البوم صور
فلسطين، كلما أغفو توقظني وتقض مضجعي” من المقالات الاخيرة (أ.د. حنا عيسى)
فلسطين اغتيال الفرحة من وجوه الأطفال، فقدان الحنان والأمان بوجه الأجيال، ونسيان الضحكة والبسمة في زمن الاغتيال.. ترابها مضمخ بأنفاس الأنبياء والنبوات، فضاؤها مزدحم بقوافل الملائكة والشهداء وفوق ترابها بدا الإنسان أبجدية الحضارة من الرعاية إلى الزراعة في أول مدينة عرفها هذا الكوكب وهي أريحا…
فلو لم أكن فلسطينيا لوددت أن أكون.. لا أقول ذلك شعرا أو كلام إنشاء ولكنني أقول ما أقول لإدراكي يقينا بان هذا الانتماء الراسخ المتجذر في الوجدان والأعماق هو الحقيقة بكل أبعادها، فلولا هذه الهوية الاستثنائية طهرا وقداسة لأصابني ما يصيب الحمام الجريح في زمن العشق والهديلالنازف بالحب حتى الثمالة.
ولكل المحبطين والمتشائمين أقول: فلسطين لا تحتمل العشق الجليدي الفاتر.. ولكنها تستقطب الفراش اللاهث حول سراجها يرف بجناحيه وهو يحترق من شدة العشق وهوس العذاب الفلسطيني الممتع...
فطوبى لفلسطين…. وطوبى لأحرار فلسطين….
لأنهم كما يبدو آخر ما تبقى من العبير في حديقة الحرية....
في زمن كهذا الذي نعيش، تقف الحضارة الإنسانية مبهوتة أمام هذا القهر المبرمج ضد الحد الأدنى من حقوق الإنسان وقداسة الإنسانية النازفة من الوريد إلى الوريد، وحين ندخل هذا الوطن الزنزانة تحت مسمى “فلسطين” تفقد الحضارة توازنها وقدرتها على الاحتمال، ويحضرني فيهذه اللحظة ما قاله الشاعر اللبناني “جبران خليل جبران“: أن العصفور يأبى أن يبيض في القفص حتى لا يورث العبودية لأفراخه”.
ورغم هذا لم يسقط الزيتون من يد هابيل، ورغم هذا ظل قابيل يطارده مع سبق الإصرار.
فإذا ما تبقى من الوطن الذبيح يتحول إلى ساحة مستباحة للقتل والقهر والاعتقال في ظل الاحتلال الذي داس على كل القوانين والاتفاقيات والمبادئوالثوابت والقيم، ورغم هذا ما زالت يدنا ممدودة بالزيتون والحمام وكل مفردات السلام، وما زال قابيل يجتث الزيتون من جذوره ويذبح الحمام في الأعشاش وعلى الأغصان وفي كل زوايا الفضاء في هذا الوطن. وعندالوقوف أمام الإنسان الفلسطيني يقف القانون عاجزا حتى الحد الأدنى من المواساة لهذا الإنسان. الذي فقد قدرته على احتمال التعايش مع أخيه الإنسان في غابة الذئاب البشرية المتوحشة.