شعر وشعراء

تغريدة الشعر العربي ” أغنية الناسكات الأخيرة “

السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد
الشاعرة و الروائية الجزائرية د. آمنة حزمون – 1991 م .
الناي يبكي غابة ضحت به لم تقترح فرحا لطرد الحزن
و كعازف أعمى بأندلس إذا غنى يشق صباحه للكون
الناي ..أفصح من يترجم دمعةً ما مثّلت في مسرحٍ للعينِ
النايُ .. رسّام يجرّب لوحة يهدي الحياة مصادفات اللون
و كيوسف في جب ظلمته يرى ضوء الخلاص و ما وراء السجن
” من قصيدة : ناي سماوي ”

” و كنت عاشقة ً في عينها اكتملت ْ
ملامح العشقِ لكن قطّ لم أرهُ
و لست يوسفَ لا تأويل ينصف ما
قد مرّ في غيهب الآتي و حيرهُ … ” .
———
تظل المرأة لغز الحياة تختصر مسافات الواقع و الخيال فهي همزة الوصل و الابداع و الفن الجميل الأصيل تعطر الوجود بمشاعرها التي تضفي رونقا علي موكب الوجود في مشاركة فعالة مع الرجل و من ثم نتوقف مع مبدعة من أرض الجزائر نطوف حول محربها نجسد ملامح العطاء أنها الطبيبة و الشاعرة و الروائية ” آمنة حزمون ” التي لها بصمات سجلتها من خلال مسيرتها التي تنهض بواقع و مستقبل المرأة العربية و لم لا فهي درست الطب و تمتلك أحاسيس تنبع بالحب و الجمال و توظيف التراث في اطار ثقافة تحصد خلاصة تجارب الحضارات بوعي ، كما أنها تعزف رسالة الحب في ملحة صوفية رائعة ، و من ثم تفسر بتأملاتها ملحمة العشق بتمرد علي الكلمة و المعني و شكل القصيدة تجديدا للوحاتها الفنية الناطقة برسالة الانسانية هكذا … !! .

أليست هي القائلة عن معاناة الشعراء :
سلام على المعذبين في الأرض ..
أنتم أيها الشعراء و لا أستثني منكم أحدا

نشــــــأتها :
———–
ولدت الشاعرة و الروائية الجزائرية د. آمنة حزمون في عام 1991 م في مدينة قسنطينة ” مدينة الجسور المعلقة ” و العلم و الشعر و الفنون .
فقد توشحت بشعار مليون ونصف مليون شهيد و لا ننس الثائرة جميلة بوحريد التي أثرت في الفتيات فحب الوطن لا يغيب عن الفكر و الوجدان منذ نعومة أظفارها فهي تقرأ و تكتب كثيرا و قد انعكس كل هذا علي ذاكرتها المتنوعة في فصول الحياة .
و درست الطب البشري تخصص ” المخ و الأعصاب ” بكلية الطب جامعة إسماعيل بالقاسم بقسنطينة .
كما تدرس بالإضافة إلى ذلك علم القراءات بمدرسة عبد الحميد بن باديس بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، فضلا عن حصولها على إجازة في علوم التجويد برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق سنة 2014.

و شاركت في مسابقة أمير الشعراء و تأهلت للمرحلة الثانية في دورته الموسم السابع ، وحازت علي رتبة بهرت المحكمين و الحضور و المتابعين لها .

و هي تفتخر كطبيبة و شاعرة تحمل راية التجديد ، و أن الوالد و الأم أجمل قصيدة في حياتها .

