مقالات

وبعد عناء.. وجدت تفسيراً منطقياً لتصرفات رئيس الولايات المتحدة الأمريكية!

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

بايدن هو كائن فضائي هبط إلينا من كوكب المريخ.

خلال الأسابيع الماضية، تمكّن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من المراوحة بين وصف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالقاتل. ثم اتصل به على الفور، مؤكّداً على استعداده للتعاون، ودعاه إلى قمة المناخ، وعرض عليه لقاء شخصياً بغية السعي لإيجاد أرضية مشتركة. بعد ذلك مباشرة، طردت واشنطن 10 دبلوماسيين روس، وفرضت عقوبات جديدة على روسيا بذرائع مختلقة. ثم عاد بايدن وصرّح بأنه لا يسعى لتصعيد التوتر مع روسيا، وأنه يجب على روسيا والولايات المتحدة الأمريكية العمل معاً، لكنه في الوقت نفسه وعد بفرض عقوبات جديدة عليها.

لن يكون من المبالغة القول إن القيادة الروسية تتلقى هذه المعلومات بدرجة كبيرة من الحيرة، حيث تحاول فهم ما إذا كان من الممكن التعامل مع هذه التصريحات والإجراءات لواشنطن على محمل الجد، وهل حان وقت الضغط على زر الهجوم النووي على الولايات المتحدة الأمريكية، أم أن عليها متابعة عروض السيرك، والاسترخاء، والاستمتاع والانفجار بالضحك من القلب…

في روسيا، ظهر العديد من الروايات لتفسير ما يحدث. منها ما يعتقد أن العجوز بايدن ليس بالضعف الذي ربما يبدو عليه، ولكنه حين يتأتّى له الهرب من الممرضة التي تعتني به، يختطف الهاتف، ويقوم بالاتصال بجميع الأرقام في دفتر الهاتف الذي ورثه عن ترامب. يرى متخصصون آخرون في الشأن الأمريكي أنها علامات على صراع بين الأجنحة في الفريق الحاكم للرئيس هاريس، حيث يقول هؤلاء إن جون كاري من جناح الحمائم لا يكاد يمارس ضغوطه من أجل عودة المسار الأمريكي إلى ما يمكن وصفه بالاتزان العقلاني، حتى ينقض عليه بلينكن من جناح الصقور على الفور، ليتحوّل المسار نحو الحرب. حتى أن البعض يعدّون أربعة أجنحة على هذا النحو..

Video Player

 

أضحك جانباً من كل هذه الروايات، إلا أنني تمكنت، وبعد عناء شديد، من العثور على التفسير الوحيد الصحيح والمنطقي تماماً لأداء جو بايدن غير المسبوق.

في تسعينيات القرن الماضي، أنتجت هوليوود تحفة فنية تحمل عنوان “هجوم المريخ”، حيث خرج سكان كوكب المريخ الأشرار إلى من قابلوهم من سكان كوكب الأرض بكلمات “جئنا بالسلام”، ثم أخذوا يدمّرون كل من قابلهم. تكرّرت هذه القصة بكلمات السلام ثم الدمار اللاحق عدة مرات، لأن المساكين من أهل الأرض كانوا حريصين دائماً على تصديق كلمات أهل المريخ، وكانوا يأملون أن تكون هذه الإبادة الجماعية مجرد سوء فهمٍ، أو خطأٍ غير متعمّد.

Video Player

  • في الفيديو أعلاه، وإذا تابعت ما يحدث في الدقيقة 1:45، ستجد سكان المريخ يقلون سياسياً أمريكياً يشبه للغاية الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية.. بل إنني لا أستبعد أن يكون هناك من استبدل جو بايدن بنظام “أندرويد” في مختبرات المريخ السرّية في وقت ما من تسعينيات القرن الماضي…

لكن، وإذا تحدثنا جديّاً، ما الذي يمكن أن يكون عليه رد فعل روسيا على كل هذا السيرك؟

أعتقد أن القيادة الروسية لديها رغبة كبيرة في الخضوع لنفس الإغراء، الذي تسبب في مقتل سكان الأرض السذّج في الفيلم المذكور، إغراء الاعتقاد بإمكانية السلام مع المعتدين بالفطرة، لكن وقت الأوهام قد ولّى.

فالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، يتعلق تدمير روسيا والصين بقضية البقاء على قيد الحياة. ونحن نرى أن الولايات المتحدة قد شرعت بهمة نحو مسار المواجهة مع روسيا، باستخدام خطين رئيسيين: محاولة زعزعة استقرار الوضع الداخلي باستخدام المعارض الروسي، نافالني، وفيلمه عن قصر بوتين المزعوم، وإثارة صراعات عسكرية على الحدود مع روسيا. فشلت خطة نافالني، ومحاولة جرّ روسيا إلى الحرب بين أذربيجان وأرمينيا. ومع نفاد الوقت، يعكس السيرك حول روسيا بشكل كامل الفوضى المتزايدة ليس فقط في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، وإنما أيضاً في السياسة الداخلية. فالنخبة الأمريكية تفقد قدرتها على إدارة الأحداث، وها هي واشنطن مستعدة الآن لطرح ورقتها الرئيسية الرابحة: أوكرانيا.

أعتقد أن موسكو لم يعد لديها أي أوهام حول إمكانية الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية، إن وجدت بالأساس. أعتقد أن الولايات المتحدة قد أعلنت الحرب، وسوف تقبل روسيا هذا التحدّي.

سوف تجري خلال الأسابيع المقبلة مناورات عسكرية واسعة النطاق للناتو في أوروبا الشرقية ومنطقة البحر الأسود. ووفقاً لوزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، فقد تم نشر جيشين و3 تشكيلات عسكرية محمولة جواً على الحدود الغربية لروسيا لمواجهة أي تهديد محتمل. أي أن هناك، وفقاً للخبراء، زهاء 200 ألف جندي في تلك المنطقة. وإذا ما ارتكبت الولايات المتحدة الأمريكية أي عدوان بمخلب أوكرانيا، فسترد روسيا بالتأكيد، ليبقى بعد ذلك السؤال عمّا إذا كان ذلك التصعيد سيتطور إلى حرب مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية أم لا. لا أرى سوى طريقة واحدة فقط كي تدرك الولايات المتحدة الأمريكية حقيقة بسيطة وهي أن روسيا ليست أفغانستان أو يوغوسلافيا وهي استخدام الأسلحة النووية في إحدى مراحل الحرب. أخشى أن هذا قد أصبح مرجّحاً أكثر من أي وقت مضى، وربما أصبح أمراً لا مفر منه.

لكن لا ينبغي أن تكون لدى العالم أوهام حول البادئ في هذا الصراع.

 

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق