مع أن القرار الذي اتخذته، رئيسة الوزراء الدنماركية، ميتي فريدريكسن، نحو الذهاب إلى اسرائيل لحصول الدنمارك على لقاحات كوفيد 19 وتوثيق التعاون الصحي مع الدولة العبرية، أسعد المسؤولين في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في الدنمارك، فأن غالبية الاحزاب السياسية الدنماركية بما فيها الاحزاب الداعمة للحكومة، لم يرحبوا بتلك الزيارة، التي أثارت في رأيهم جدلا واسعا في أوساط المجتمع الدنماركي وبالخصوص الاوساط الداعمة للقضية الفلسطينية وشعب فلسطين، باعتبار أنها جاءت على حساب التضامن الانساني مع الشعب الفلسطيني وقضية العادلة، وداعمة لحكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يعاني من عزلة سياسية على المستويين الداخلي والخارجي بسبب سياساته الطائشة والخاطئة وقتل الابرياء من الفلسطينيين الذين يطالبون باستعادة كامل أراضيهم المسلوبة واعلان دولتهم المستقلة، ويقود الآن حملة انتخابية نشطة تسبق الانتخابات العامة الاسرائيلية المقررة في أواخر آذار/ مارس الجاري، ويحتاج خلالها لداعمين رئيسيين، فرئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن وحزبها الحاكم يرون أن الزيارة قد توفر فرصة مناسبة لحصول الدنمارك على “اللقاحات الناجحة” في اسرائيل لمكافحة وباء كورونا الفتاك، مما قد يساعد البلاد على كبح جماح هذا المرض الخطير الذي الم بها منذ أكثر من عام من الزمن، وتفادي انتشارة بين المواطنين بشكل موسع. فيما يقول المعارضون لتلك الزيارة، بأن قرار رئيسة الوزراء بتنظيم الزيارة غير المرحبة من جانبهم، قد جاء على حساب مبدأ التضامن الانساني المعهود من الدنماركيين مع قضايا شعب فلسطين، التي تحتلها اسرائيل بفرض القوة وتعمل على إبادة شعبها، بشتى الوسائل، كما أنها في نفس الوقت، تعتبر بمثابة خيانة لمبادىء العقيدة اليسارية للحزب الاشتراكي الديمقراطي وجهوده الرامية للتضامن الاممي مع قضايا الشعوب المضطهدة والمسحوقه، ولكن مع أن رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن، اعتبرت أن اسرائيل هي الدولة الرائدة في العالم على صعيد انتاج اللقاحات ضد كوفيد 19، وانها تعطي لزيارتها أولوية قصوى باعتبار أن اسرائيل هي الرائدة، وتأمل في أن تجعل من هذه الزيارة بادرة تعاون استراتيجي مهم بين الدولة العبرية والدنمارك، وهذا مطلوب في المرحلة الحرجة الحالية ـ بحسب ـ رئيسة الوزراء في مؤتمرها الصحفي الذي عقد في مقر الحكومة في 3 آذار/ مارس 2021، ولذلك تمت هذه الزيارة، فأن الاحزاب السياسية في البرلمان الدنماركي، رأت، بأن الاولوية القصوى في هذا الشأن يجب أن لا تتم بهذه الطريقة العرجاء التي نظمت فيها هذه الزيارة غير الملحة، وذات الاهداف المكشوفة والمقصودة، بل بضرورة السير قدما في المفاوضات المعقودة بين الحكومة والاحزاب السياسية ذات الشأن بمعالجة الازمة الصحية وتداعياتها المستمرة، وضرورة اعادة فتح الدنمارك بعد التراجعات الطفيفة في نسب الاصابات بالمرض والعدوى، وليس باللجوء إلى الطبيب المعالج الاسرائيلي، الذي لم يحترم حقوق المواطنين الفلسطينيين في العلاج الصحي، وفشل في توزيع اللقاحات الطبية على قرابة خمسة ملايين انسان يعيشون داخل الاراضي المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي بسببها تعرضت اسرائيل للانتقادات الحادة من قبل منظمات حقوق الانسان الدولية لكونها استبعدت الشعب الفلسطيني المسلوبة جميع حقوقه في ارضه، من الحصول على هذه اللقاحات، واعطاء الاولوية للاسرائيليين على حسابهم، وذلك ومن دون أي شفقة أو رحمة . وفي العموم، فأن غالبية أحزاب المعارضة في البرلمان الدنماركي بما فيهم الاحزاب الداعمة للحكومة، قد صرحت سواء من داخل قبة البرلمان، أو من خلال وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بأن رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن، قد جرحت مشاعر الفلسطينيين بتلك الزيارة ولم تقيم لهم أي وزن في ميزان الانسانية، كما تجاهلت المفاوضات التي كانت مقررة لاعادة فتح الدنمارك بحسب المراحل التدريجية، وخاطرت بأن تصبح جزاء من الحملة الدعائية لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يسعى الآن للنجاح وتحقيق الفوز في الانتخابات الاسرائيلية المقبلة، وهو أمر لايمكن استيعابه أو تبريره مطلقا، كما لا يمكن تقبله من غالبية الشعب الدنماركي، الذي ظل على امتداد قرون يتفاخر عاليا برفع شعار التضامن الاممي، ودعم ومساندة الضعفاء والمضطهدين والمسلوبة إراداتهم وحقوقهم المشروعة والمكفولة في جميع القوانين الوطنية والاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة بالحريات الديمقراطية وحقوق الانسان، واختيار الانظمة السياسية التي يريدونها والتي يتطلعون إليها. هاني الريس 4 آذار/ مارس 2021