مقالات
الأمم المتحدة وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بقلم: أ.د. حنا عيسى / أمين عام الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات
حق تقرير المصير هو حق كل شعب في حكم نفسه بنفسه واختيار نظامه ومستقبله اختيارا حرا. ولا يصبح هذا الحق قابلا للتطبيق إلا لشعب يعيش على أرضه ويشغلها بصورة مستمرة غير متقطعة لا بصورة استعراضية وهذا ينطبق على الشعب الفلسطيني ولا ينطبق على جماعة غريبة احتلت ارض غيرها كما جرى في فلسطين. وحق تقرير المصير هو الأساس والمنطلق للحق في الاستقلال والسيادة. وتتفرع عنه الحقوق الأخرى. فالجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة أعطت تفسيرا قانونيا للميثاق فيما يتعلق بحق تقرير المصير واكتسب التفسير طابع القواعد الملزمة في القانون الدولي. فتاريخ الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة مرتبط ارتباطا وثيقا وتدريجيا بمبدأ حق تقرير المصير وتفسيره حينما باشرت الجمعية العامة النظر في قضية فلسطين عام 1947. وجاء في تقرير لجنة الأمم الخاصة بشأن فلسطين ما يلي:
فيما يتعلق بمبدأ تقرير المصير فانه رغم الاعتراف الدولي بهذا المبدأ في نهاية الحرب العالمية الأولى ورغم انه تم الالتزام به في الأقاليم العربية الأخرى لم يتم عند وضع صكوك الانتداب من الفئة (ا) تطبيق ذلك المبدأ على فلسطين ويرجع ذلك بوضوح إلى النية في تيسير إنشاء الوطن القومي اليهودي هناك. ومن الجائز جدا في الواقع القول إن الوطن القومي اليهودي والانتداب الفريد من نوعه على فلسطين يتعارضان مع ذلك المبدأ. وبالرغم من هذا الرأي لم تول اللجنة ذاتها أهمية لهذا المبدأ ولم تجمع على تطبيقه بالنسبة للشعب العربي الفلسطيني فانقسمت إلى غالبية أوصت بتقسيم فلسطين وأقلية نصحت بقيام دولة فلسطينية موحدة مستقلة مع ضمانات لحقوق الأقلية من سكان هذه الدولة ولكن الجمعية العامة بضغط من الولايات المتحدة والقوى الموالية لها أصدرت في دورتها الثانية قرارها الرقم (181) في 29/11/1947 بتقسيم فلسطين. وكان من نتائجه المباشرة إلى جانب سلب الشعب الفلسطيني حقوقه وقسما من وطنه نشوء مشكلة اللاجئين التي عالجتها الجمعية العامة في دورتها الثالثة في عام 1948 فأصدرت قرارها (194) الذي تضمن وجوب تمكين اللاجئين من العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم والتعويض على من لا يرغب بالعودة. وهكذا بقيت الجمعية العامة طوال عشرين عاما تنظر إلى قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه على أنها مشكلة لاجئين. وأول مرة ظهر مفهوم الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في الدورة 24 للجمعية العامة في قرارها الرقم 2535 في 10/12/1969, فقد ورد فيه أن الجمعية العامة (تؤكد من جديد حقوق شعب فلسطين الثابتة).
إن نعت الحقوق بأنها (ثابتة) ترجمة درج استعمالها للكلمة الإنجليزية والفرنسية insttenable التي تعني حرفيا (غير قابلة للتصرف) وهي تلك الحقوق التي لا يجوز التنازل عنها أو إنهاء العمل بها على أي نحو آخر أو إعمالها بغير ما هي عليه وهي نتيجة لذلك ذات قوة وديمومة مطلقة. وتقدمت الجمعية العامة خطوة أخرى في العام 1970 حينما أعلنت في قرارها 2672 (د-25) بتاريخ 8/12/1979 أنها:
وكررت الجمعية العامة هذه المفاهيم في قرارات أصدرتها أعوام 1971و 1973 وأضافت إليها ما يزيد ها قوة فكان الاهتمام المتعاظم لجمعية العامة حينما عبرت في قرارها (2972 (د-26) بتاريخ 6/12/1971 عن قلقها العظيم لعدم السماح لشعب فلسطين بالتمتع بحقوقه الثابتة وبحقه في تقرير المصير. وزادت الجمعية العامة الأمر وضوحا وتحديدا في قرارها 30089 (د-28) في 7/12/1973 إذ أكدت من جديد أن لشعب فلسطين الحق في حقوق متساوية. وفي حق تقرير المصير وفقا لميثاق الأمم المتحدة وأعربت عن قلقها الشديد لان إسرائيل قد حرمت شعب فلسطين التمتع بحقوقه الثابتة وممارسة حقه في تقرير المصير.
ومن أهم القرارات التي صدرت عن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة القرار 3236/د-29 في 22/11/1974 والذي أصبح وثيقة تاريخية قانونية سياسية. والمحور السياسي القانوني لنضال الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية. وغداً السند والمرجع لمختلف القرارات التي صدرت عن الجمعية العامة والمنظمات الدولية الأخرى. وعن مؤتمرات حركة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الوحدة الأفريقية وغيرها.
ففي هذا القرار حددت الجمعية العامة حقوق الشعب الفلسطيني،وبأصولها وفروعها في الفقرات التنفيذية الخمس الأولى من القرار على النحو التالي:
فللشعب الفلسطيني خلافا لحق تقرير المصير حقوق ثابتة أخرى وهي للذكر لا للحصر:
الحق في إقامة علاقات رسمية مع أشخاص القانون الدولي. وقد تمثلت ممارسة هذا الحق باعتراف عدد كبير من الدول بمنظمة التحرير الفلسطينية وبالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني. وقد قبلت هذه الدول بافتتاح منظمة التحرير مكاتب لها في عواصمها ومنحت العاملين في هذه المكاتب الحصانات الدبلوماسية وعاملتهم كما تعامل ممثلي الدول المستقلة ذات السيادة وهو تطور جديد في قواعد القانون الدولي