هو اللاجئ من عمر اللجوء، وابن مواليد النكبة التي لم تمهله ولو لساعات قليلة كي يبصر النور في أحضان وطنه وتحديدا في بلدته الخالصة الواقعة شمال فلسطين (كريات شمونة اليوم). بدأت رحلة الشتات وهو لم يزل جنينا في أحشاء والدته التي حملته في ساعات مخاضها قبل أن تلده تحت شجرة الزيتون في منطقة المارية جنوب لبنان، في إحدى مزارع المجيدية التابعة للمير مجيد ارسلان، أمطرت الدنيا حينها فوضعت الأم وسادة حملتها معها من دارها فوق وجه مولودها.
محمد حسن أبو رحيلة يلخص قصة اللجوء الفلسطيني إلى لبنان من بداياته.. انتقلت عائلته من المارية إلى دير ميماس فمخيم النبطية الذي مكثوا فيه من عام 1954 حتى عام 1974 حين دمره الطيران الإسرائيلي تدميرا كاملا، وقد استشهدت فيه عائلات فلسطينية بأكملها لانعدام الملاجئ فيه وسبل الحماية.
انتهى المطاف بعائلة أبو رحيلة في مدينة صيدا يوضح لـ”الحياة الجديدة” التي التقته لمناسبة اليوم العالمي للاجئين. “عشت اللجوء من لحظة خروجي من رحم أمي إلى الحياة، ولدت في الشتات تحت شجرة الزيتون، لقد عشنا اللجوء في ظروف صعبة جدا وبعدنا عن أرض الوطن وما زلنا نرقبها بحسرة من خلال الشاشات، وإذا اتيح لنا فمن خلف الأسلاك الشائكة الحدودية” يقول أبو رحيلة.
ويضيف: “بدأت فعليا أشعر بالغربة عن وطني حين تم تجميعنا في مخيمات للاجئين الفلسطينيين امتدت من الشمال اللبناني إلى جنوبه ومن بينها مخيم نهر البارد، البداوي، ضبية، تل الزعتر، جسر الباشا، شاتيلا، برج البراجنة، مار الياس مخيم النبطية والمية ومية وعين الحلوة والبرج الشمالي والرشيدية والبص والمخيمات والتجمعات الأخرى كافة”.
يتابع أبو رحيلة حديثه: “هنا شعرت كلاجئ بمرارة اللجوء وواقعه المرير، لم يكن هناك مدارس مجهزة ولا يسمح لنا كفلسطينيين بالعمل، حتى الكلام لاسيما في السياسة كان ممنوعا علينا وكانت قيود التحرك كثيرة ومعقدة، وتستوجب زيارتك من النبطية إلى صيدا تصريحا من الدولة اللبنانية”.
ويتابع اللاجئ الفلسطيني أبو رحيلة كلامه: لم يتح لنا الوقوف على الحدود اللبنانية الفلسطينية الا بعد ان حط الفدائيون أقدامهم في المنطقة الحدودية وبدأوا يقارعون الاحتلال عبر سلسلة عملياتهم النوعية، حينها فقط تسللنا لمشاهدة الوطن.
يوم اللاجئ العالمي بالنسبة لأبي رحيلة يؤكد أن الأمم المتحدة ولجنة حقوق الانسان والجمعيات الدولية التابعة لحقوق الإنسان لم تحقق للإنسان الفلسطيني شيئا على مستوى حقوقه التي لم يحصل عليها حتى الطفل الفلسطيني منذ عام 1948.
يضيف: “أنظر يومياً إلى الطفل الفلسطيني وهو يذبح ويقتل بالرصاص والدهس والحروب، فأكرر السؤال لنفسي: أين العالم من كل ما يجري؟ ما زال الإسرائيليون يأتون بالمستوطنين من كل بلاد العالم ويصادرون أملاكنا وأراضينا وأشجارنا ويدمرونها، ويلاحقون كل إنسان فلسطيني يناضل في سبيل استرجاع حقه بينما قرار العودة 194 كغيره من القرارات النائمة في أدراج الأمم المتحدة”.
ويتابع: “الشعب الفلسطيني هو الشعب الوحيد الذي لم ينل استقلاله، الإنسان الحر يتمتع بالامتيازات ونحن محرومون من أبسطها وهي ليست إلا حقوقا لنا، نحن ممنوع علينا الذهاب إلى ديارنا وأملاكنا ولا يسمح لنا حتى بزيارة عتباتنا المقدسة ولا حتى قبور أقاربنا”.
ويستطرد أبو رحيلة: “لن نقول إن هذه الأرض صهيونية بعد 73 عاما من الاحتلال ومهما طال أمده ولدينا من الأوراق الثبوتية ما يكفي لإثبات حقوقنا وملكيتنا في وطننا، وهذه الأوراق حتما هي أمانة في أعناق أولادنا وأحفادنا”.
اللاجئ الفلسطيني في لبنان محمد أبو رحيلة توجه برسالة للعالم بالمناسبة قائلا: “من حق الإنسان الفلسطيني أن يعيش حرا ويبني مستقبله في وطنه متل كل شعوب العالم، وليعلم العدو أن قرارالعودة إلى فلسطين هو كالآية القرآنية التي نحفظها لأطفالنا وأحفادنا، وطننا وصيتنا وليس بعده وصية، وإننا، رغم كل المؤامرات والدسائس، لعائدون”.
(الحياة الجديدة)