و عندما نطالع بعض سطورها الروائية التي تختصر به مشهد يمس الجميع تقول الطبيبة و الشاعرة و الروائية الجزائرية المجددة آمنة حزمون في روايتها التي بعنوان ” المجانين لا يموتون ” :
” المرأة في سن الثلاثين في نظرهم لا تليق إلا بشيخ طاعن في السن أو أرمل له حشد من الأطفال , لأنها مصنفة في خانة العنوسة , لم أكن أحب أبدا كلمة عانس أجدها بلا معنى أعتبرها متطفلة على لغتنا الجميلة, و المشكلة أنها لا تستعمل إلا عندنا في مجتمعاتنا العربية المتعبة , التي لا يكفيها أن العالم يحاربها بشتى السبل و الوسائل , تقوم هي بمحاربة أبنائها و بناتها بهذه الحرب الباردة, حرب المعنويات ….” .
و قد مدحت الدكتورة آمنة حزمون برغم حداثة سنها ، الرسول الكريم صلي الله عليه و سلم في لامية تشبه لامية كعب بن زهير الذي أهداه النبي عليه الصلاة و السلام بردته ، فهي عندي بمثابة ” لامية ابنة حزمون ” و تعد من عيون مديح الرسول في الشعر العربي قاطبة دون مبالغة مع عمالقة المديح و أساطين الشعر مثل : كعب و البوصيري و البرعي و البارودي في ملحمته كشف الغمة في مدح سيد الأمة ، و ثلاثية أمير الشعراء أحمد شوقي و غيرهم من أرباب هذا المضمار …
حيث تقول حزمون في مطلع ملحمتها اللامية الرائعة :
و جَعلتُ نَهْجكَ في وُجُودِي قِبلـةً ما كَانَ يلزمُني سِــهامُ البوْصَـلَـهْ
عَمْياءُ تحْمِلُ في الفُؤادِ سِرَاجَها كـيَمامـةٍ زَرْقاءَ تُبْصـرُ سُـنبُـلَـه ْ
إنِّي رَأيتُكَ مُـنـذُ ألْــفِ قَـصِيـدة ٍ فِي خَافِقي وُلِدَتْ لتُنْجبَ بَسْمَلهْ
وُلِــدتْ لتَـتْـلُـو سُـورَةً مَـكِّـيــةً فيُجِيبَ ترَتِيلِي فُضولَ الأسْئلَهْ
و أُطِيلَ مَدِّي ثُـمَّ أُعْطِـي غُنَّتِـي وقْتَ الوُصُولِ إلَى الشِّفَاهِ المُقفَلَهْ

من أعمالها الأدبية :
——————
= مجموعة شعرية بعنوان : أغنية الناسكات الأخيرة .
= رواية بعنوان : “المجانين لا يموتون ” الفائزة بجائزة سعاد الصباح ” ستكون حاضرة بإذن الله في المعرض الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة . صادرة عن دار الجزائر تقرأ للنشرْ..

و تقول آمنة في مقطوعة شعرية :

مختارات من شعرها :
——————–
مع نصها المشارك به في المرحلة الثانية من أمير الشعراء ، و الذي أشادت به اللجنة
” إلى كل من يحمل في قلبه نايا و يمضي ”
سيرة ذاتية لناي سماوي :
الناي يبكي غابة ضحت به لم تقترح فرحا لطرد الحزن
و كعازف أعمى بأندلس إذا غنى يشق صباحه للكون
الناي ..أفصح من يترجم دمعةً ما مثّلت في مسرحٍ للعينِ
النايُ .. رسّام يجرّب لوحة يهدي الحياة مصادفات اللون
و كيوسف في جب ظلمته يرى ضوء الخلاص و ما وراء السجن
و صواعه المفقود في رحلِ الهوى ما زال يغري سيّدات الحُسن
ِالناي ُ لغز العاشقين , كناية عن ألف حلمٍ شاردٍ في اللحنِ
يتفتح المعنى على إيقاعه كصلاة عصفور بكفّ الغصنِ
و له المقامات التي من شأنها تعليم قابيل طقوس الدفنْ
و له تناقضه الجميل فعندما يبكي يقول خذوا السعادة مني

و تقول دكتورة آمنة حزمون من نص: الصوفي الأخير :
و بين شوطينِ
من ضوءٍ و من غبشٍ
يفجّر النبع و الوديان و النهرا
و يرتقي فرقد المعنى بحكمته
كيما يرى الأرضَ
من ركن السما حجرا
هنالك الوقتُ …
صلى فوق منبره
و عاد من دفتر ِ التاريخ معتمرا
و جاء …
و انكسرت دقّات عقربه ِ
لما رآه و كان الشوق مختمرا
و كان إن بلغَ الإحساس ذروته
يهزّ زُنّاره في رقصة الفقَرا…
يدورُ ….
يرفع كفّا للسماء كمن
يحرض الشمس و النجمات و القمرا…
يدور ..
كم يشتهي “هرميز ” طلعته
و كم يغار ” أبولو ” كلما ظهرا..

