع تصحيحه سأغير اسلوب تعاملي معه ، هذه هي طريقي التي ملأتني بالقوة النفسية والفكرية والثقافية وبشعور عظمة حرية التفكير في حياة الانسان والمجتمعات البشرية، والعامل الأهم الذي فتح امامي مساحات ابداعية متعددة المضامين، إذ لا ابداع انساني بدون حرية التفكير. فهل يعتبر من يستعمل فكره على ضلال ومن يلقن بالتفاهات والأوهام ونصف الحقائق والتضليل والترديد الببغاوي على صواب؟
طبعا لا انتظر جوابا من الذين يغطون بالشلل الفكري داخل الكهوف المتعددة. انما آمل ان يقرؤوا ما اكتبه بدون تشنج، لعلي أنقذهم من البقاء في ظلام الكهف، او على الأقل احرك بعض ما تبقى من وعيهم!!
لماذا انتم غاضبون من مقالاتي؟ لا تتوقعوا ان اشتمكم . الشتائم هي طابو لكم ولكل عاجز فكريا. لماذا بعضكم يتبجح بتعابير تافهة ما زلتم اسرى لها؟ حالتكم مثل القرقعة التي على قمة العامود، لا تنفع في وجودها هناك لا نفسها ولا صنفها. او استاذ الثانوية الذي قرر تغيير شكله الكاريكاتوري فصدمته سيارة لأن الله لم يستوعبه بشكله الجديد. لماذا بعضكم لا يجرؤ على نشر اسمه في تعقيباته؟ ما الشجاعة في نشر تعليق باسم مستعار؟ هل تشكون بمصداقيتكم؟ هل تخافون اذا كشفتم اسمائكم ان اجعل منكم اضحوكة بقصة ساخرة وهي مهنة اتقنها، قد تشهركم من حيث لا تدرون عندها تصبحون مادة يضحك عليها الجمهور؟ اسالوا السابقين الذي تجرأوا.. كيف اشهرتهم قصصي الساخرة اضعاف ما يقدر عليه تنظيمهم، ربما يرفعهم ذلك الى مرتبة شبه زعيم؟!
يقال ان الأبطال يخافون من الخسارة لكنكم في تشنجكم العقلي تخافون من الانتصار، فلماذا لا تكونوا ابطالا في مواجهتي؟ طبعا انا لست رجل عنف، ودعوتي ليست لحلبة ملاكمة، انا رجل فكر ، حلبتي هي الابداع، الفلسفة، الثقافة والتفكير الحر. هل تخجلون من مواقفكم او ربما من اسمائكم وصفاتكم التنظيمية؟
المضحك ان كل ما فتحه الله عليهم في ذمي هو وصفي باني كاتب بلاط ، منتفع، باع نفسه، خان حزبه (استقلت منه عام 1992)، انحرف عن طريقه. وتعابير مشابهة مملة وتافهة رغم ان من بين كتابها محامي، طبيب، معلم ثانوي، وبعض مدعي الثقافة الذين لم يستوعبوا بعد ان ثقافتهم تتهافت داخل الكهف الحزبي . وبأحسن الأحوال سيخرجون من الكهف الى عالم غريب عنهم!!
هل كنت استحق التصفيق والعناق والاشادة عندما سوقت حزبكم وجبهتكم رغم اني لم اكن عضوا، بل كنت على خلاف عميق حول قضايا فكرية عديدة هامة… لكني رأيت كمثقف حر ومستقل انه الأفضل في الواقع السياسي القائم؟ هذه الرؤية انتهت بعد ان اكتشفت ان الحقد هو سياسة الحزب ومؤسساته ورفاقه الصبيان لمن خرج من صفوفه. أي لمن تحرر من غبائه. يجب ان تستوعبوا انه في كل مكان يوجد فيه غضب يوجد وراءه الكثير من الألم والفشل. تألموا واجتروا فشلكم.. اذا كان هذا خياركم!!
احفظوا ما سأقوله: في معركة انتخابات بلدية الناصرة الأخيرة ( والمعارك الثلاثة السابقة لها أيضا) كنت المسوق الوحيد لقائمة الجبهة ومرشحها للرئاسة. لم يوجد غيري ليواجه سائر القوائم . دور جريدتكم “الاتحاد” كان اعلاميا سلبيا، أي نشر أخبار وكفى الله المؤمنين شر القتال، هذا يشير الى فقدان الحزب لإعلاميين ولجهاز اعلامي تسويقي وتنويري. أكثر من ذلك، مقالاتي قوطعت من “الاتحاد” خلال معارك انتخابات البلدية الثلاثة الأخيرة، رغم ان مرشحكم للرئاسة اشاد بمقالاتي لكنه “لم ينتبه” ان جريدة تنظيمه تقاطعني.. بقية الحكاية نشرتها سابقا ولن اكررها. مع مثل هذا التنظيم وهذه الشخصيات وهذا التصرف سيكون لي ما سيقال، واسمعوني جيدا، لم اقل بعد كل ما عندي، ولم انه حسابي السياسي والفكري بعد.
الأهم ان هذا فتح عيني للنظر الى اسلوب عمل الفائز برئاسة البلدية واعني الرئيس المنتخب علي سلام، الفرد الذي هزم تنظيما تاريخيا بكل مؤسساته واعضائه.. وفاز بأكثر من 60% من الأصوات. فقط غبي مطلق لا ينظر لهذه الحقائق. الى جانب ان اجواء التعامل مع المواطنين في البلدية تغير، من ابواب مغلقة الى ابواب مفتوحة. من بلدية تدار بانقطاع عن الناس الى بلدية تدار بانفتاح على الناس…
ما ستنجزه ادارة علي سلام هو المقياس لهذا التغيير وهل كان ضروريا ام مجرد نزوة؟ انا رأيت منذ اليوم الأول اننا امام اسلوب جديد في التوجه والتعامل مع الناس ، والجمهور النصراوي لم يتأخر في الاستجابة لهذا التغيير وبتلخيص اولي اقول اننا امام مرحلة جديدة مشجعة.
ما انا واثق منه ان المستقبل يحمل في طياته مفاجآت هامة للناصرة ومواطنيها وسينعكس ذلك على مستوى كل الجماهير العربية في اسرائيل.
اذن: كاتب بلاط؟ اجل.. لكن ليس ببلاط اهل الكهف!!
[email protected]

مقالات ذات صلة

إغلاق