و نختم لشاعرتنا المتألقة آمنة حزمون بقصيدتها الرائعة بعنوان “بسملةٌ لقصيدِ الشوقْ”
في مدح الرسول صلي الله عليه و سلم – لامية حزمون – ، و قد وصلت بها للمرحلة النهائية في جائزة كتارا للعام 2016 م ، و هي تذكرنا بشعر و لامية كعب بن زهير في قصيدة البردة بانت سعاد و الامام البوصيري و شاعر السيف و القلم محمود سامي البارودي و ثلاثية أمير الشعراء أحمد شوقي بشعرها الرصين برغم حداثة سنها فجاءت الملحمة لتثبتها بين سجل فحول الشعراء القدامي و المعاصرين معا :
و جَعلتُ نَهْجكَ في وُجُودِي قِبلـةً
ما كَانَ يلزمُني سِــهامُ البوْصَـلَـهْ
عَمْياءُ تحْمِلُ في الفُؤادِ سِرَاجَها
كـيَمامـةٍ زَرْقاءَ تُبْصـرُ سُـنبُـلَـه ْ
إنِّي رَأيتُكَ مُـنـذُ ألْــفِ قَـصِيـدة ٍ
فِي خَافِقي وُلِدَتْ لتُنْجبَ بَسْمَلهْ
وُلِــدتْ لتَـتْـلُـو سُـورَةً مَـكِّـيــةً
فيُجِيبَ ترَتِيلِي فُضولَ الأسْئلَهْ
و أُطِيلَ مَدِّي ثُـمَّ أُعْطِـي غُنَّتِـي
وقْتَ الوُصُولِ إلَى الشِّفَاهِ المُقفَلَهْ
تَـتَوتَّـرُ الأشْعَـارُ تَلْفـظُ عَـجْزَهَـا
و تُهرْولُ الكَلماتُ نَحْو المِقْصَلَهْ
و أقُولُ أحْمدَ ثُـمّ يُسْكِتـنِي البُـكَا
رَقْراقةٌ تِلـك الدُمُـوعُ المُـسْدلَـهْ
رقْراقةٌ تَهْـمي علَى خَـدِّ الهَوَى
فتَبُلَّ مِنْ عَطَـشٍ ورودَ المَشتلَهْ
و إذا تَـراءى فِي القَصِيـدَةِ مَـرّةً
حارَ الجمالُ و قَال : يا مَا أجمَلهْ!
و الكَوكَبُ المُزْرَّقُ مَالَ بشَوقِـهِ
و تَـرنّـحَ المِرِّيـخُ حَـتَّـى يحْمِلَـهْ
كُـلُّ الكَواكِـبِ شَاهَــدتْ مِـيـلادَهُ
فبَكَتْ مِنَ الحُسنِ الذِي قدْ كَانَ لَهْ
و النّارُ في أرْضِ المَجوسِ تفَاجأَتْ
بالنُّـور يُطْـفئُها و يـوُقدُ مِشـعَـلَــهْ
هُـوَ خاتمُ الرُسْلِ الكِرام ِجميعِهمْ
رَبُّ المَعالي بالمَـكَــارمِ كلَّــلَــهْ
نسَـبٌ يَعـودُ إلَى خَلـيـلِ إلَـهــنَا
فرعٌ شَـريفٌ أصْلـهُ قـــدْ كمّـلـهْ
قـدْ جاءهُ جِبْــريلُ شَــقَّ فُـــؤادَهُ
من مَاء زمْزمَ قدْ رَواهُ و غَسّلهْ
و حليمَـةٌ قـدْ أرْضـعتْـهُ بحبِّهــا
و القلْبُ فِي رُكْنِ المَحبَّةِ قبَّلهْ
و النُّوقُ مَا كانَتْ تدرُّ حَليبَهـا
و غدَتْ بضِرعٍ حَافِلٍ مَا أثقلَهْ
و البُورُ أثمَرت الحياة ُ بجوفها
و الغيمُ قدْ تركَ السَّماءَ و ظلَّلَه ْ
و السَّعفُ حَنَّ إليهِ بَعدَ فِراقِهِ
و بَكَى عَلَى كَتِفِ النَّخِيلِ و بلَّلهْ
و نُحِبُّهُ و نَرَاهُ فِي أحْلامِنَا
لمْ يكذِبِ الوجْدانُ لمَّا مَثَّلهْ
و لأنَّهُ المثَلُ المُخلّدُ ذِكرُهُ
نفْنى لتبقىَ فِي الوجود ِالأمثلهْ
أوحَى إليْه اللهُ , سُبحان الذي
أثْنَى عليهِ و دارَ عِزٍّ أنْزلَهْ
و حِراءُ يذْكرُ قَوْلَ جِبريلٍ لَهُ
اقْرأ فآياتُ الكتابِ مُرتّلهْ
و خديجةٌ قدْ دثَّرتْهُ برُوحِهَا
و القلْبُ قدْ مَدَّ الشِغَافَ و زمّلَهْ
يا غارَ ثوْرٍ هلْ ذكرتَ حِكايةً ؟
دَارتْ بِبيْتِ العنْكَبُوتِ الأرَمَلهْ
كانَتْ تُعزِّي نفْسَهَا و تَلُومُها
و تحُوكُ نسْجًا ثُمَّ تنْكُثُ أوَلّهْ
و حَمامَةٌ نامَتْ علَى بيْضَاتِها
عبْثًا تُحاولُ أنْ تَحُلَّ المُشْكِلهْ
وإذاَ بهَذا الغارِ كبَّرَ جَوفُهُ
لتصِيحَ أرْكانُ الوُجودِ مُهلِّلهْ
هوَ أحْمدٌ و اللهُ أرْسلَه ُ هُنَا
و صَدِيقُه الصِدّيقُ جَاء لِيُدْخِلَهْ
يتحمّلُ الآلامَ تنْخَرُ عَظْمَهُ
كيْ لا يُحِسَّ بِهِ الرَّسُولُ و يَسْألَه
و يئِنُّ صَمْتًا ثُمّ يُخْفِي آهَهُ
و الجَفْنُ قدْ تَرَكَ الدُّمُوعَ مُكبَّلَهْ
و يقُولُ لَا تحْزنْ فلسْنَا وَحدَنَا
و اللهُ ينـظُرُنَا و يحْـفَظُ مُرْسَـلَهْ
صَلّى عليْـه اللهُ صلَّتْ أَحْـرُفِـي
و الخَافِقَـاتُ و كُـلُّ دَقَّاتِ الوَلَـهْ
صَلَّتْ عَليْهِ الشَّمْسُ عِنْدَ شُروقِهَا
و غُروبِها و النجْـمَةُ المُتَهلِّـلَـهْ
و بَكَتْ جَميعُ الكَائنَاتِ لِمَـوتِـهِ
و الحُزْنُ قدْ رجَّ الفُؤادَ و زَلْزَلَهْ
و تسَارعَتْ نبَضَاتُ كَونٍ عاشقٍ
قدْ بَاحَ بالحُبِّ الذِي قـدْ أثْـقَــلَـهْ
و مَضَتْ إلَى أرْضِ المَدينةِ نخْلَة ٌ
مكيّةٌ تُخفِـي الخُـطَـى مُتسَـلِّلَهْ
و تقُول للكُثبـانِ إنّْي لــمْ أعُــدْ
أقوى و حُبِّي فِي الحَشَى لاَ حَدَّ لَهْ
يا أرضَ يثرِبَ يا جِبالاً حَوْلَهَـا
رُوحِي كمِثْلِ الأخْشَبَيْنِ مُكَبَّلَـهْ
سَأصُبُّ فِـي قَلْـبِي مِـدَادً أزْرَقاً
و أُحَرِّضُ الأشْعَارَ كيْماَ تُشْعِلَهْ
صَلّى علَيهِ الحَرفُ عِنْدَ سُجُودِه
و رُكُوعِه فِي الجُـمْلَة المُتَمَلْمِلَهْ
صَلَّـى عَلَيْـه ِالـحَامِــلُـونُ لِــواءَهُ
و قُـلُوبُهُـم عــمَّا سِـواهُ مُـقـفَّـلـهْ
صَلَّى عَلَيْهِ النَّازِحُون إلَى الهُدَى
قدْ صيّرُوا صَعْبَ الدُّروبِ مُسهّلهْ
و فدَتْـهُ أرْواحُ الخَـلائــقِ كُـلُّـهَـا
و جَـميعُ أنْـفاسِ الحَـياةِ المُقبِـلـهْ
و فَداهُ هذا القلبُ يسـألُ ربَّـهُ
لُقْيَا الحَبـيِبِ و دَعْـوةً مُتقبّلَـهْ
إنِّي ترَكْتُ الشِّعرَ فِي مِحْرَابِهِ
و أتَيْتُ مِنْ فَرْطِ الحَنينِ مُهَرْولَهْ
فإذَا رآهُ القــلْـبُ فِـي سَـوْدائِـهِ
طُوبَى لِمَـنْ حَازَ المُنَى و تأمّلَهْ
هذه كانت قراءة سريعة لشاعرة و روائية وطبيبة و كاتبة جزائرية ” آمنة حزمون ” المبدعة المتألقة الشابة ذات حداثة السن لكنها رافد ثقافي متعدد المتواليات ، بل بمثابة دائرة معارف تطل من نافذتها علي حضارة الشرق و الغرب أضف الي تمردها و رفع راية التجديد من خلال موضوعية تمتلك موهبة و طاقة وقدرة و معطيات أهلتها الي صدارة الخريطة الابداعية الفنية في جماليات للكلمة التي تزينها بمشاعرها في تلقائية دائما .
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق